الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نسرين حجاج تكتب : حتى يغيروا ما بأنفسهم

صدى البلد

عام جديد أهل علينا وتفاءل من تفاءل واكتأب من اكتأب ولكن من المؤكد أنها ورقة شجر سقطت من شجرة حياتنا فدعونا نعيش ما تبقى من عمرنا فى هدوء وسلام نفسى ونرصد بعض الظواهر .
كل عام وأقباط مصر المحروسة بألف خير وأمان
كل عام والمشاريع الجديدة تنبض بروح الأمل .

مؤخرا أزعجنى وجود بعض السلبيات فى المجتمع حتى أصبحت ظواهر عامة وغريبة ظهرت وطافت على سطح المجتمع المصرى بشكل ملفت وأهمها ظاهرة "عدم الرضا" وهى توجد فى الأطفال وحتى فئة كبار العمر فالزوجة فى المنزل غير راضية والزوج غير راضى والأبناء غير راضيين والجيران غير راضيين والموظف غير راضى والمدير غير راضى ما كل هذا .

هناك خلل ما حدث فى المجتمع لتطفوا هذه الظاهرة بهذا الشكل الذى أحبط الجميع وجعل منهم بؤر للطاقات السلبية التى لا تجتذب غير كل سئ وأخبار مزعجة .

وأيضا ظاهرة "التباهى" بكل ماهو غالى حتى ولو كانت إمكانياتنا المادية ودخلنا أقل بكثير فتجد من يكون دخله ٥ ويصرف ١٠ فقط ليتباهى "بالبراند" ولكى نكمل منظومة المظاهر التى دخلنا دائرتها.

وظاهرة "التباهى بالجهل" وبكل فخر تجد مجموعة من الشباب يمزحون على المفردات الأدبية والمصطلحات الثقافية على أيامنا هذا كان يسمى جهل "فإذا بليتم فاستتروا" الأية أصبحت معكوسة المثقف أصبح مادة للمزح الآن.

وظاهرة "النقد" أنا أعترض إذا أنا موجود النقد البناء مهم جدا مادام فى صلب المصلحة العامة وانا معه ومن مؤيديه ولكن له شروط ومعاييره الإلمام الجيد بما سأتحدث عنه وأنتقده والإحترام فى توصيل المعلومة بهدوء وبشكل لا يجرح من تنتقده وعدم الإنصات للشائعات فيجب التأكد من مصادر المعلومات .

وظاهرة "التقليد" الأعمى لكل ما يظهر فى التليفزيون سواء أفلام أو مسلسلات قصة شعر بنطلون "مقطوع" أم بدون زواج وكأن مجتمعاتنا تحولت لأوروبا مع العلم أن من صدر لنا بأن الأوروبيون منفتحون زيادة عن اللزوم كان مخادع فهذه صورة مغايرة للواقع هناك مستويات وهناك عائلات تقبل بالانفتاح وأخرى ملتزمه جدا ومحافظة.

على الفور اتصلت بدكتورة علم الإجتماع ا.د عزة فتحى أستاذ مناهج علم الاجتماع بجامعة عين شمس وطرحت عليها سؤالا ماذا حدث لمجتمعنا المصرى ولماذا تغيرنا ؟
فأجابتنى الدكتورة وقالت:

بدأ تجريف قيم الشخصية المصرية منذ السبعينات بعد الإنفتاح الاقتصادى...وعمل عدد كبير من المصريين فى دول الخليج وسيادة قيم الإستهلاك الترفى وعدم الرضى وشيوع مصطلح "إلى معاه قرش يساوى قرش" فى المقابل تم إهمال التعليم فلم نعد ندرس التربية الدينية بما يعزز القيم والسلوكيات الصحيحة إضافة إلى دور الدراما الذى ساعد على نشر القيم السلبية فى المجتمع وإعلاء قيمة المال والغنى حتى لو بطرق غير مشروعة والفهلوة وضعف دور المؤسسات الثقافية..وزاد الطين بلة أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١ وانقلاب المجتمع المصرى رأسا على عقب وخروج أسوأ ما فيه مع إستمرار ضعف التعليم والثقافة ومايصدره الإعلام من إتجاهات سلبية وضعف دور الأسرة وإنبهار الناس بوسائل التواصل الاجتماعى التى أصبحت المسيطرة على العقول إضافة إلى جماعات الرفاق أى "الشلة".

إنتهى إتصالى بالدكتورة وسافرت بخيالى إلى "زمان وأيام زمان"
تذكرت جيلنا المحظوظ الذى تربى على مسلسلات عظيمة تملأنا قيم ومبادئ مثل "أبوالعلا البشرى ، والشهد والدموع ، وغدا تتفتح الزهور ، ودموع فى عيون وقحة ، وهند والدكتور نعمان ، وسنبل ، وليالى الحلمية ، ورأفت الهجان ، والعائلة وعائلة ونيس ووو.... إلخ.

كل هذه الأعمال الجميلة التى رسمت الخطوط التمهيدية لهويتنا المصرية أين الأجيال الحالية من هذه المثالية والصفات والسمات الجميلة التى شارك المجتمع بأكمله فى رسمها من صناع الدراما العظماء إلى عظماء ماسبيرو وأخجل من ذكر إسم قبل إسم فكلهن فضليات أجلهن وأقدرهن وأحمل لهن مشاعر جليلة فهن من شكلوا الوعى الثقافى منذ الصغر.
 
المجتمع ككل كان متلاحم ومترابط كل فى عمله وكل يتقن عمله.
أتمنى من المجتمع أن يتضافر من جديد ويكتب بداية جديدة لترجع الأم إلى دورها الأساسى كمربية أجيال ويعود الأب إلى دوره الأساسى رجل البيت المسؤول مسؤولية كاملة عن الأسرة ويجعل ذمته المالية منفصلة عن ذمة زوجته المالية ويعود المدرس إلى سابق عهده يعلم ويبحث على مصادر المعرفة المختلفة ويثقف نفسه ويرجع رجل الشرطة قدوة للأجيال الصغيرة ويعود الفلاح إلى حقله ويحضر الندوات التوعوية التى تثقفه وتحفزه على الإنتاج ويعود رجل الدين للمسجد ويترك برامج المناظرات ويترك السياسة ويعود الإعلامى لمكانه فى التليفزيون ويترك التمثيل وتعود الممثلات للشاشات الصغيرة وللمسلسلات ويتركوا تقديم البرامج كل إلى مجاله يعود .
من هنا يعود الرضا مرة أخرى لانه خرج ولم يعد عندما اختلفت الأدوار .

يجب على المجتمع ان يطور نفسه وينغمس ضمن مؤسسات تدعم الحياة المجتمعية هكذا تحدث النهضة المجتمعية .

أما تمللتم من المسخرة اليومية على الرؤساء والوزراء وإتحاد الكرة وعلى القوانين وعلى المحليات وعلى السيدات وعلى الرجال وعلى السمينة وعلى النحيفة وعلى الغنى والفقير والصعيدى والمنوفى والمثقف والمتفوق والغبى واصحاب البشرة السوداء ....إلخ
حياتنا اليومية أصبحت فى إطار "النقد والتريقة" على خلق الله ...

إذا الله إبتلاك إرضى بمشيئته وقدره فهذا سر الحياة الرضا .. فالرضا يفتح أبواب الرزق ويجعلنا فى راحة نفسية مستديمة فاحمدوا الله على النعم ف بالشكر تدوم النعم.

أعجبتنى مقولة إنتشرت على وسائل السوشيال ميديا فى نهاية ٢٠١٨ وهى "الحكاية مش حكاية ٢٠١٨ ولا ٢٠١٩ الحكاية حكاية إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. 
فمتى سنغير ما بأنفسنا ؟