الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سوريا بالملعب وفلسطين في القلب.. كيف استقبل مزدوجو الجنسية مباراة الدولتين بكأس آسيا؟

سوريا وفلسطين
سوريا وفلسطين

مشاعر مختلطة ومرتبكة، سيطرت على "آية طروية"، أثناء مشاهدتها مباراة كرة القدم بين منتخبي سوريا وفلسطين السبت، في كأس أمم آسيا 2019، المقامة في دولة الإمارات العربية المتحدة.

آية، فلسطينية سورية، تقيم في حماة، ومعها إقامة مؤقتة، جاء جدها إلى سوريا، ضمن آلاف الشعب الفلسطيني الذين لجأوا من فلسطين إلى سوريا بعد نكبة 1948، لاحقًا، أصبح يطلق عليهم فلسطينيو سوريا.

" شجعت سوريا، لأن من زمان بشجع المنتخب السوري، لما بسمع أغاني سوريا الوطنية والنشيد السوري ما بقدر ما أتمنى لهم الفوز، السوريون هم من شاركوني طفولتي و مقاعد الدراسة، الذكريات، وبرامج الأطفال(كان ياما كان،البؤساء، غدًا نلتقي)، عايشنا نفس الظروف و الحرب أنهكت الكل، فصرنا كما الغريق يتعلق بقشة أمل، وبصراحة كنت هزعل لو فلسطين خسرت، لأن ما بقي حدا ما استقوى على فلسطين".

بهذه الكلمات لخصت آية حالتها، وأبرزت الانتماء المزدوج في شخصيتها، كونها فلسطينية سورية، ولدت بسوريا، محملة بالأوضاع السياسية والاجتماعية التي لحقت باللاجئين الفلسطينيين إلى سوريا، وأبنائهم من بعدهم.


تعيش آية حياة السوريين، ألفت عاداتهم وتقاليدهم المختلفة عن الفلسطينيين " لهجتي سورية وعاداتي سورية، وحتى المطبخ بتاعي سوري، وعيشتي مع السوريين"، لكنها مع ذلك تعيش بقلب نصفه سوري والآخر فلسطيني " أنا ما صرت حتى الآن من السوريين، لكن قريبة الهم أكثر من الشعب الفلسطيني، فمشاعري كثير مختلطة".

أثناء متابعة المباراة، تمنت آية فوز المنتخب السوري " يعني بدي البلد تستفاد والناس تفرح"، لكنها مع ذلك ترى أن انتهاء نتيجة المباراة بين المنتخبين بالتعادل " مرضية نوعًا ما، وغير مرضية لأن صار صعب".

انعكست الجنسية المزدوجة وحياة الشتات التي تعيشها "آية" على حديثها وإجاباتها، صارت الإجابات محيرة، فتارة تنحاز للمنتخب السوري، وتعرف أسماء لاعبيه جيدًا، بخلاف المنتخب الفلسطيني الذي ينحدر بعض لاعبيه من دولة تشيلي حيث المهجرين الفلسطينيين منذ القرن الماضي، فلا تعرف أسماءهم، وتارة أخرى لا تخفي تعاطفًا مع اللاعبين والشعب الفلسطيني بسبب "الظروف الصعبة" التي يمرون بها تحت وطأة الاحتلال.

عدوى الحيرة التي تملكت "آية طروية" أصابت مواقع التواصل الاجتماعي عند الفلسطينيين السوريين، تناقشوا فيما بينهم واختلفوا، ولكنهم اجتمعوا على حب الفريقين، عبدو أبو نور واحد من الفلسطينيين السوريين، قال "سألوني كتير مين راح تشجع، وانت فلسطيني سوري. قلتلهم باختصار، سورية القلب وفلسطين النبضات، نحن بنشجع اللعب الحلو وما بتفرقنا الرياضة راح تضل سوريا قلب العروبة النابض وفلسطين قضيتها المركزية".

وفيما تعبتر "طروية" أن قلبها مشتت بين الفريقين، شبهت إحدى الصفحات المهتمة بالمخيمات الفلسطينية في سوريا على فيسبوك المباراة كمن يسأل آخر" بتحب أبوك أكثر ولا أمك، لكن بحب الاثنين ومع الاثنين".


الدعابة أيضًا كانت حاضرة في حديث "طروية" وحديث مواقع التواصل، إلى حد وصف البعض للمباراة بـ "المعاناة" على سبيل المزاح، بالنسبة للسوري الفلسطيني، فهو غير متخوف من فكرة تسجيل الهدف لأي فريق " سواء لينا أو علينا المهم جول"، كما عبرت إحدى الصفحات الساخرة على المباراة.

وتختتم آية حديثها بأنه بالرغم من بعدها عن فلسطين، وعدم اهتمامها بالقضايا الفلسطينية مثل أهلها في مخيمات اللجوء الفلسطينية في سوريا، إلا أن مشاعرها لا زالت تذكرها بنصفها الفلسطيني وأجدادها الفلسطينيين.

آية طروية واحدة من الفلسطينيين الذين يشكلون جزءًا كبيرًا من المجتمع السوري، ويتجاوز عددهم 500 ألف نسمة، ويحملون وثائق سفر خاصة بهم، وأماكن تمركزهم في مخيم اليرموك في دمشق وبعض المخيمات والأماكن المجاورة في دمشق وحلب وحماة، ويتحدث البعض منهم اللهجة السورية، فيما يتشبث البعض الآخر باللهجة الفلسطينية، ويخضعون لنفس الواجبات التي يخضع لها السوريون كالخدمة العسكرية والضرائب، ومع ذلك فهم في عرف القانون السوري غير سوريين.