الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بعد عامين على دخوله البيت الأبيض.. كيف نجح ترامب في فرض سياسة أمريكا أولا وإلغاء هيمنة بلاده على النظام العالمي.. توقعات بوجود فراغ دولي لـ6 سنوات والصين تتولى الزعامة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

  • عامان على رئاسة ترامب.. الهيمنة الأمريكية تشهد ذروة ضعفها
  • سياسة أمريكا أولا تنجح في خلق فراغ عالمي يهدد بانهيار العولمة
  • الصين تتولى الزعامة.. والعلاج في يد الحكومات الأوروبية

بعد أكثر من عامين على دخول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، البيت الأبيض، بدأت نتائج وتأثيرات سياسته "أمريكا أولا" تظهر بوضوح، سواء على النطاق المحلي وفي سياق الصراع التاريخي بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، أو على الصعيد الدولي.

ومع صعود سياسة "أمريكا أولا" بدأت نهاية الاستقرار ضمن نظام الهيمنة الأمريكية التي تدعم فيها الولايات المتحدة نظامًا عالميًا شيدته هي وحلفاؤها بعد الحرب العالمية الثانية، وهو ما جعل مؤيدو هذا النظام القائم على أطراف عدةٍ يشعرون بالقلق.

مجلس الدراسات الأوروبية "سي. إي. إس" نشر تقريرًا مطولًا يستعرض فيه هذه الفكرة وعودة النزعة التجارية للولايات المتحدة، مؤكدًا أننا نشهد في الوقت الراهن انهيارًا للعولمة والتجارة الحرة وهو ما سيحمل آثارًا اقتصادية سلبية سواء على الشعب الأمريكي أو الشعوب الحليفة للولايات المتحدة.

يقول التقرير إن ترامب كان صريحًا منذ إعلان نيته للترشح للرئاسة في 2015، سواء من ناحية بشأن ازدرائه للعديد من جوانب النظام العالمي الجديد، أو تبنيه الأيدولوجية الشعبوية التي تركز على فكرة "أمريكا أولا"، فقبل عقود من فوزه بالرئاسة، وهو الفوز الذي شكَّل مفاجأة مزعجة للمؤسسة السياسية الأمريكية، عُرف عن دونالد ترامب انتقاده الشديدة للعولمة والنظام التجاري العالمي، بل إنه وفي بداية 1993 هاجم اتفاقية أمريكا الشمالية للتجارة الحرة "نافتا".

علاوةً على ذلك، كان ترامب من أشرس المهاجمين للعلاقات الصينية الأمريكي منذ أوائل العقد الأول من القرن الحالي، والآن وعلى الرغم من أن تصريحاته على موقع "تويتر" تثير غضبًا شديدة لدى دبلوماسيي واشنطن، إلا أن هذه التغريدات متسقة مع مواقف الرئيس السابقة وتعهداته الانتخابية لعام 2016، التي اعترض فيها بشكل مباشر على المعايير الاقتصادية الليبرالية الدولية في الماضي، أي في فترات رئاسة كل من باراك أوباما، وجورج بوش الابن، وبيل كلينتون، وجورج بوش الأب.

لقد كان ترامب في خطابه الشهير عند توليه الرئاسة، واضحًا للغاية في أن الولايات المتحدة ستأتي قبل أي شيء بالنسبة له، وبالتالي بات صدى حقبة الثلاثينات والفترة الانعزالية، صادحًا للغاية.

لقد ألغى ترامب الزعامة الأمريكية للنظام العالمي حينما رفض التوقيع على بيان مجموعة الدول السبع الكبار عام 2018، وهو ما أثار غضب دولًا عدة، وعندما رفض حتى الإشارة اللفظية لعبارة "نظام عالمي مبني على النُظم والقوانين" المذكورة في البيان.

أيضًا، أشار ترامب في خطابه الذي ألقاه في الأمم المتحدة عام 2018، إلى أن إدارته هجرت "إيديولوجية العولمة"، واعتنقت مذهب "الوطنية"، ومنذ ذلك الحين تركت سياسة "أمريكًا أولًا" آثارها المفزعة على نظام التجارة العالمي.

وبحسب التقرير، يواجه نظام التجارة العالمي في الوقت الراهن أخطر تحدياته منذ عام 1944، بيد أن منظمة التجارة العالمية واقعة في جمود مميت، ونظام تسوية الخِلافات بالكاد يعمل تحت إشراف هزيل من ثلاثة قُضاة فقط، ومع نهاية العام سيتوقف عمل هذا النظام مع توجّه المزيد من القُضاة نحو التقاعد، وإن لم يتم إيجاد بدائل لهم فإن العمليات التجارية على مستوى منظمة التجارة العالمية ستتوقّف.

ولطالما هدد ترامب بمغادرة منظمة التجارة العالمية إذا ما تعارضت قراراتها مع مصالح الولايات المتحدة، وهو أمر ممكن الحصول، وفي الوقت نفسه، تشير الدلائل إلى أن توسّع التعاملات الثنائية الجديدة اليوم يمكن أن يؤدي إلى ترسّخ نظام تجاري أكثر انقسامًا وتعقيدًا، وأقل حريةً وعدالة؛ وذلك لأنه سينحاز أكثر للدول الكبرى، مما سيلحق الضرر بالدول الأصغر والأضعف.

أضف إلى ذلك أن استبدال التعاملات التجارية العالمية الشائعة بمجموعة من التعاملات الثنائية هو بطبيعته مسألة أكثر تعقيدًا، وأقل فائدة، وبالطبع أكثر صعوبة بالنسبة للشركات الكبيرة والصغيرة على حد سواء.

يقود هذه التعاملات الثنائية اليوم موظفون كبار معادون للنظام العالمي، مثل بيتر نافارو، مساعد المدير الرئيسي للتجارة والسياسة الصناعية، ومؤلف كتاب الموت القادم من الصين، الذي يتبنى آراء الرئيس ترامب بالكامل.

ورأى التقرير أن هناك ضرورة أن يخطط المدافعون عن النظام التجاري العالم لغياب الولايات المتحدة عن المشهد، كما يجب على القادة الأممين الاستعداد لعالم ما بعد "أمريكا"، ووضع خطط لمواجهة سيناريوهات التغيرات المناخية، وتطوير سياستهم الخارجية إزاء بؤر التوتر، وأيضًا التحضّر للصفقات التجارية الجديدة، دون التعويل على الدور الأمريكي التاريخي في كل هذه الأمور.

وتوقع التقرير أن الخواء الأمريكي قد يستمر لست سنواتٍ أخرى، إذ أن أسهم فوز ترامب في الفوز بالانتخابات الرئاسة عام 2020 قوية للغاية، خاصة بعد أن انخفضت نسبة البطالة إلى 3.7 في المائة، وهو أدنى مستوى لها منذ 49 عاما.

لذلك، هناك توقعات كبيرة أن النظام العالمي سيتضرر كثيرًا خلال هذه الفترة، وهذا هو الواقع المرير الذي تولي الحكومات انتباهها له الآن.

كما أن هناك حاجة لإعادة تشكيل تحالفات للدفاع عن النظام العالمي، من دون الولايات المتحدة، وقدر الإمكان، إلى جانب الصين، بيد أن الرئيس الصيني، شي جينج بينج، أخذ على عاتقه بالفعل لعب دور المدافع الرئيسي عن العولمة، في المنتدى الاقتصادي العالمي، وأيضًا في الأمم المتحدة، وهذا يشير إلى أنه قد يكون شريكًا مرغوبًا.

ثالثًا، يجب على الاتحاد الأوروبي وقادته أن يدافعوا بقوة عن النظام الدولي القائم، بدل أن تهرول دوله منفردة للبحث عن امتيازات قصيرة الأمد، بالتوافق مع رئيس متقلب وسريع الغضب.

وخلص التقرير إلى أن حكومات الاتحاد الأوروبي اليوم، مطالبة بأن تدعم النظام الدولي الذي دعم السلام، والتكامل السياسي، والعولمة الاقتصادية، والزيادة الهائلة في إجمالي الناتج المحلي العالمي.