الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لم يدفن بسبب مسرحياته وعانى من الاكتئاب.. قصة موليير الذي يحتفي به جوجل اليوم

صدى البلد

"وظيفية الكوميديا إصلاح سلوك البشر عبر تسليتهم" هكذا آمن الكاتب الفرنسي موليير، ليقرر محاكاة الواقع الذي يعيشه عبر مسرحياته التي اتسمت بالكوميديا، أضحك الجمهور ووصلت براعته إلى ملك فرنسا، ومن شوارع باريس إلى قصور الأمراء، وهو أفضل ممثل كوميدى فى العالم ويمكن القول إنه أعظم فنان فى تاريخ المسرح الفرنسي.


ولد الكاتب الفرنسي الشهير جان بابتيست بوكلان (موليير) في باريس عام 1622، وألحقه والده بكلية كليرمون، حيث تلقى تعليمه على يد الطائفة اليسوعية وتعلم منهم الفلسفة، وفتح آفاقا أمامه للقراءة والتعمق في الحياة، ليكون شخصية جديرة بالاحترام، ثم يقرر الالتحاق بكلية الحقوق ودرس القانون.


تعلم موليير اللاتينية، فأخذ يقرأ في الأدب المسرحي والعلوم الكلاسيكية، حلق بخياله إلى عالم المسحر فعشقه، ولم يرد أن يكون قارئا فقط، فأخذ في الانضمام إلى الفرق التي تجوب الشوارع في باريس، متفرجا تارة وممثلا بها تارة أخرى.

أراد والده أن يتتبع الابن خطاه، ويورثه في صناعة السجاجيد للقصر، إلا موليير خالف توقعات أبيه وأعلن عن رغبته في الانضمام لفرقة المسرح، ونظرا لأن ديانته حينها كانت تنظر للمسرح بطريقة دونية قام الابن بتغيير اسمه إلى موليير لعدم إحراج أسرته.

كرس موليير حياته للمسرح، وانضم إلى مجموعة قدم معها عروضا ولكنه دخل السجن مرتين بسبب الديون التى تراكمت عليه، ثم انضم مرة أخرى إلى الممثلين المتجولين، واستطاع معهم تقديم عروض في مختلف أنحاء فرنسا لمدة سنوات، ولاقت عروضهم الكوميدية نجاحا جماهيريا كبيرا، ليلمع اسم موليير وفرقته، حتى أصبح هو قائدها.

وذاع صيت الشاب الكوميدي، الذي استطاع إضحاك الجماهير بعروضه، حتى وصلته دعوة من البلاط الملكي لتقديم عرض أمام الملك لويس الرابع، لتتعالى أصوات التصفيق، بعد انتهاء عرضه، وأبدى الملك إعجابه بالعرض، ونتيجة محاكاة موليير للواقع الفرنسي في مسرحياته، ظهر له أعداء كثيرون، مدعين أن هذه المسرحيات غير أخلاقية، خاصة مسرحيته الكوميدية "المتزوجات"، التي أثارت ضجة حينها، وادعى النقاد أنه سرقها، ليرد عليهم موليير بمسرحية أخرى "انتقاد مدرسة الأزواج".


هاجم موليير حاشية الملك المتملقين في مسرحيته "طرطوف المنافق"، وأصبحت أشهر مسرحياته، لتثير غضب الحاشية وتم منع عرضها لمدة 5 سنوات، وتُعتبر المسرحية الكوميدية "دون جوان" من أعظم المسرحيات الكوميدية التي كتبها موليير، لكن لم تنشر إلا بعد وفاته وبقيت غير معروفة حتى القرن العشرين.

الكوميديا والضحك الذي قدمه موليير لم يعكس حياته الشخصية، بل كان مناقضا تماما لها، فعانى الكاتب الفرنسي الشهير من الاكتئاب والمشاكل الزوجية، بجانب المرض، حيث إنه لم يكن يحب الأطباء أو تلقي العلاج، ولم يؤمن بالطب، وكان موليير ممثلا ومديرا للفرقة في نفس الوقت، ساهم بقدر كبير في وضع أصول الإخراج المسرحي، من خلال إدارته وتوجيهاته الدقيقة لأداء الممثلين على خشبة المسرح، أما عنه كمؤلف فقد قام لأجل خدمة أعماله الكوميدية وتوصيل أفكاره إلى جمهور المشاهدين، بتوظيف كل أنواع ودرجات الفكاهة، من المقالب السخيفة وحتى المعالجة النفسية الأكثر تعقيدًا، هاجم في أعماله المشهورة الرذيلة المتفشية في أوساط المجتمع، وكان يقوم بخلق شخصية محورية تتوفر فيها هذه الصِفات، وتدور حولها أحداث القصة.

كان موليير المدير الفني للفرقة هو الذي يكتب المسرحيات وهو الذي يقوم بدور البطولة، في الوقت نفسه كان يعيش مجموعة من المشاكل في بيته مع زوجته ومع السلطات والكنيسة، وتحت كل هذا الضغط، أصابه المرض وأتعبه، ونصحه صديقه المقرب بترك التمثيل والمسرح، إلا أن موليير رفض وأصر على الاستمرار بالكتابة وأن يمثل ويجتهد حتى أنهكه التعب وأصبح ضعيفا ويسعل بطريقة متقطعة.

حاول إخفاء مرضه لإضحاك الجمهور، وخلال عرض مسرحية "المريض الوهمي"، عام 1673، اشتد على موليير المرض، ليسقط مغشيا عليه، وتوفي بعدها بسبب إصابته بالسل الرئوي، ليرحل أسطورة المسرح في عقده الخامس من عمره، في قلب باريس، ولكن الكنيسة سانت "أُوستاش" التي اتهمته بالكفر رفضت دفنه مثل المسيحيين، فاستنجدت زوجته بلويس ملك فرنسا نفسه كي يتدخل عند كبير الأساقفة، ونجحت مساعي الملك لكن الكنيسة اشترطت أنه سيدفن فى الليل ومن غير طقوس ولا صلاة على الجثمان، ودفن موليير بعد 4 أيام من وفاته في مدافن "سانت جوزيف" المخصصة لدفن المنتحرين والأطفال الذين ماتوا قبل التعميد، ثم تم نقل رفات موليير لـ"مدافن بير لاشيس".