الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عبد الرازق توفيق يكتب: التجربة المصرية.. طريق أفريقيا للمستقبل.. رئاسة مصر تتويج لرحلة شاقة في استعادة أمجاد القارة السمراء

عبدالرازق توفيق رئيس
عبدالرازق توفيق رئيس تحرير جريدة الجمهورية

  • صناعة المجد".. مهمة لا يقوى عليها سوي من اختارتهم الأقدار
  • القاهرة تستعيد أمجادها الأفريقية.. وتقود القارة السمراء إلى التنمية
  • كيف نجح السيسي في كسب ثقة الأفارقة.. ويصبح الأمل لشعوبها في تغيير الواقع ورفع المعاناة؟
  • مصر مؤهلة بخبراتها وإمكانياتها وثقلها الدولي لتحقيق طفرة في المشهد الأفريقي
  • الدبلوماسية الرئاسية حققت إنجازات كبيرة واستعادت قوة العلاقات مع القارة السمراء
  • السيسي يحمل هموم أفريقيا في جميع المحافل الدولية.. ودافع عن حقوق شعوبها في الأمم المتحدة
  • %30 من زيارات السيسي الخارجية كانت من نصيب أفريقيا.. تجسيدا للاهتمام

كتب عبد الرازق توفيق، رئيس تحرير جريدة "الجمهورية"، مقالا تناول فيه رحلة تسلم مصر لرئاسة الاتحاد الأفريقي، لافتا إلى أن هذا التتويج يأتي بعد رحلة شاقة وعبقرية لاستعادة الأمجاد في القارة السمراء، مؤكدا أنه يعتبر إنجازا كبيرا للدبلوماسية الرئاسية التي تحلت برؤية استراتيجية عميقة ومدروسة تمكنت من إصلاح الخلل والوصول إلى قمة جبل النجاح.

وقال توفيق إنه منذ خمس سنوات لم تكن علاقات مصر الدولية تليق بمكانة دولة صاحبة تاريخ عظيم وثقل إقليمي وحضاري، وانغلقت مصر على نفسها ولم تكن تتحرك بشكل يتناسب مع قيمة الدولة المصرية العريقة وأهميتها على المستويات الإقليمية والدولية والعربية والأفريقية، وازدادت الأمور سوءًا بعد أحداث يناير 2011 وهبطت إلى أدنى مستوياتها بسبب الفوضى العارمة التي عمت البلاد والمشاكل الداخلية التي حاصرت الدور المصري وبلغت حالة التقزم ذروتها في حكم الجماعة الإرهابية وارتكب الرئيس المعزول محمد مرسي سلوكيات وتصرفات ونظام إدارة للبلاد وعلاقاتها الخارجية أساءت إلى البلاد وكان محل سخرية في الداخل والخارج.

وأضاف أنه عندما قامت ثورة 30 يونيو 2013 شهدت علاقات مصر الخارجية على المستويين الإقليمي والدولي في محيطها العربي والأفريقي حالة من شبه الجمود عندما عمدت بعض الدول الكبرى إلى تجاهل إرادة المصريين في عزل نظام فاشي حاول اختطاف الوطن ونزع هويته وأصبحت مصر على المحك، وتوقفت بعض الدول الكبرى عن التواصل مع مصر وأدارت ظهرها للقاهرة، واتخذت بعض الدول أيضا قرارات لا تتناسب وعظمة ثورة فجرها المصريون بإرادتهم القوية، خاصة أن هذه الدول كانت تدعم وتساند نظام الإخوان".

وتابع: "لذلك فإن ما حققته مصر خلال الخمس سنوات الماضية في ملف العلاقات والسياسات الخارجية مع العالم يشبه المعجزة من الضعف إلى القوة من التجاهل إلى طلب التواصل والتقارب من الإنكار إلى الاعتراف بإرادة المصريين من دولة مهمشة إلى دولة يطلب الجميع ودها، من التبعية إلى الندية، من الهشاشة إلى الثقل الإقليمي والدولي، من العلاقات العابرة إلى الشراكات الاستراتيجية الشاملة الدول والقوى الكبري تحرص على مد جسور العلاقات مع القاهرة، فهي الدولة الكبري التي استعادت مكانتها وريادتها وقيادتها للأمة العربية والقارة الأفريقية".

وأكد توفيق أن مصر حرصت على إرساء سياسة دولية وعلاقات خارجية مع العالم على أساسيات وركائز ومبادئ تصب في خانة استقلال القرار الوطني، فلا تستطيع أي قوة أن تفرض علينا أي إملاءات، وقرارنا الوطني يصدر من القاهرة وبإرادة شعبية وطنية وتحرص على وجود علاقات قوية مع العالم على أساس الاحترام المتبادل لإرادة الشعوب وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول والحفاظ على الدولة الوطنية والتعاون والشراكة من أجل تحقيق آمال وتطلعات الشعوب، واستغلال الموارد والفرص المتبادلة لصالح التنمية والتقدم والازدهار بما يحقق الأمن والسلام والتعايش والمصداقية والشفافية وعدم الخداع أو المناورة، وأيضا نجحت مصر في كسب ثقة الجميع والإيمان أن العالم بصدد دولة كبيرة قوية تشكل ركيزة الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط الذي يهم الغرب وأوربا، وأن القاهرة هي عمود الخيمة في مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية في ظل عالم يموج بالتحديات والتهديدات، وعلى رأسها الإرهاب.

وجاء في نص المقال أن نجاح مصر ومعجزتها الداخلية وتحقيق الإصلاح الاقتصادي الشامل لإنجازات ومؤشرات وصلابة إرادة المصريين وشجاعة وإصرار ورؤية القيادة السياسية وإرادتها على تغيير وضع مصر إلى الأفضل وإلى المكانة التي تليق بها هو ما جعل مصر محل اهتمام العالم حتى أصبحت مصر هي أرض الفرص الواعدة وواحة الأمن والأمان والاستقرار، وهو نقيض ما كان يحدث قبل خمس سنوات وقبل تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي أمانة المسئولية الوطنية في رئاسة مصر واهتمامه بترسيخ السلام والحلول السياسية للصراعات والأزمات الدولية ونجاح مصر منفردة في مكافحة الإرهاب وتحقيق انتصارات مدوية، بالإضافة إلى الصدق والثقة في مكافحة الهجرة غير الشرعية فلم تخرج مركب هجرة غير شرعية من مصر أو شواطئها منذ سبتمبر 2016، كل هذه النجاحات والمؤشرات والشهادات الدولية واختلاف صورة مصر شكلًا ومضمونًا عن صورتها قبل خمس سنوات جعلتها محل احترام وتقدير واهتمام العالم.

وأشار توفيق إلى أن الأمر الذي يجب أن نتوقف عنده هو كيفية صناعة المجد والمعجزة في زمن لا يعرف المعجزات، لكن ما حدث في مصر خلال 5 سنوات هو المعجزة بعينها فمن شبه وأشلاء دولة أو دولة "خربة" مدمرة محطمة لا اقتصاد فيها ولا حياة تدعو إلى الأمل والتفاؤل بلغت فيها كل المجالات أدنى مستوياتها تحاصرها الأزمات والمشاكل المزمنة ونقص الاحتياجات واقتصاد تهاوى وصلت أرقامه ومؤشراته إلى حد خطير ينذر بكوارث 15 مليار دولار حجم الاحتياطي النقدي الأجنبي في البنك المركزي ومعدل نمو لا يتجاوز 2% وانفلات وفوضى وإرهاب وعدم استقرار وتوقف دوران الماكينات في المصانع وبنية أساسية متهالكة وفقر مدقع وبطالة وسياحة نالها الركود ولا يمكن لأحد أن يتصدى لهذه المهمة في ظل هذه الأوضاع إلا إذا كان يملك من الوطنية والشجاعة ومقاتلا من الطراز الفريد، وهو ما فعله الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي تولى رئاسة مصر في ظروف غاية في القسوة والصعوبة.

وشدد على أن الرئيس لم يعط ظهره لإرادة ونداء شعبه فقبل التحدي وحدثت المعجزة بعد أن صارح شعبه بصدق وشفافية وطالب بالعمل والكفاح والصبر والتحمل لأن بناء الأوطان يحتاج تضحيات ومثابرة فشهدت إنجازات غير مسبوقة في جميع المجالات البنية الاساسية ومشروعات الطرق والإسكان وقناة السويس الجديدة وأكثر من 14 مدينة جديدة، والقضاء على العشوائيات والعاصمة الإدارية والمنطقة الاقتصادية وأكثر من 15 ألف مشروع قومي والقضاء على "فيروس سي" في نموذج للعالم تحتذي به الآن والقضاء على قوائم الانتظار ومبادرة "100 مليون صحة" للكشف وفحص الشعب المصري وعلاجه، وأيضا المشروع القومي للتأمين الصحي والاهتمام بالإنسان المصري صحيا وتعليميا وثقافيا، والقضاء على طوابير الخبز والبوتاجاز والبنزين والسولار، وأيضا القضاء على أزمة الطاقة وتوفير الكهرباء وعدم انقطاع التيار الكهربائي ووصول الاحتياطي النقدي الأجنبي إلى 45 مليار دولار ومعدل نمو 5.5% وتراجع معدلات البطالة والتضخم وعجز الموازنة شهادات دولية تشيد بالإنجاز والإعجاز المصري في كل المجالات، وعودة الأمن والأمان بعد الانفلات والنجاحات وحرص دول العالم على التقارب مع مصر ووجود علاقات قوية وشراكات شاملة مع القوى الكبرى روسيا والصين وفرنسا وألمانيا واكتشافات الغاز والبترول والتي ستنقل مصر إلى مصاف الدول الكبري في هذا المجال وإعطاء الفئات الأكثر احتياجا أولوية ومعالجة الفقر وتحسين معيشة المواطنين والحفاظ على كرامة المصريين.

وجاء نص المقال كالتالي :
"لقد حققت مصر معجزة كبرى في كل المجالات وتواجه حروبا بالغة الخطورة، حيث تخوض معركة الإرهاب بشجاعة وشرف ودفاع عن الإنسانية وأيضا تخوض معركة وحربا شرسة ضد الفساد الذي عانت منه الدول، بالإضافة إلي البيروقراطية والترهل الإداري الذي لا يقل خطورة عن فيروس الفساد.

كل هذه النجاحات والإنجازات، ونقل مصر من شبه وأشلاء الدولة إلى الدولة القوية والتي ينظر إليها العالم باهتمام واحترام جعلت مصر تعود بقوة وبثبات إلى محيطها الأقليمي والعربي والأفريقي وتؤدي دورها بشموخ وكبرياء وثقة بفضل قيادة سياسية تملك الرؤية الشجاعة والقرار وتحظى بثقة المصريين، ومدعومة بإرادة شعبية وطنية من شرفاء هذا الوطن.

ولعلنا نتذكر ما حدث عقب ثورة 30 يونيو العظيمة خاصة في الشأن الأفريقي وعلاقة مصر بقارتها السمراء، خاصة أننا على بعد ساعات من تسلم مصر رئاسة الاتحاد الأفريقي كتتويج لجهود ونجاحات وإنجازات مستحقة ومصداقية وثقة أفريقية في القيادة السياسية المصرية وتوجهاتها ونواياها الطيبة التي تزيد الخير والتنمية ورفع المعاناة عن الشعوب الأفريقية، لذلك فاننا نعتبر ما حدث لعلاق مصر بقارتها الأفريقية يمضي على نفس درب المعجزة المصرية في جميع المجالات فقد شهدت علاقة القاهرة بالقارة السمراء خلال أكثر من 30 عاما من الغياب وعدم الحضور الكافي، والذي لا يجسد القيمة التاريخية لمصر في أفريقيا، ولا يعكس أهمية القارة السمراء للقاهرة، فقد ابتعدت مصر وانشغلت من القارة وسمحت لبعض القوى الإقليمية للعبث بهذه العلاقة التاريخية الفريدة والتي قادت فيها مصر حركات التحرر الأفريقي في القرن الماضي وكانت عبر التاريخ سندا منيعا في الدفاع عن محيطها الأفريقي ضد قوى الاستعمار، وفقدت معظم الدول والشعوب الأفريقية في إمكانية عودة مصر مرة أخرى لموقعها واهتمامها الأفريقي ودورها الزائد الذي كان يشار إليه بالبنان ويذكره الأفارقة بالفخر والتقدير، بل وصلت الأمور إلى أن البعض اتهم مصر خلال العقود الثلاثة الماضية بعدم احترامها للشعوب الأفريقية والزعم بأن هناك تعاليا مصريا في العلاقات مع أفريقيا.

وفي 30 يونيو 2013 قرر مجلس السلم والأمن الأفريقي التابع للاتحاد الأفريقي الذي تتولى وتتسلم مصر رئاسته خلال ساعات وتحديدا يوم الأحد تعليق مشاركة مصر في شبه عزلة أفريقية.

لم تركن مصر ولم تيأس، ومع تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة مصر بدأت الدبلوماسية الرئاسية جهودها في شرح ما حدث وعقب انتخاب الرئيس السيسي، أصدر مجلس السلم والأمن الأفريقي عام 2014 قرارا باستعادة مصر لكامل عضويتها، واستئناف مشاركتها في أنشطة الاتحاد الأفريقي، وقد شارك الاتحاد الأفريقي في متابعة الانتخابات وفي حفل تنصيب الرئيس السيسي في يونيو 2014.

انطلقت الدبلوماسية الرئاسية لاستعادة الدور المصري في أفريقيا، واستعادة العلاقات القوية مع القارة السمراء والتي تعد إحدى دوائر الأمن القومي المصري ذات الأهمية الكبرى، حيث يشارك الرئيس السيسي بنفسه في القمم الأفريقية في دولة المقر أو أي عاصمة تستضيف هذه القمة، وحرص الرئيس السيسي على الانفتاح على القارة السمراء وتعزيز علاقات مصر بدولها، وقد قام بـ 25 زيارة لدول أفريقيا من إجمالي 86 زيادة خارجية وهو ما يمثل 30% من إجمالي الزيارات الرئاسية الخارجية وهو ما يجسد الأهمية التي أولتها "مصر - السيسي" للقارة الأفريقية والحرص على التواصل وقوة العلاقات وتعزيز التعاون في جميع المجالات، ووضع إمكانات مصر في خدمة الأشقاء الأفارقة، بالإضافة إلى حرص مصر على الدفاع عن حقوق القارة السمراء في جميع المحافل الدولية ولقاءات الرئيس مع قادة وزعماء العالم، خاصة في الأمم المتحدة.

تحمل مصر على عاتقها هموم القارة الأفريقية، وجاءت كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها رقم 73 معبرة عن هذه الحقيقة، فقد تضمنت الكلمة كشف الخلل الذي يعتري المنظومة الدولية والتناقض وغياب العدالة، فقد قال الرئيس السيسي في كلمته: "علينا أن نعترف بأن ثمة خللا يعتري أداء المنظومة الدولية ويلقي الكثير من الظلال علي مصداقيتها لدى كثير من الشعوب خاصة في المنطقتين العربية والأفريقية اللتين تعيش مصر في قلبيهما، وتساءل الرئيس في كلمته هل يمكن اعتبار الاتحاد الأفريقي مغاليا إن شكا انعدام فعالية النظام العالمي بينما تعاني قارته من نظام اقتصادي يكرس الفقر والتفاوت ويعيد إنتاج الأزمات الاجتماعية والسياسية ولا يتيح آفاقا للتطور أو التقدم؟ وهو ما يعكس الاهتمام المصري الشديد بتنمية القارة الأفريقية والحرص على مصالح شعوبها، ومساعدتها في التنمية المستدامة وإيقاف النزاعات والصراعات".

* تقوم الوكالة المصرية للشراكة بدور بالغ الأهمية في القارة الأفريقية عندما أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي في كلمته أمام القمة الـ 23 للاتحاد الأفريقي بمالابو في يونيو 2014 وتهدف إلى تعزيز علاقات التعاون الثلاثي القائمة لتوفير مزيد من الموارد والدعم للشعوب الأفريقية من خلال التعاون مع بعض الدول الكبري والجهات المانحة، ولعل أبرز مجالات الخبرة المصرية التي تقدمها الوكالة تتمثل في الدبلوماسية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والنقل والصحة والزراعة ومكافحة الجرائم والإرهاب والشرطة والمياه والري والكهرباء ومصادر الطاقة والدفاع والأمن.

تولي مصر اهتماما كبيرا بحفظ السلام في أفريقيا لذلك تحرص على إنهاء النزاعات والصراعات الدموية من خلال الحلول السياسية والسلمية والتفاوض والحرص على إرسال قوات حفظ سلام للحفاظ على حالة الأمن والسلم وترسيخ ركائزها، حيث تشارك مصر في 8 بعثات من 9 بعثات على مستوى القارة الأفريقية وهي السابع عالميا في مجال إرسال قوات حفظ السلام، وتتركز القوات المصرية لحفظ السلام في كوت ديفوار وأفريقيا الوسطي والكونغو الديمقراطية والصحراء الغربية وليبيريا وجنوب السودان ودارفور ومالي.

لا تنقطع لقاءات الرئيس عبد الفتاح السيسي بالزعماء والقادة وكبار المسئولين الأفارقة سواء في القاهرة أو العواصم الأفريقية، لذلك فإن مصر حظيت بثقة وتأييد ودعم الدول الأفريقية في رئاستها للاتحاد الأفريقي 2019، ولم يكن مجرد اختيار ولكنها تتويج لجهود صادقة وثقة كبيرة في العطاء والنوايا المصرية والعودة الجادة والصادقة للحضن الأفريقي في ظل وجود علاقات تاريخية بين مصر ومحيطها الأفريقي وسعي جاد لاستعادة دورها الرائد في القارة السمراء من خلال رؤية استراتيجية عميقة ومدروسة.

في اعتقادي أن عام الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقي سيكون حافلا بالنجاحات لصالح المواطن الأفريقي من خلال الثقل والمكانة المصرية والتواصل القوي مع دول العالم، خاصة الدول الكبرى والمتقدمة والمؤسسات والمنظمات الدولية للمساهمة في عملية التنمية بالقارة السمراء، وهناك آمال وتطلعات أفريقية في وجود القاهرة على سدة الاتحاد الأفريقي لذلك هذه الأمانة والمسئولية الكبيرة والثقة العظية انعكست على حالة الاحتشاد لدى أجهزة الدولة المصرية ومؤسساتها وقدراتها وانطلاقا من ثقة كبيرة ولا محدودة في رؤية الرئيس السيسي وإرادته وخبراته في استدعاء النموذج المصري الذي قاده باقتدار للاستفادة منه في الحالة الأفريقية.

لا شك أن مصر تبدي اهتماما غير مسبوق بدعم مصالح القارة الأفريقية وتعزيز مسيرتها التنموية وسبل دفعها إلى الأمام لبقاء المستقبل وتحقيق تطلعات الشعوب الأفريقية ورفع المعاناة عن كاهلها، وأيضا الاهتمام بالشباب وتحسين حياتهم وإيجاد فرص العمل لهم لتحويلهم إلى طاقة إيجابية بدلا من استغلالهم من قبل جماعات العنف والإرهاب، وإيمانا بأن تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية والتحديث أهم السبل والوسائل لمواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في أفريقيا والسعي الجاد لتغيير شكل الحياة فيها وجذب الاستثمارات ورئاسة مصر للاتحاد الأفريقي هي تأكيد بأنها ستظل داعمة لجهود تعزيز التعاون الأفريقي وحريصة كل الحرص عمقها الأفريقي وانتمائها للقارة السمراء.

لا أبالغ إذا قلت إن ما تحقق في مصر وجعلها محل اهتمام وتقدير العالم، واستعادة الثقة الأفريقية والعربية يعود للرئيس عبد الفتاح السيسي بفضل تحركاته العبقرية على جميع الدوائر التي تخدم العلاقات المصرية من خلال رؤية استراتيجية عميقة شخصت السلبيات وحولتها إلى نقاط إيجابية وصلت إلى ذروة النجاح، وأعلى درجات الثقة وهو ما تجلى وظهر في التوجهات الأفريقية من رئاسة الاتحاد الأفريقي وحتى الفوز بتنظيم كأس الأمم الأفريقية لذلك فإن التجربة المصرية، أو تجربة "مصر - السيسي" التي تشبه المعجزة، قابلة للتطبيق في الحالة الأفريقية ووضعها على الطريق الصحيح علي درب استراتيجية التنمية المستدامة 2063، في ظل معطيات وموارد وثروات مطلوب رؤية متكاملة لاستغلالها فما أكثر المقومات الأفريقية الطبيعية من مياه وأرض ومعادن وثروات تحتاج إلى رؤية اقتصادية وحالة تكامل بين ومع الأشقاء الأفارقة ومد جسور التعاون مع دول العالم الكبرى بعد تغيير نظرتها ومفهومها لأفريقيا من نظام نهب الثروات إلى المشاركة في المصالح، ويتمثل في الاستثمار الذي يعود بالنفع على الجميع.

انطلاقة قوية للاتحاد الأفريقي وأنشطته خلال رئاسة مصر في عام 2019 فمصر دولة كبيرة، لديها خبرات عريضة وإمكانيات هائلة تستطيع أن تلعب دورا كبيرا في إحداث نقلة كبيرة في القارة السمراء وتجسد مدى الاهتمام الذي توليه القاهرة لأفريقيا، خاصة في المجالات الاقتصادية والتنموية والاستثمارية والتعاون المشترك والاستغلال الأمثل للموارد واغتنام الفرص والوقت للنقاش حول مستقبل أفريقيا وتحقيق تطلعات شعوبها بدلا من التفرغ لحل النزاعات والصراعات والقضايا الحدودية.

قمة 2019 الأفريقية، في جدول أعمالها والتي ستشهد تولي مصر رئاستها تولي اهتمامًا كبيرًا بالقضايا الاقتصادية والتنموية والتجارية واتفاقية التجارة الحرة وإصلاح الاتحاد الأفريقي هيكليًا وماليًا، وفي اعتقادي أن هذا العام سوف يشهد إنجازات كبيرة سواء في لفت الانتباه إلى الاهتمام بتحسين حياة المواطن الأفريقي بدلا من إهدار الثروات والطاقات والثروات في النزاعات والحروب والصراعات، بالإضافة إلى خبرات مصر وتجربتها طيلة الخمس سنوات الماضية ونجاحها في تحويل الأزمات والمشاكل والسلبيات إلى نجاحات وإنجازات وربما معجزات، ولذلك فالقارة السمراء في حاجة ماسة إلى دولة تمتلك مثل هذه الخبرات والإمكانيات والثقل الإقليمي والقدرة علي التواصل مع العالم، خاصة الدول والقوى الكبرى والمنظمات والمؤسسات المانحة والتركيز على حالة الوعي والثقافة وبناء الإنسان والمرأة والشباب والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة وترسيخ الأسس السليمة للتنمية المستدامة والاستثمار في الإنسان والبنية التحتية وتحقيق حالة الارتباط بين الدول الأفريقية والشعوب أيضا من خلال وسائل النقل مثل السكك الحديدية أو توحيد المفاهيم والرؤى وتبادل الثقافات.

الدورة "32" لقمة رؤساء الدول والحكومات للاتحاد الأفريقي 2019 في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا والتي ستشهد تولي مصر رئاسة الاتحاد الأفريقي لهذا العام ستؤكد أن قيادة الرئيس السيسي للاتحاد الأفريقي ستعكس خبرات مصر وامتلاكها لقدرات وخبرات ونوايا صادقة وإرادة قوية لاستعادة أمجادها الأفريقية ليس في قيادة التحرر والاستقلال الوطني في أفريقيا فقط، ولكن أيضا في نهضة وتنمية القارة السمراء.

بطبيعة الحال هناك أهداف مصرية تسعى لتنفيذها خلال رئاستها للاتحاد الأفريقي، من خلال التركيز علي عدد من الموضوعات ذات الأولوية للقارة على رأسها التكامل الاقتصادي والاندماج الإقليمي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والسلم والأمن الأفريقي والإصلاح المؤسسي للاتحاد الأفريقي ومد جسور التواصل الثقافي والحضاري والتعاون مع الشركاء الدوليين لصالح أفريقيا، وقضايا تمكين المرأة والشباب، وهناك العديد من الأفكار والمشروعات الخاصة بتحقيق الاندماج القاري مثل إنشاء منطقة تجارة حرة أفريقية وسوف يتم الاهتمام بإدخالها حيز التنفيذ، بالإضافة إلى مشروعات الربط في مجالات النقل والطاقة مثل مصر مشروع الربط البري القاهرة - كيب تاون ومشروع الربط بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط، وأيضا ربط أفريقيا بخط سكة حديد لنقل البضائع.

- أرى أن هناك نقاطا مهمة تتعلق برئاسة مصر للاتحاد الأفريقي خلال هذا العام 2019 أبرزها:

* أن مصر قادرة على قيادة القارة الأفريقية وبالتعاون مع أمنائها إلى طريق التنمية والمستقبل ورفع المعاناة عن الشعوب.

* القاهرة قادرة على التواصل مع دول العالم وقواه الكبرى لمساعدة قارة أفريقيا والاستثمار في قدراتها وثرواتها بنظام المشاركة وليس بنظام الاستغلال من أجل طرف واحد.

* أن النموذج المصري الذي قادة الرئيس عبد الفتاح السيسي بعبقرية وحقق المعجزة الاقتصادية والاستقرار والأمن والأمان في مصر قابل للتطبيق في أفريقيا حسب معطيات القارة لكن القاهرة تملك القدرة والخبرة في تحويل المعاناة الأفريقية إلي طاقة أمل وتنمية.

* أن إمكانيات وقدرات الدولة المصرية ومؤسساتها ورجال أعمالها تستطيع أن تخلق دافعا جديدا في القارة السمراء من خلال قيادة حركة غير تنموية بالتعاون مع الشركاء الدوليين والأشقاء الأفارقة.

* أن مصر عادت إلى حضن أفريقيا، وأن القارة السمراء في حاجة ماسة إلى الريادة والقدرات والخبرات والرؤى المصرية لتغيير واقعها الصعب ومواجهة تحدياتها الكثيرة، وأن القارة أيضا في حاجة إلى الأرض السمراء وهي تشكل جزءا رئيسيا من ركائز أمنها القومي ولن تسمح لأي قوى أخرى للعبث في هذا المحيط المرتبط بمصر ارتباطا رحميا وجغرافيا وتاريخيا بل ارتباط وجود.

* أن رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي ستعطي زخما لتنشيط السلام والتسامح والتعايش وإعلاء مصالح الشعوب وتحسين حياتها وتحقيق آمالها وتطلعاتها، وتمكين المرأة والشباب وتأهيلهم لسوق العمل واستغلال مواهبهم ومهاراتهم في تغيير شكل ومضمون الواقع، القاهرة بخبراتها قادرة على توظيف جميع قدرات القارة السمراء.