الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بكى ليدافع عن ترابها.. قصة عشق حاكم الشارقة للمحروسة.. القاسمي: أنا صناعة مصرية

صدى البلد

شرب من النيل، وعاش على أرض المحروسة، ولم تغب عن باله لحظة.. ابتعد عنها ولكن قلبه مازال متعلقا بمصر حتى أصبح يستغل أي فرصة لزيارتها، حصل على تعليمه على أرضها، ونال درجته العلمية من منابر جامعتها، ومع علو شأنه وكبر مكانته، قرر ألا ينسى الوطن الذي احتضنه سابقا، ومع كل محفل في مصر، يلمع الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم الشارقة وعضو المجلس الأعلى للإمارات، ويبرز اسمه ضمن المطورين، ليدفع بعجلة الثقافة والتعليم في مصر، ويساهم بشكل كبير في التنوير.

"اللي شرب من النيل بيرجعله".. لم تكذب المقولة التي ابتدعها المصريون، وحتى لو كان حاكما، سيعود مرة أخرى لأرض المحروسة، الشيخ سلطان القاسمي، هبط على أرض مصر عام 1965 ليلتحق بكلية الزراعة بجامعة القاهرة، ليتعلق قلبه بمصر وينبض بحبها، ومع حرب النكسة، رأي الشاب الإماراتي أنه لابد أن يشارك في صفوف الجيش المصري مع الجنود، وحاول الالتحاق به برفقة عدد من زملائه، إلا أنهم تم رفضها حينها، لتنهمر دموعه ويقرر مساعدتهم بأي شكل حتى لو قام بنقل الجنود وقيادة السيارة.

"جلست على الأرض أبكي وأصيح خدوني خدوني، انا اعرف أطلق نار وأسوق عربية، بعرف أمسح جزم.. عايز أمسح جزمة الجندي المصري خذوني معكم"، هكذا قابل الشاب الإماراتي العاشق لمصر قرار رفض انضمامه للجيش، ليعلن عشقه لمصر أمام العالم في حفل حصوله على الدكتوراه الفخرية من جامعة القاهرة عام 2015.



رحلته العلمية في مصر زخرت بالعديد من الدرجات التي نالها، بدءا من حصوله على بكالوريوس الزراعة من جامعة القاهرة عام 1971، وتقلد منصب الرئيس الفخري للجمعية المصرية للدراسات التاريخية فى 2001، ونال للعضوية الفخرية باتحاد كتاب مصر عام 2008،بجانب درع مئوية جامعة القاهرة فى احتفالاتها بمئويتها الأولى، تقديرًا لمساهماته فى الثقافة العربية عام 2008، وحصل على جائزة الأميرة فاطمة إسماعيل للعطاء، تقديرا وعرفانا بعطائه ودعمه الكبير لجامعة القاهرة وأهدافها ورسالتها فى جمهورية مصر العربية عام 2008، كما حصل على الدكتوراه الفخرية فى العلوم الإنسانية، تقديرًا لجهوده المتميزة فى خدمة التعليم والبحث العلمى والفنون الجامعة الأمريكية بالقاهرة 2009.



وفي عام 2013، نال لقب شخصية العام التراثية تقديرًا لجهوده وعطاءاته المستمرة على الصعد كافة خاصة على صعيد صون التراث فى إمارة الشارقة ودولة الإمارات والوطن العربى والعالم الإسلامى، و حصل على قلادة الجمهورية رفيعة القدر، تقديرًا وتثمينًا لما قدمه وقام به من أجل مصر عام 2015، كما فاز بدرع جامعة الدول العربية، تثمينًا لدوره فى دعم القضايا العربية بمختلف أوجهها وأشكالها فى القاهرة،13مايو 2015م، ونال الدكتوراه الفخرية فى العلوم الاجتماعية، جامعة القاهرة، عام 2015، واخيرا حصل على جائزة التميز العربى فى دعم الإبداع الشعرى، تقديرًا لدوره اللافت والمستمر عربيًا فى دعم الشعر والشعراء، فى جمهورية مصر العربية، عام 2017.

حبه لمصر والمصريين لم يكن عبثا، فأحب طيبة وجدعنة المصريين الذين وقفوا معه في بداية مشواره، ويذكر حاكم الشارقة أنه أثناء فترة دراسته بالقاهرة، مر بضائقة مالية، احتاج إلى بعض النقود لسداد مصاريف الدراسة، وكان الفتى في حيرة من أمره كيف يتصرف ومن أين يحصل على ماله، حتى علم الحاج ابراهيم، حارس العقار الذي يسكن به بالأمر، ورغبة منه في مساعدته اضطر الحارس البسيط إلى بيع ذهب زوجته حتى يتمكن من مساعدة الفتى الإماراتي، وأعطاه مبلغ الـ300 جنيه، دون أن يعلم عن هويته.



وقال القاسمي - كما ذكرت وكالة الأنباء الإماراتية: "ما قام به الحاج إبراهيم زرع مصر وحب مصر في قلبي ووجدت فيه وفي من حوله ممن التقيتهم الخير وحملت معي عنهم الذكريات الطيبة والسيرة الحسنة لن أنساها ولن يعوضني مقابلها أي شيء ولكل من لا يعرف مصر عليه أن يعرف أناسها حتى يعرفها جيدا".

تلقى القاسمي تعليمه في مصر، وحصل على العديد من الدرجات العلمية بها، وبعد سنوات قرر أن يرد الجميل ليلبي نداء قلبه في سبيل تطوير التعليم في مصر، ففي عام 2008، تبرع حاكم الشارقة بـ30 مليون جنيه لدعم المكتبة المركزية والبحث العلمي في جامعة القاهرة، وفي 2013 قام بمادرة لترميم كلية الهندسة جامعة القاهرة بعد أحداث الثورة.

وفي عام 2017، تبرع بمبلغ 160 مليون جنيه للمعهد القومي للأورام، ومجموعة من الأتوبيسات لكلية الزراعة، كما تبرع ببناء معمل ومختبر على أعلى مستوى بالكلية، وفي نفس العام، شارك حاكم الشارقة في منتدى شباب العالم في شرم الشيخ، ليهدي المصريين هدية تقديرا لهم، ويمنح الحكومة 354 قطعة أثرية تاريخية تعود للعصر الفرعوني والاسلامي، تم ضبطها من قبل رجال الجمارك في مطار الشارقة الدولي، لم يبخل الشيخ قط على مصر، وفي كل زيارة له يأتي وفي جعبته هدية أو منحة جديدة لمصر.

لم يكن بمفرده، فوراء كل رجل عظيم إمرأة عظيمة، ففي عام 2017 تبرعت الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي زوجة الدكتور الشيخ سلطان القاسمي بمدرسة ثانوية للبنات، كهدية لأهالي بولاق الدكرور في ظل احتياج المنطقة لمدرسة ثانوى بنات، وفي الوقت ذاته تبرع الشيخ سلطان لبناء مساكن جديدة لسكان عزبة حرب.



تمر السنوات ويكبر الشيخ سلطان القاسمي، إلا انه لم ينس أو يغفل حارس العقار الذي ساعده، وبحث عنه طويلا حتى عثر عليه، وزاره مرات عديدة، ورد إليه مبلغه مضاعفا، ولم ينس جميلا قط، حتى أنه زار طباخة منزله في بيتها بعزبة الهجانة.

"أنا صناعة مصرية" هكذا يرى حاكم الشارقة نفسه، معتبرا مصر موطنه الثاني، متخذا من راية العلم والتنوير سبيله، والثقافة غايته، ونهضة مصر أمله الوحيد، دون أي مصلحة شخصية، معبرا عن فخره واعتزازه بأساتذة مصر لأخر نفس بروحه، وفي كل كلمة له في مصر يصر على موقف واحد:" "نحن مع مصر بكل عزم وقوة لمواكبة المسيرة المباركة، ونرى أن ما حولنا من ضباب وما يتساقط لا يجب النظر إليه، لكن علينا أن ننظر إلى النور الذي يأخذنا للطريق الصحيح، الذي ينيره الرئيس عبد الفتاح السيسي".