الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الناتو العربي.. حلم بدأ مع نيكسون ويأبى التحقق على أيدي ترامب.. إرهاب قطر وتركيا يعرقلان البيت الأبيض لتشكيل حلف استراتيجي ضد إيران.. والملف السوري لا يزال متعثرا بعد الانسحاب الأمريكي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

"الناتو العربي" ضد إيران.. شكوك حول نجاح ترامب في حشد العرب ضد الملالي
إرهاب قطر وتركيا وتخبط واشنطن يضعان عراقيل أمام حلم التحالف العربي الاستراتيجي
تعثر الملف السوري بعد انسحاب ترامب يضع واشنطن أمام اختبار إيراني صعب 

كانت أحد أهم المحاور التي ركز عليها وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، خلال خطابه التاريخي بجامعة القاهرة، مطلع الشهر الجاري، هي الدعوة إلى تأسيس تحالف استراتيجي يضم دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن، وذلك بهدف التركيز على الخطر التي تمثله إيران على المنطقة العربية، فضلًا عن تهديدها للمصالح الأمريكية في أعقاب انسحاب الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق النووي الإيراني. 

ورغم أن فكرة هذا التحالف، الذي يطلق عليه إعلاميًا "الناتو العربي" أو "ميسا" أو "تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي"، ليست بجديدة، وقد طرحتها الولايات المتحدة في مرات عديدة تحت إدارة الرئيس الأسبق، ريتشارد نيسكون وجورج بوش وباراك أوباما، إلا أن إصرار الرئيس ترامب، منذ توليه منصبه، على تقويض دور إيران المخرب أعاد إحياء الأمل لدى بعض المراقبين في تشكل حلف استراتيجي عربي يضاهي قوة حلف شمال الأطلسي "الناتو". 

ومنذ تولي ترامب مقاليد الحكم، عكف الرئيس الأمريكي على التشديد على ضرورة أن يتحمل حلفاء واشنطن مسؤولياتهم العسكرية والمالية وأن الولايات المتحدة لن تدخل في حروب بالوكالة لمصلحة أحد ولن تتحمل تكاليف حماية الدول الأخرى، وسرعان ما لوح بفكرة الحلف الاستراتيجي العربي خلال زيارته التاريخية الأولى إلى المملكة العربية السعودية وحضوره قمة الرياض، وفي سبتمبر الماضي أشار إلى هذا الأمر مرة أخرى. 

لكن سرعان ما كثرت التكهنات والشكوك حول إقامة مثل هذا الحلف، خاصة بعد استقالة مبعوث وزارة الخارجية الأمريكية لحل أزمة قطر، الجنرال أنتوني زيني، الذي كشفت واشنطن أن قرار استقالته لن يكون له تأثيرًا على التزام الولايات المتحدة بإيجاد حل للأزمة الخليجية، وشددت على أهمية وحدة الصف الخليجي ضمن إطار الناتو العربي.

صحيفة "هآرتز" الإسرائيلية تحدثت في تقرير لها، نشرته السبت، عن وجود تخبط وتشوش وأحيانًا تناقض لدى ترامب في فكرته بإنشاء الناتو العربي، وقدمت تساؤلات حول إمكانية تشكيل مثل هذا الحلف خاصة مع اعتبار أن جميع المحاولات السابقة لتشكيله فشلت، فضلًا عن أن قرار ترامب بسحب القوات الأمريكية من سوريا وأفغانستان، ترك المجال أمام إيران للانفراد بالساحة السورية. 

تقول الصحيفة الإسرائيلية أن مهمة زيني التي أوكلها إليه ترامب قد فشلت بشكل ذريع، فلا تزال قطر مصرة على موقفها المتعنت مع الدول الأربع لمكافحة الإرهاب، السعودية ومصر والإمارات والبحرين، ولا تزال ترفض طرد الإرهابيين من أراضيها والإذعان لاتفاقية الرياض الموقعة عامي 2013 و2014 من قبل أمير قطر، تميم بن حمد. 
وأضافت "هآرتز" أن هذا الأمر يعتبر بمثابة إحدى أكبر العقبات الهائلة التي تعرقل تشكيل الناتو العربي، مؤكدة أن هناك استحالة لتأسيس التحالف دون حل الأزمة القطرية. 

وكان بومبيو قد أعلن عن قمة دولية في مدينة وارسو البولندية أواسط الشهر المقبل، بهدف تدشين جبهة عالمية ضد إيران، وسيحضرها ممثلو 70 دولة، لكن مع ذلك لم تكشف واشنطن عن أهداف هذا المؤتمر، حيث إن العملية الاستراتيجية الأهم ضد إيران، وهي الانسحاب من الاتفاق النووي، كانت قررتها إدارة ترامب بالفعل، بيد أن الولايات المتحدة لا تسعى للتحرك عسكريًا ضد نظام الملالي لكنها ستفعل كل ما هو دون ذلك، لإرغامها على الجلوس على طاولة المفاوضات التوصل لاتفاق جديد حول برنامجها النووي والصاروخي. 

وتؤكد "هآرتز" أن مؤتمر وارسو يعتبر بمثابة خطوة تمهيدية لدخول إيران على خط المفاوضات مع واشنطن، وتهدف أيضًا لمحاولة إقناع أكبر عدد من الدول بالانضمام إلى العقوبات ضد إيران، وأن يكون الناتو العربي مجديًا بحيث يقلص الوجود الإيراني في المنطقة.

وذكرت الصحيفة أن تخبط إدارة ترامب في التعامل مع إيران، يتضح بشكل جلي في رسالة سرية بعثت بها السفارة اللبنانية في واشنطن إلى وزارة الخارجية اللبنانية، تشرح فيها سياسة الولايات المتحدة في التعامل مع الملف السوري، حيث طلبت واشنطن من الدول العربية عدم استضافة سوريا في القمة العربية الاقتصادية التي انعقدت في العاصمة اللبنانية، بيروت، الأحد، وهو ما حدث بالفعل، ناهيك عن عدد من رؤساء الدول العربية مشاركتهم في القمة الاقتصادية.

وتتركز نقطة الخلاف الرئيسية في المنطقة على الملف السوري ومسألة عودة سوريا إلى الجامعة العربية خصوصا بعد سيطرة الرئيس بشار الأسد على معظم أراضي بلاده، كما أن وزير خارجية حكومة تصريف الأعمال اللبناني جبران باسيل دعا إلى عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية بعد تعليق عضويتها في العام 2011 لكن بعض الأعضاء يضغطون من أجل إعادتها بينما أعاد آخرون فتح سفاراتهم في دمشق، حسبما ذكرت وكالة "فرانس 24". 

واعتبرت "هآرتز"، أن سياسية واشنطن التي تقضي بعدم دعوى سوريا للقمة الاقتصادية في لبنان، تهدف لقطع الطريق على وجود علاقات بين الدول العربية وسوريا، وربما أرادت دفع لبنان لتبني الموقف الأمريكي ضد إيران، وعدم الخضوع لإملاءات حزب الله وطهران، مشيرة إلى أن هذا الموقف قد يؤثر على المساعدات الأمريكية المقدمة للجيش اللبناني. 
.
ولفتت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن طلب أو توجيه الخارجية الأمريكية للبنان، بالامتناع عن المساعدة في إعمار سوريا، يثير على الأقل الاستغراب، نظرًا لأن الولايات المتحدة لم يبدر منها أي رد فعل بعد قرار الإمارات والبحرين بفتح سفاراتهما مرة أخرى في دمشق، وصمتت حينما زار الرئيس السوداني عمر البشير دمشق.

ورأت أن سياسة الولايات المتحدة ضد إيران، يجب أن تركز في المقام الأول على إنهاء الأزمة الخليجية والضغط على قطر لتنفيذ مطالب الرباعي العربي ال13، فضلًا عن إقناع العراق بتقليص علاقاته مع طهران، ودفع لبنان للحسم في موضوع مشاركة حزب الله في الحكومة وفحص ما يمكن فعله لإنهاء الحرب في اليمن، وإقناع تركيا بإنهاء تحالفها مع إيران.

وخلصت "هآرتز" إلى أن أولويات ترامب تتناقض مع أولويات الدول العربية فيما يتعلق بإيران، مؤكدة أن جميع المهمات السابقة ثبتت أنها غير قابلة للتحقق، في ظل استمرار ميلشيات الحوثي المدعومة من إيران في خرق اتفاقية السويد التي وقعتها مع الحكومية اليمنية الشرعية ديسمبر الماضي، وعدم وجود أي مؤشر من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على فسخ تحالفه مع نظام الملالي.