الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

موسوعة تكشف روائع استخدام الأخشاب في العمارة والفنون برشيد.. صور

صدى البلد

كشف د. محمود أحمد درويش أستاذ الآثار الإسلامية بقسم الآثار بكلية الآداب جامعة المنيا، أن عمائر رشيد تميزت بالثراء الفني خاصة في الأشغال الخشبية، وكانت تجارة رشيد في العصر العثماني خارجية وتشمل الاستيراد والتصدير بين رشيد والموانئ الأوربية والموانئ العثمانية وموانئ إيطاليا والشام والمغرب العربي، وداخلية وتشمل التجارة داخل رشيد ومختلف المدن المصرية.

جاء ذلك في موسوعته عن رشيد الجزء الثالث بعنوان "التحف الخشبية في العصر الإسلامي"، والصادرة عن مؤسسة الأمة العربية للنشر والتوزيع، وجاء فيها أنه كانت المدينة عامرة بالمنشآت التجارية التي تعتبر بمثابة مؤسسات كبيرة تدور فيها حركة البيع والشراء للداخل والخارج، فقد كانت تأتي إليها البضائع من فرنسا وألمانيا والبندقية والولايات التركية، وسوريا وشمال إفريقيا.

وكانت رشيد، مركزًا لتجارة الأخشاب منذ القرن الـ ١٦ الميلادي، حيث كانت ترد إليها السفن محملة بالأخشاب من لبنان وسوريا وأوربا، حيث تفرغ فيها أو تنقل عن طريقها إلى مخازن الأخشاب في بولاق،وكانت الأخشاب تستورد من الخارج على يد الإيطاليين، ثم يقومون بتوزيعها على التجار المصريين من أهالي رشيد الذين كانوا يقومون ببيعها للتجار المصريين في المدن المصرية الأخرى، ويلتزمون بتوريد حصة من هذه الأخشاب إلى الترسانة بالإسكندرية.

وكان لتوفر الأخشاب في مدينة رشيد سواء المحلية أو المستوردة أن ازدهرت حرفة النجارة، وتطورت المصنوعات الخشبية إلى أقصى درجة من التطوير، فقد كانت الأخشاب من المواد الأساسية ذات الأهمية العظمى في أعمال العمارة أو الفنون،وقد استخدمت في العناصر المعمارية بالعمائر كالأبواب والشبابيك والأسقف والأرضيات والأعمدة والسلالم والخزائن والأواوين، إلى جانب العناصر المنقولة كالمنابر والمقاعد وحوامل المصاحف وكراسي القراء وغيرها.

كما أسهم النجارون بنصيب كبير - إلى جانب غيرهم من الفنانين وأصحاب الحرف الأخرى - في إثراء العمائر، وتزويدها بقطع الأثاث المناسبة الأنيقة، التي تكشف عن روح العصر ومدى ما بلغته الحياة من الرخاء والتقدم، وكانت الأخشاب مادة سهلة لتنفيذ الزخارف نظرًا لقابلية تشكيلها وتنفيذ الزخارف عليها بالأساليب المختلفة، التي تنوعت بين الحفر والخرط والتطعيم وغير ذلك من الأساليب الصناعية.

وقد كان الإفراط في استخدام الأخشاب في العمائر المختلفة بمدينة رشيد من العوامل التي أثرت على مباني المدينة من الناحية الجغرافية والاجتماعية، فكان استخدام العناصر المعمارية المنفذة من الخشب كالمشربيات يساعد على الإقلال من الرطوبة أيضا،وتحفظ حرمة أهل البيت من أعين الغرباء، فتستطيع المرأة النظر من خلالها بحرية دون أن يراها أحد.

وقد تعددت العناصر المنفذة بالخشب في العمائر المدنية ومنها النوافذ سواء كانت بالجدران أو بالأسقف، وضمت الشبابيك والمناور والأبواب وفتحات الأسقف بالأدوار العليا،وتنوعت أبواب المنازل والعمائر التجارية الصناعية فمنها الأبواب الداخلية والخارجية، أما الأبواب الخارجية فتشمل الأبواب ذات الخوخات، والأبواب الخالية من الخوخات، وأبواب المخازن والوكالات والطاحونة، إلى جانب أبواب الأسبلة والإسطبلات والحمام.

وحرص المعمار على استخدام الحشوات بالمصاريع خلف الشبابيك المنفذة بالخرط الواسع لحجب من بالداخل، وكذلك بالأدوار العليا والمناور التي حجبت بالخرط الضيق أو ترتفع عن مستوى النظر، ومن هنا كانت الحاجة إلى حجب جميع الحجرات سواء بالدور الأول والأدوار الأخرى.

وانتشر استخدام السلالم في جميع عمائر رشيد على حد سواء ومنها المنازل للوصول إلى الأدوار المختلفة، كانت الأغانيات من العناصر التي انتشرت بجميع المنازل على حد سواء، وقد ضم كل منزل أغانيًا على الأقل واختصت به الحجرات الرئيسية بالأدوار ابتداء من الدور الأول،وتميزت بأنها تشغل واجهة حائط كاملة، ويتوسط كل منها مدخل يؤدي إلى الحجرة وأحيانًا يقع المدخل في طرف الأغاني، وذلك تبعًا لموقع المدخل من الحائط الذي يشغله الأغاني.

ويتكون الأغاني من خزنة تعلوها تركيبة بالخرط تصل إلى السقف أو تمثل حاجزًا فقط، واستخدم الخرط في هذه التراكيب، بينما استخدمت الحشوات المعشقة والمجمعة في الخزائن،وقد خرص المعمار أن تكون الأغانيات موازية لبراطيم الأسقف حيث ترتكز واجهة الأغاني على أحد هذه البراطيم، وفي حالة ما إذا استدعت الضرورة مخالفة هذه القاعدة يقوم المعمار بوضع كمرة تحمل وجه الأغاني.

واستغل المعمار وجود الأغانيات لتنفيذ مدخل منكسر إلى الحجرات، فأصبح الدخول يتم من الباب إلى ردهة صغيرة يبلغ عرضها عرض الأغاني، ثم الانحراف يسارًا أو يمينًا إلى الحجرة، ويكون الانحراف من الدورقاعة ثم إلى ردهة ثم يمينًا في المنازل التي تقع فيها الحجرات الرئيسية على يسار الدورقاعة، أو يكون الانحراف من الدورقاعة يمينًا ثم إلى الردهة ثم يسارًا في المنازل التي تقع فيها الحجرات الرئيسية على يمين الدورقاعة،ووجدت الخزائن الحائطية بالجدران الخالية من الأبواب والشبابيك أو الأغانيات.

وتعد الأواوين من العناصر المعمارية وكان مكانها يتصدر الدورقاعة، وتشغل في الغالب منطقة يقدر عرضها بعرض الدور قاعة نفسها، والسمة الغالبة أن يكون محصورًا بين ثلاثة جدران، وقد شغلت بعض الأواوين حنايا بالدور قاعات كما هي الحال بمنزل رمضان والتوقاتلي والميزوني، ويشرف الإيوان على الدور قاعة بثلاثة عقود تقوم على أعمدة الخشب.

ونرى أن الإيوان بمنازل رشيد هو التختبوش بمنازل القاهرة، لأن الإيوان لم يقتصر في تكوينه المعماري على دكة من الخشب فقط، بل توافرت في إنشائه عدة ارتباطات أولها أنه يتصدر الدورقاعة، وثانيها أنه يقع خلفه شباك مزدوج يقوم على عمود من الرخام ويطل على الشارع أو الفناء وذلك بالدور الأول، أما بالدور الثاني فيقع خلفه شباك ذو مشربيات.

أما الدكك فقد كانت للجلوس، وتنوعت حسب المساحات المخصصة لإقامتها، كما تنوعت أشكالها أيضًا، فمنها الدكك ذات الجانب الواحد أو ذات الجانبين أو ذات الثلاثة جوانب، وأحيانا يتم تنفيذ دكة من ثلاثة جوانب بدلًا من الإيوان، والسبب في ذلك يرجع إلى أن مساحة الدورقاعة لم تسمح بإقامة الإيوان.