الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أيمن يوسف يكتب: الفيبروميالجيا أنين بلا شفاء.. ووطن بلا رحمة

صدى البلد

من القرارات التي أصدرتها هيئة الأمم المتحدة وتراقبها المنظمات الحقوقية فيما يتعلق بحقوق الأسرى ومنع استخدام أساليب العنف ضدهم، انها تمنع وتراقب جميع وسائل حرمان الخلود للنوم في التعذيب والتي كانت تمارسها الجيوش المنتصرة بحق الأسرى لنزع اعترافات غير حقيقية أو الوصول بهم لحالة من الموت البيولوجي البطيء وهو أشد أنواع القتل قسوة ووحشية، وابشعها فتكا وايلاما في إزهاق الروح، ولكن تخيل أنه قد يصيبك مرض أول ما يطعن هو أن يطعن في دورة النوم في الدماغ وما يترتب عليه من تهالك للوظائف الفسيولوجية لاجهزة الجسم الحيوية، واستنزاف لكافة العناصر البنائية من انزيمات وبروتينات وهرمونات ومعادن والتي هي -بالمناسبة- لا تبنى الا في مراحل النوم الثالثة والرابعة من دورة النوم الطبيعي في الدماغ البشري، وفي المقابل لا تتم هذه المراحل الا في حضور هذه البروتينات والانزيمات والمركبات الحيوية بالتراكم منذ الولادة، ليدخل المريض في دوره مفرغة وتتحول حياته إلى جحيم ووهن وألم جسماني لا يطيقه بشر.

هذا باختصار جانب من انين مريض الفيبروميالجيا المرض الغامض الخفي الذي حير العلماء والباحثين في السنوات الماضية ولازال لغزه رهن الاسئلة والبحث العلمي حتى الآن، آلام روماتيزمية وعصبية مبرحة في كافة أنحاء الجسم...تهالك الجهاز العضلي الهيكلي وتهالك قدرته على حمل جسد المريض نفسه...اضطراب الجهاز العصبي المركزي وضعف التعامل مع عناصر البيئة من اصوات وضوء وروائح، واضطرابه في نقل الإشارة العصبيه بين الدماغ والحبل الشوكي وكافة الاعصاب المحيطه، بالاضافة لعجز الدماغ عن فرز أو تنظيم دورة النوم واليقظة والحرمان التام من الحصول على نوم يجدد الطاقة والحياة، يتشتت الذهن وتضطرب الذاكرة قصيرة المدى ويواجه المريض صعوبات في الكلام والنطق وتنظيم العبارات والجمل، اضطراب الجهاز العصبي اللاإرادي وخلل الوظائف المستقلة يصيب مريض الفيبروميالجيا فلا ينتظم نبض القلب ولا ضغط الدم ولا تنتظم درجة الحرارة التي يعالجها الجسد المعافى تلقائيا ويُحرم من نعمتها هذا المريض، تمتنع المعدة عن الهضم وافراز عصاراتها وتمتنع الأمعاء ويمتنع القولون عما وهبه الله له من وظائف، تنخفض المناعة وتحث نحو صنع مسارات إلتهابيه تزيد من قسوة المرض وآلامه، الأدهى والأمرّ الجهل الشائع في الوسط الطبي في بلادنا بلاد العالم الثالث حيث مستوى التعليم ومخرجاته والبحث العلمي وهشاشته وتآكل المخيلة العلمية واعوجاج ذائقتها، بالاضافة لما يتعرض له مريض الفيبروميالجيا من رفض مجتمعي واستهزاء وتنمّر على كائن اضعفه المرض وأكل العجز انامله واطرافه للدفاع أو الحديث عن نفسه أمام كل موجات الرفض والجهل والتنمّر والتهميش.

الملاحظة المدهشة انه اغلب ما يميز مرضى الفيبروميالجيا انها كائنات ملهمَه مبدعة حسّاسة وموهوبه في مجالاتها المهنية والعلمية والاجتماعية، ويحملون في طياتهم طاقات وقدرات لا محدودة يدفنها المجتمع بأطبائه ومؤسساته ووزاراته ولوائحه، فلا حقوق ولا احتواء ولا تقبل لذوي احتياجات خاصة هم ذوي طاقات خاصة وقدرات خاصة ومواهب خاصة، كل ما يسأل عنه مريض الفيبروميالجيا هو التقبل والرحمة وفرص التعايش والدمج الصحيح في المجتمع، مراعاة لقدراتهم ومواهبهم قبل مراعاتهم في وضعهم الصحي.