الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ريمون ناجي يكتب: الاختصار عبادة مبدأ مُعاش

صدى البلد

اعتاد الشعب المصرى بطبيعته العفوية الاستعانة في الحديث بـ"الأمثال" الشعبية، ذاك الموروث الثابت عبر الزمان تتسلمها الاجيال لتكون لسان حاله في المواقف والظروف بعضها لا نعرف أساسه وغالبيتها تتطابق مع مواقف وأماكن لا تبلي عبر الازمان بين زخّم الآلاف الامثال الشعبية او المبادئ المتداولة «الاختصار عبادة».

تعبر الأمثال على غرار أمواج البحر ما بين الهادئ والعاصف في السراء والضراء للامثال مكان على اللسان فى المواقف والظروف وأحيانا توجد نفسها فى نموذج مُعاش، تستوقف أحيانا أمام بعضها لتبحث عن الأصل والأساس فهناك المُعاش والمرتبط بالأحداث.

بعد بحث وومضات من الوقت لم اجد للاختصار سوى نماذج متعددة الأشكال لا مجال للمقارنة مجازًا بينهما هناك من اختار طريقه وهو كامل الأهلية ووعي كامل بمحض إرادته، وفريق آخر وصل لحالة من الدروشة حسبما يطلق عليها البعض او التقشف والزهد، وأخير مكانه فى عنبر داخل بهمن او العباسية للامراض النفسية والعصبية وأكرر لا مجال هناك لمقارنة بين عقلاء ومن فقدوا السيطرة على العقل او باتوا مغيبين.

طريق العقلاء .. هؤلاء الذين اختاروا الابتعاد عن الضوضاء وضجيج المدن وصراعات الحياة الفانية، جعلوا الأديرة والصحراء قبلة لهم وعيونهم نحو السماء ترجّو وقلوبهم مع الملائكة ترتل الالحان.. إنهم الرهبان والمتوحدون الذين اختصروا طريق الصراعات مع البشر ومزاحمات الحياة ليكونوا متبتلين لخدمة الله لا يشغل لهم بال سوى الاخرة ولا رجاء من دون الله اختيارهم للاختصار والعبادة او العبادة في اختصار ان جاز التعبير على المتوحدين وسكان البراري – لا يمنع أن بين هؤلاء شيطان يقبع ويخضع ويسيل لسانه وحاله إلي ملذات الحياة فيخرج عن السياق او يطرد خارج أسوار قلاع الصلاة والعبادة.

طريق التقشف والزهد ينقسم إلي شقين اولهما المدركون بالتصرفات والعاقلون ولكنهما يتجردون من الملذات حبّا وتعبدا لله بطريقتهم الخاصة والذين يشبهون المتوحدين من الرهبان او يلقبون بالصوفيين، وآخرون ممن وصلوا لمرحلة الغياب وتجاوزهم القدر ليكونوا دراويش، وفي جميع الأحوال وصلوا لمرحلة الاختصار التام متواجدين بين الناس ولكنهم صامتين او يهمهمون بكلمات عدة ما بين الأدعية والدعاء.

وآخر طرق مبدأ الاختصار فى مستشفى بهمن او العباسية للامراض النفسية والتى يقال في الأمثال’’ أن المجانين فى نعيـــم‘‘ فقدوا ما لديهم من عقل ولكنهم فى ارتياح يختصرون العالم بأسره ويعيشون سلام أنفسهم رغم أنهم وصلوا للنعيم المزعوم بصدمة او ازمة او ضيقة او شيء ما اخذ عقولهم لينثرها كالهباء، نوع اخر من الاختصار ما يسمونه ’’ التوحد‘‘ مرض نفسى يدفع الإنسان للانطواء يعيش وسط العالم ولكنه لا يخرج من دائرة نفسه وفقط، وختامًا قبل أن يفر العقل وتنفذ السطور لو كان المجانين في نعيم – العقل زينة – وعلينا الاختصار لما يثير صداعًا او يسبب إشكالا او يحفز للبغض او الكراهيه او النفور والشكوك فإن الاختصار عبادة.