الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د.زهير الحارثي يكتب: المشهد العربي الراهن يعكس معاناته وبامتياز

صدى البلد

التحالفات سواء داخل المحيط العربي أو في النطاقين الإقليمي والدولي، غياب الاستراتيجية العربية ساهم في تعميق الشرخ ما وفر الفرص لقوى إقليمية في المنطقة لمحاولة صناعة عمق استراتيجي لها فإيران وتركيا وإسرائيل تجد لكل منها مشروعا تعمل وفق أجندته عبر الضغط في مناطق عربية مجاورة لها او من خلال تعميق الخلافات والصراعات العربية/ العربية.

عندما نتحدث عن تكتل عربي حقيقي قادر على التعاطي مع التحديات الراهنة فان ذلك يعني فكرة تأمين الدائرة العربية ولذلك محق من يقول أن المساس بأمن مصر او السعودية هو مساس بالأمن القومي العربي. "مصر والسعودية تشكلان العمود الفقري لنظام إقليمي عربي مأزوم ويحتاج إلى رافعة لا يقدر على توفيرها سوى تحالف استراتيجي بين البلدين"، وذلك برسم "علاقتهما الثنائية وفقًا لمتطلبات واحتياجات الأمن القومي" فالتقارب السعودي المصري يعني ترتيبا لأولويات ملفات المنطقة ومواجهة مشاريع النفوذ.

في حواره لمجلة الرجل قال الرئيس عبد الفتاح السيسي وصف مصر والسعودية بأنهما "جناحا هذه الأمة" مؤكدا أن "التنسيق والتعاون والتشاور يتم على اعلى درجة". مشيرا الى رؤيته للعلاقة بين البلدين قائلًا: "توجد رؤية للقيادة السعودية عمرها اكثر من 60 سنة، كانت متمثلة في المغفور له الملك عبدالعزيز، عندما قال إن لمصر والسعودية علاقة استراتيجية مستقرة، وأمن المنطقة مرتبط بهما، والقيادة السعودية مدركة لذلك جيدا، وتعمل عليه"، مطالبًا بالنظر في تاريخ العلاقات بين مصر والسعودية في دعمها في 67، وموقفها البارز في حرب 73، ووقف تصدير النفط للعالم، ليكون هناك موقف في تلك الحرب، إلى جانب أن موقف المملكة في 30 يونيو الواضح، والداعم لإرادة الشعب المصري واكد أن "وراء العالقات المصرية السعودية، تاريخا طويلَا من الاستقرار والتضامن والتفاهم، وبالنسبة لشخص الملك سلمان، فعندما تعرضت مصر لعدوان 56 كان الملك سلمان من المقاتلين".

قبل أسابيع كنت في زيارة برلمانية لأرض الكنانة بمعية رئيس مجلس الشورى، واستمعنا الى حديث الرئيس السيسي حول ضرورة تعزيز العلاقات السيسي مؤكدا وقوفه مع المملكة ضد الابتزاز السياسي واكد على سيادة المملكة واستقلاليتها. الزيارات البرلمانية بين البلدين لا تقل أهمية عن زيارات المسؤولين المتبادلة كونها تمثل سند حقيقي داعم للدولتين في المحافل والمنظمات الدولية ويجب استغلالها وفق مصالحهما المشتركة.

ولكن ماذا أيضا عن وسائل أخرى تدعم توجه الدولتين وتحقق الأهداف الكبرى؟ طبعا هناك أدوات يمكن استخدامها لتعزيز هذا التحالف غير ان سلاح الاعلام في تقديري يُعد أقواها تأثيرا لما تزخر به البلدان من إمكانات وكفاءات بشرية ومؤسسات صحفية قادرة على مواجهة الاعلام المعادي. المعركة التي تخوضها المملكة ومصر ضد الارهاب وضد مشاريع الهيمنة على المنطقة بحاجة الى خطاب اعلامي مشترك تعبوي يعزز حقيقة التضامن العربي المشترك والدفاع عن القضايا العربية ويدفع باتجاه تكريس حماية الامن القومي العربي ومواجهة المشاريع التي تحاك وتستهدف بلادنا العربية بتعرية خطاباتها المعادية وتفنيدها. التعاون والتنسيق الاعلامي المهني والمدروس بين البلدين بمقدوره الارتقاء لمستوى التحديات ومواجهة الماكينة الاعلامية المضادة التي تقودها قطر وتركيا.

اتصور انه طالما كانت هناك رؤية واضحة واتفاق مشترك فانه بما لديهما من مقومات وامكانات يمكن توظيفها بفعالية بشرط تكثيف الاجتماعات وتهيئة اجوائها مسبقا لا سيما في ظل تعدد المؤسسات الاعلامية بتاريخها وتجاربها في البلدين ما يعني ترتيب الاولويات والتنسيق لمواجهة التحديات فضلا عن الاستفادة ايضا من مراكز بحثية اعلامية متخصصة.

لا يمكن النظر الى أي زيارات قادمة بين قيادات البلدين بمعزل عن التطورات الاقليمية والتفاعلات الدولية، فهي بمثابة تكريس لمسار العلاقة ما بين الرياض والقاهرة بما فيها من شواهد وخيارات استراتيجية لمصلحة البلدين من ناحية وحماية الامن القومي العربي ومواجهة التهديدات الاقليمية من ناحية اخرى. البلدان مقتنعان ان التحالفات العربية التقليدية والقديمة لم تعد ذات جدوى لاسيما في صعود قوى إقليمية ولذلك أصبح التحالف السعودي المصري مطلوبا ما يعني وجود سياسة عربية فاعلة تستطيع أن تملأ الفراغ ومواجهة الاختراق.