الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

زين ربيع شحاتة يكتب: معرض الكتاب تحدٍ للدولة وحماية للاستقلال

صدى البلد

عندما أهملت مصر فى ثقافتها طوعًا أو كرهًا فقدت حريتها واستقلالها، هكذا أرجع عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين أسباب احتلال مصر لعشرات الأعوام، فالشعب الذى يجعل الثقافة فى مقدمة اهتماماته هو شعب عصى على الإحتلال والإستعمار، والشعب الذى يهمل ثقافته هو شعب يقامر على حريته واستقلاله، وبتطبيق هذا المنطق على الأسرة التى هى نواة المجتمع والدولة، فلو نظرنا إلى الأسرة كدولة سنجد أن ثقافة الأب والأم وأفراد الأسرة هى درع الأسرة الواقى من التدخلات الخارجية، وبفقدان الأسرة وأفرادها ثقافة الحوار ومواجهة المشكلات و تدبير الحاجات اليومية الأساسية نجد أن الأسرة قد تلجأ إلى الجيران أو الأقارب لاستشارتهم بل وتسليم القيادة لهم لإدارة مشكلاتهم، وقد يتم عقد اجتماعات عرفية فى مقر خارج الأسرة لتحديد مسار الأسرة كما نرى فى الجلسات التى تعقد من أجل الصلح بين الزوجين او تقسيم ميراث وغيرها من القضايا الأسرية، ما يجعل مصير الأسرة و أسرارها عرضه للإختراق والعبث، هكذا هى الدول فالدولة التى لا يمتلك شعبها ثقافة حقيقية هى دولة عرضه للتدخلات الأجنبية، وتفرط فى حريتها واستقلالها.

ويعد معرض القاهرة الدولى للكتاب أكبر حدث ثقافى فى مصر بل هو مؤشر لدرجة الوعى الثقافى بين فئات الشعب المصرى، فلا ثقافة بدون قراءة، ولا قراءة بدون كتاب، ولا كتاب بدون معرض القاهرة الدولى للكتاب، ويعد معرض هذا العام تحدى جديد يضاف إلى تحديات الدولة المصرية، ليس كون القراءة الإلكترونية استقطبت السواد الأعظم من الشعب المصرى ما جعل عوامل الجذب القديمة فى حاجة إلى إعادة النظر فحسب ، بل لنقل الدولة مقر المعرض من أرض المعارض بقلب القاهرة إلى مركز المنارة شرق القاهرة فهذا النقل يصنع بعد جغرافى جديد قد يضاعف من فرص نجاح الاستقطاب الإلكترونى ويضع الكتاب فى منافسة غير متكافئة تضاف إلى إرتفاع تكلفة صناعته التى صاحبت زيادة أسعار الورق وغيرها من مستلزمات الطباعة ، وهذا التحدى يضع الثقافة المصرية على مفترق طرق فحجم الإقبال الذى سيقارن تلقائيًا و حجم إقبال العام الماضى سيكون مؤشر على مستوى الثقافة ومدى إصرار الشعب ووعيه بأهمية الثقافة التى تؤهل الشعب لمواجهة الحروب الثقافية و الفكرية منزوعة السلاح ، وعلينا أن نراقب الإقبال فتدنى حجم الإقبال عن الأعوام السابقة يضع وزارة الثقافة و مؤسسات الدولة الرسمية والمجتمعية فى مرمى المسئولية لاستعادة الزخم الثقافى والفكرى للشعب المصرى .

وبالنظر إلى مقر معرض الكتاب الجديد بمركز المنارة ، نجد أن إختيار هذا المقر يعكس فكر وتوجه القيادة السياسية ، ففى نفس هذا المكان كنا نتابع الدورة التثقيفية الخاصة بالقوات المسلحة ، والتى تستهدف رفع درجة الثقافة والوعى لعناصر القوات المسلحة إلى الدرجة القصوى ، والتى تزيد من درجة الإستعداد الفكرى لكل ضابط وجندى يحمل السلاح مدافعًا عن الوطن وقضاياه بفكر فتضاعف من درجة الإستعداد القتالى ، و بعدها إنتهاء الدورة التثقيفية للقوات المسلحة ، تقدم الدعوة للشعب الراغب فى الثقافة خلال فاعليات معرض الكتاب ، فلا فائدة للجيش القوى إذا كان من خلفه شعب ضعيف لا يعى مشكلاته وظروفه ، فمن يقارن قوة جيش مع الجيوش المعادية عليه أن يقارن ثقافة شعبه مع ثقافة الشعوب المعادية حتى تكون المقارنة عادلة وحامية للإستقلال .