الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قصة أول جريمة اغتيال سياسي في تاريخ مصر الحديث.. وعلاقتها بأغنية قولوا لعين الشمس ما تحماشي

صدى البلد

في بدايات القرن العشرين اتخذت حكومة بطرس باشا غالي قرارا بمد امتياز قناة السويس إلى أربعين عاما أخرى، وذلك بهدف مقابل مادي للحكومة المصرية، كان ذلك تحديدا في عام 1908، وقتها استطاع محمد فريد زعيم الحزب الوطني بعد مصطفى كامل أن يحصل على نسخة من مشروع القانون وقام بنشرها في جريدة "اللواء"، وبدأت حملة من الحركة الوطنية وعلى رأسها الحزب الوطني في تعبئة المصريين ضد هذا القانون.

وكان إعطاء الامتياز يعني أن تترك الشركة القناة للمصريين سنة 2008، وطالبت الحركة الوطنية بعرض مشروع هذا القانون على الجمعية العمومية لأخذ رأيها فيه، وكان معنى ذلك هو حشد الأمة المصرية ضد هذا القانون، وقد وافق الخديوي عباس حلمي على ذلك، وتم تحديد يوم 10 فبراير 1910م لانعقاد الجمعية العمومية لمناقشة المشروع.


بداية الاغتيال

وأثناء عرض حكومة بطرس غالي صفقة قناة السويس على الجمعية العمومية لمجلس النواب، دار نقاش عنيف بين النواب من ناحية وبطرس غالي من ناحية أخرى، والذي هدد الأعضاء الذين عارضوا المشروع واحتد عليهم، وكان من ضمن الحضور في الجلسة صيدلي مصري يُدعى إبراهيم الورداني الذي خرج ناقما على بطرس غالي عازما على قتله، حيث كان الورداني شابا حماسيا وعصبي المزاج شديد الانفعال وفي دراسته في أوروبا تعرف على جماعة سياسية كانت تؤمن بفكرة الهدم لإعادة البناء بمعنى أن الحل فى أي نظام ليس إصلاحه، ولكن العمل على هدمه لإعادة بناء نظام جديد مرة أخرى على أسس صحيحة.


وبعد عودته لمصر أصبح الورداني مؤمنا بمبادئ الحزب الوطنى المناوئ للخديو عباس، وكان صاحب نشاط في أعمال الحزب إبان الحركة الوطنية، كما مارس مهنة الصحافة ككاتب مقال في صحيفة "اللواء" التي أصدرها مصطفى كامل في العام 1900، وأيضا في صحيفة "المؤيد".


أفكار الورداني

ورأي الورداني أن بطرس باشا غالي خائن ويستحق القتل لأنه وقع مع المعتمد البريطاني اللورد كرومر على اتفاقية الحكم المشترك للسودان بين مصر وبريطانيا، والتي كانت تعني فعليا انفصال السودان عن مصر للأبد، كما ترأس بطرس غالي محكمة دنشواي، التي أصدرت أحكاما بالإعدام على أهالي دنشواي، كما أن بطرس غالي لعب دورا في مشروع مد امتياز قناة السويس لمدة 40 عاما.


اغتيال بطرس غالي

وعند خروج بطرس غالي من مكتبه في الواحدة ظهر يوم 20 فبراير 1910م، وكان يرافقه كل من حسين باشا رشدي، وزير الحقانية، وفتحي باشا زغلول وكيلها وعبد الخالق ثروت، النائب العمومي، وما إن هم بطرس غالي بدخول سيارة رئاسة الوزراء حتى أطلق عليه الورداني 6 رصاصات، وأمسك الحراس به، ونُقل بطرس غالي للمستشفى، وهناك أجروا له عملية جراحية استغرقت ساعة ونصف الساعة، ولكنه فارق الحياة في نفس اليوم.


وبدأ النائب العمومي في استجواب الورداني والذي كان يبلغ من العمر حينها 24 عاما، والذي تحلي برباطة جأش أثناء التحقيق في قسم الموسكي وعندما سئل عن سبب اغتياله لبطرس غالي أجاب: لأنه خائن للوطن.


إعدام الورداني

وصدر الحكم بالإعدام عليه، ولكن محاميه تقدم بطعن علي الحكم وقام عامة الناس بجمع توقيعات على عريضة لوقف تنفيذ الحكم، وقدمت كثير من سفارات العالم وقنصلياتها بالإسكندرية طلبات لوقف تنفيذ الحكم باءت جميعها بالفشل، وأصرت إنجلترا على تنفيذ الحكم على الورداني، وتم تنفيذ حكم الإعدام يوم 28 يونيو 1910م، وكانت آخر كلماته "الله أكبر الذي يمنح الحرية والاستقلال".


تعاطف شعبي

وقتها لاقى إبراهيم الورداني تعاطفا من الرأي العام المصري، وأسموه "غزال البر"، حتى أن الحكومة أصدرت قرارا يحرم على أي مصري الاحتفاظ بصورته، وبعد صدور الحكم بإعدامه احتشدت الجماهير الغاضبة معلنةً رفضها الحكم، وكانت ليلة إعدامه ليلة حزينة على كل المصريين، وردد البعض الأغنية العميقة والضاربة فى عمق الوجدان المصرى: "قولوا لعين الشمس ما تحماشى.. لاحسن غزال البر- أى الوردانى- صابح ماشى".