الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

يسري محمد يكتب: أطفالنا والتنمر.. المخاطر والأسباب والعلاج (2-2)

صدى البلد

تحدثنا فى المقال السابق عن التنمر وتعريفه ومخاطره وأسبابه، وبينّا أهمية الدور البيتى والتفكك الأسرى ومخاطره على الأطفال وآثاره الخبيثة وما يحدث لهم حياتيًا بسبب هذه الآفة.. واليوم نتحدث عن العلاج. لكن قبل الشروع فى وصف الدواء نحذر بشدة من التنمر الإلكتروني وأردت تأخير الحديث عن هذا التنمر حتى يكون مرتبطًا بالعلاج ككل والسبب هو انتشاره الشديد في المجتمعات.

والتنمر الإلكتروني كتعريف هو استغلال التقنيات وعالم النت المفتوح فى السعى لإيذاء أشخاص ما بطريقة عدائية مرفوضة سواء برسائل الهكر المنتشرة أو رسائل الترهيب والترغيب أو حتى بإنشاء أكونتات وحسابات مخالفة للشخصية الحقيقية، وكل هذه الأمور من التنمر العنيف الذي يعقبه مشكلات وأحيانا يصل الأمر للمحاكم ففي كل دولة مباحث خاصة بهذا الاتجاه من التنمر الإلكترونى.
 
والآن حان الجواب عن السؤال لأهم ما في هذه السلسلة: ما هو علاج التنمر وكيف نحمى فلذات أكبادنا من هذا الأمر الشديد ؟

أولًا العقيدة :
إن العقيدة وغرسها فى نفوس الأطفال من عوامل الاطمئنان والنجاة في الدنيا والآخرة وأيضا من علامات حسن الفهم والمحبة عند الوالدين، فالابن النافع الذى يأخذه والده معه فى ذهابه لأداء الصلوات فى المسجد وإقامة الشعائر وصلة الأرحام كل هذه من عوامل تقوية الوازع الدينى بداخل الأطفال تثمر عن تحول إيجابي شديد في سمات وصفات وأفعال الطفل فيصبح العداء محبة والعدوانية تسامحا وتزهر الحياة بشكل جديد يضيف للمجتمع صلاحا وللبيت استقرارا.

ثانيًا رسالة الإعلام
إن الإعلام كان ولايزال عمود الخيمة فى صلاح المجتمعات أو ضلالها ولا خير فى مجتمع يقوده إعلاميون كاذبون والمجد كل المجد لمجتمع يقوده إعلام واعٍ يؤسس لحياة صالحة ويغرس مفاهيم سليمة تعمق كل الجوانب الإيجابية وتحذر من براثن السوء والصفات السلبية، لذلك فلا مناص من أهمية هذا الدور وعلى كل إعلامي واع أن يتبنى نهج البناء لا الهدم، والتجميع لا التفريق والتربية السوية لا الشخصية المنحرفة الفاسدة وما أكثر المواد النافعة لأبنائنا فى الإعلام الذى يتبنى رسالة صحيحة توعوية تقى الأسرة والمجتمع من منازل الضياع والتنمر .

ثالثًا التربية الصحيحة :
إن البيت كان ولايزال هو المحضن التربوى الأول الذى إن اهتم به الآباء بشكل كبير ربما يغنى عن أى محاضن حياتية وقديمًا قالوا إن التعليم فى الصغر كالنقش على الحجر، فكل قيمة يغرسها الوالدان فى الصغر لا تنسى أبدًا،
لذلك فالتربية الصحيحة الواعية المصحوبة بالوضوح والصدق والإخلاص فى التربية هى من عوامل زوال وعلاج أى مظاهر تنمر بل أى مظاهر غريبة تظهر على الطفل ولابد أن نذكر بنقطة خطيرة وهى أن إخلاص الوالدين فقط ليس كافيًا لتنشئة الأبناء تنشئة صحيحة فالأخذ بالأسباب الحديثة فى التربية من مواد ودورات ومحاضرات واستشارات من عوامل تكملة المسير التربوى الناجح بعيدًا عن أجواء العنف الأسرى والسير بلا رؤية ناجحة وخطة للتربية ملبية للطموحات .

رابعًا ممارسة الرياضة:
رحم الله الفاروق عمر، فطن لأهمية الرياضة في حياة الأبناء فحث الصحابة على ذلك فقال "علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل" وتلك ثلاثية مهمة فى حياة الجميع فهى مقومات الدفاع عن النفس والشخصية القوية ذات اللياقة العالية.

وهذا هو الفرد المقصود طفلًا كان أو شابًا أو رجلًا فضلا على أن هذه الرياضة تعزز ثقة الأبناء بأنفسهم بلا تنمر أو انطواء لذلك لا مناص من أهمية الرياضة فى تقويم سلوك وصفات الطفل .

خامسًا صاحب ابنك وراقبه:
قلنا كثيرًا إن فهم الأب للتربية هو محور ارتكاز مهم في حياة ابنه فلو تحول الآباء من الأمر والنهى والثواب والعقاب لأبنائهم إلى صاحب يلجأ إليه الابن ليفضفض معه يحكى عن آماله ويشكو من ألمه يقينا سيكون هذا بابا جديدا إيجابيا في حياة الطفل، وفى نفس الوقت هذه علاقة ليست منفلتة فى عدم الإنصات أو عدم سماع الأمر فهى علاقة متزنة يصاحبها مراقبة بسيطة لاهتمامات الطفل خصوصًا أثناء جلوسه على الحاسوب وما يشاهده من أفلام العنف والرعب ومصاصي الدم التي يصدرها الغرب لأبنائنا في خطته لمحو الهوية وإفراغ العقول بل وأحيانًا سعيًا للتخلص من حياتهم بألعاب كالحوت الأزرق وغيره لذلك فالمهمة ثقيلة على كل أب وأم لكنها يسيرة بالدعاء وطلب العون من الله .

سادسًا المرشد الاجتماعي:
إن الجميع مسئول عن صلاح الطفل سواء بيتا ومدرسة وإعلاما ومجتمعا ولما كانت المدرسة يجلس فيها الطالب ثلث يومه فإنه لابد من شخص متمكن أخصائى نفسى واجتماعي يعزز الثقة بالطفل ويتابع مع البيت أوضاعه وأحواله فى شراكة هدفها صلاح البيوت والمجتمعات من خلال صلاح الأطفال والأبناء المهم هي الاحترافية والأسلوب البسيط بعيدًا عن التقليد والروتين وتعقيد الأمور .

سابعًا قوانين الردع :
إن الحكومات ودورها فى علاج التنمر غاية فى الخطورة فهي تملك قوة السيف الذي يجبر الجميع على الانصياع له بقوة القانون وعليه فإن الحكومات عمومًا مطالبة بسن قوانين تجريم للتنمر وإنزال عقوبات، هذا إن فشلت كل المحاولات التربوية والإعلامية والمجتمعية والأهم أن يصاحب ذلك حملات توعوية وإعلانية قوية تصحح مسار الأفكار وتوضح خطورة التنمر وتحذر منه وتقطع الطريق على انتشار هذه الآفة الخبيثة وسط أبنائنا.

ختامًا..
نحن نحذر ونكتب وندق ناقوس الخطر وننصح ونحدد الداء ونصف الدواء سعيًا إلى الوصول لمجتمع صالح قوى عماده الفهم التربوى الصحيح والإدارة المدرسية الواعية والمجتمع المتكاتف الموحد على قلب رجل واحد، فلا تقسيمات أو تقزيمات وحكومة تعمل على إصلاح الوطن وتحمي أبناءه من كل المظاهر الغريبة المفسدة له وعلى الجميع أن يقوم بدوره وفق منظومة التكامل والإخاء والبناء.