الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

زين ربيع شحاتة يكتب: مدة الرئاسة حسمها التاريخ قبل الدستور

صدى البلد

بعيدًا عن المساومات والاتهامات بالتملق لكل صوت أو قلم يتحدث عن مد فترة الرئاسة أو فتح عددها فلكل صاحب رأى مرجعيته وأهدافه ، وينجى منها كل من حاول الاستعانة بالحقائق مع تعليق التفضيلات الأخلاقية والأيديولوجية والأهواء حفاظًا على ثوب التحليل المنطقى للوقائع خالٍ من الثقوب والعيوب. 

وعندما أثرت الكتابة فى هذا الموضوع المتعلق بفترة الرئاسة لحكم مصر وبخاصة رئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي كونها رئاسة فارقة فى تاريخ مصر الحديث لم أتردد ليس فقط كونى بعيدًا من شبهة التملق فحسب بل لأننى اطلعت على بعض الحقائق التاريخية التى تلمست من خلالها الخطر استنادًا للقاعدة التاريخية التى تؤكد أن الماضى مفتاح المستقبل. 

ورأيت أن حكم مصر لا يضاهيه حكم على الأرض فمنذ خلق الله هذه الأرض وهى قبلة كل محتل وطامع وغازى وبالنظر إلى الفتح العثمانى الذى قال عنه عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين (لو أن الله عصمنا الفتح العثمانى لأستمر اتصالنا بأوروبا ولشاركناها فى نهضتها، ولسلكنا معها إلى الحياة الحديثة نفس الطرق التى سلكتها ولتغير وجه العالم). 

لا أدرى كيف يستعيذ منه مفكرنا ويستخدم لفظ فتح لا غزو أو احتلال؟ المسمى ليس موضوع مقالنا، ولكننى رأيت فى كلمة الدكتور طه حسين مفتاح هام للدخول إلى هذه الفترة والإطلاع على أهم ملامحها التى كانت سبب فى تأخر الدولة المصرية فأول ما وجدت وجدت أن المماليك الذين حكموا مصر بعد وفاة الملك الصالح أخر ملوك الدولة الأيوبية هم الأتراك الذين أشتراهم الملك الصالح وأقام لهم مساكنهم فى جزيرة الروضة أو منطقة المانيل حاليًا وقفزوا على حكم مصر بعد وفاته ومن بعدهم مماليك الشراكسة أو مماليك البرجية الذين اشتراهم المماليك الأتراك لخدمتهم بعدها قفزوا على الحكم. 

وتأكد لى بما لا يضع مجالًا للشك أن من حكم مصر حتى فى فترات احتلالها وحكمها بعيدًا عن إرادة الشعب كان حكمه مقيدًا بالعدل فلا إستقامة لحكم مصر من دون العدل ، وبالعودة إلى الحكم العثمانى وجدت أن السلطان "سليم الأول" دخل مصر بعد عدة محاولات انتهت بدخول القاهرة وقتل حاكمها "طومان باى" الذى أُرغم على الحكم من قادة الجيش و الأعيان بعد أن فسدت أحوال البلاد فى عهد عمه "قنسو الغورى" ، وما أن بدأ فى الإصلاح وإعادة البناء حتى وصلته رسالة الإذلال و الخضوع التى أرسلها له السلطان "سليم الأول" قبيل غزو مصر ، وقبيل أن يعيش فى القاهرة عدة أشهر أهتم خلالها بجمع التحف و الرخام من منازل الأمراء والأعيان و الديوان الكبير بالقلعة وعاد إلى الأستانة محملًا بالهدايا و التحف و الكتب النفيسة التى كانت داخل المدارس ، واضعًا نظام حكم لمصر يضمن عدم تمردها وعدم تقدمها مستعينًا فيه بمن خانوا المماليك الشراكسة "خيربك" أول والى لمصر ، وأهل جنسه من المماليك الأتراك الذين تم تعيينهم أمراء للأقاليم أو "البكوات" ثم جاء خليفته السلطان "سليمان القانونى" الذى شدد من قبضته لمصر وعمد على تقصير مدة حكم كل حاكم يظهر على يده بوادر بناء أو نهضة للدولة المصرية ومنهم عزل "إبراهيم باشا الفرنجى" المحب للإصلاح و النظام وتعيين "سليمان باشا الخادم" و عزل "على باشا" الذى أحبه المصريين و أنزلوه منزلة الأب وعين بدلًا منه "محمد باشا" الذى يبغضونه ، وبعيدًا عن النهب والسرقة الذى سادت فترة الحكم العثمانى الذى تستر تحت عبائة الدين والخلافة. 

رأيت أن كل حاكم لمصر يتصدر حكمه إصلاح وبناء يواجه مواجهة مستميته لتقليل فترة حكمه ، و اليوم نحن فى عهد إصلاح وبناء فلتذهب ديمقراطيات الغرب وإملاءاته للجحيم، فالأمر اليوم بيد الشعب لا بيد سلطان الأستانة الذى دخل القاهرة سابحًا على دماء المسلمين سواء كانوا من أبناء الأصول كالمصريين أو كمماليك كالأتراك و الشراكسة ، فمصر اليوم فى مرحلة فارقة سياسيًا واقتصاديًا تحتاج إلى القيادة التى تخطو بالشعب خطوات نحو المستقبل فى زمن تقتلع فيه الأوطان و يسلب مستقبلها.