الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

يسري محمد يكتب: السرقة عند الأطفال.. الأسباب والوقاية والعلاج (2-3)

صدى البلد

تحدثنا فى المقال الأول من هذه السلسلة التربوية عن السرقة وأسباب تفشيها بين الأطفال، وبيَّنا أنه لا مكان للتجمل أو نكران الواقع، فالأمر حقيقى والشكوى منه كثرت وتعددت صورها، واليوم نتحدث عن سبل الوقاية من هذه الآفة سعيا منا إلى منعها، ثم نصف الدواء كاملا فى المقال القادم.

إن طرق الوقاية متعددة الأدوار بين البيت والمدرسة والمجتمع والدولة بصفة عامة، لذلك فالوقاية تكون من الآتى:

أولا: حسن الإنفاق
وهذا البند هو من أعظم سبل الوقاية، فالدافع للسرقة فى معظمه يكون لطلب الحاجات والحصول على ما حرم منه الطفل، وعليه فإن دور الأب مع الإحاطة هو الإنفاق، بل من عوامل التفضيل الربانى للزوج أصلا هو الأنفاق "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم"، والأولى بالإنفاق هى الأسرة وفى القلب هم الأطفال الذين ترى أعينهم كل شيء جميلا يتمنون الحصول عليه، ولما يحرموا نتيجة البخل الأسرى يكون المآل ما نسمع ونرى، فالوقاية هنا مصروف خاص بالطفل يشعره بذاته ويعالج آفاته النفسية.

ثانيا: الغرس والتعليم
إن دور الأب والأم فى ترسيخ المعانى والصفات القيمة فى حياة أبنائهم فرض لا مناص منه وواجب حتمى الحدوث ولا مجال للتهرب أو التعلل بالعمل والوقت الضيق، فما تتعلل منه اليوم ربما يكون وبالا على الطفل وعندها لن ينفع الندم، لذلك فالأب النافع الواعى هو الذى يغرس فيه أطفاله كل قيمة جليلة وسمت حميد ويحذره من الصفات السيئة، وأن اليد التى تمتد لتأخذ ما ليس لها هى يبغضها الله ورسوله والمجتمع، وهكذا يكون الطفل صالحا مصلحا ويقف عند الصواب والخطأ بفعل التوجيه التربوى الناجح من ذلك الأب الواعى الحريص على ثمرته ورعيته.

ثالثا: الانضباط المالى
إن اليد لا تفكر فى السرقة والأخذ من تلقاء نفسها، فالأمر يتكرر فى العقل مرات ومرات مع رؤية بعض الأشياء الثمينة مهملة على الأريكة أو المكتبة أو بجوار الشاشات أو بقايا المصروفات متروكة، وهذا شيء عادى، فالبيت كله واحد والأمان موجود، لكن الحذر هنا ليس عيبا، وعليه فمن الضرورى عدم وضع أموال أو مشغولات ذهبية "إن وجدت" أو أقساط أمام الأطفال، فالأمر يبدأ باللهو والضحك ثم يتحول لإخفاء ونكران بمعرفة المكان مصحوبا بالبكاء، وهو سلاح فتاك تضعف أمامه كل أم.

رابعا: القدوة العفيفة
إن ضرب الأمثال عبر القصص الأطفالى مهم جدا، وبراعة اختيار قصة تخدم على علاج هذه الآفة من قبل الأم أو الأب هو من البراعة التربوية وترجمة لحالة أسرة واعية حريصة على الأبناء.

وعليه فضرب المثل بالأخ الأكبر أو أحد أقاربه وقص مواقف تعبر عن الأمانة فى مثل هذه الأمور وعدم إخفائها أو مد يده لأشياء غيره كل هذا مهم، فالأطفال عادة تميل وتحب القصص ولا ضير أيضا أن يؤلف الأب قصة من خياله عن ذاته، وهو صغير ومواقف تعرض لها تخدم على عفة النفس والأمانة والمحافظة على حاجة الغير والآخرين، المهم البساطة والنية الصالحة ثم الدعاء لله بإخلاص ويقين أن يحفظ له ولده.

خامسا: المصارحة والوضوح
إن من أهم المشكلات التى تطيل عمر هذه الظواهر هو عدم المواجهة إلا بعد مسافات من الأزمات، فيحدث الأمر مرة واثنين، ويخشى الآباء التحدث خشية أن يزعجوا نفسية الطفل وهذا خطأ، فالأمر كلما كان مبكرا كان العلاج أسرع فهو مرض إذا عجلت بالدواء كان الداء محاصرا ثم مندثرا، وإذا أهملت تمكن من الجسد وأنهكه وعجزه لذلك، فالطبيعى أن يصارح الآباء أبناءهم فى إطار الأسرة الواحدة التى يسودها المصارحة والحب والألفة ولا مكان للتجمل أو الكذب، كذلك هناك مجال للثواب والعقاب فليس كل عقاب عقدة نفسية، وليس كل ثواب إفراطا فى التدليل.

ختاما؛ هذه هى علامات وسبل الوقاية التى رأينا أنها مهمة وعميقة وعملية وكل أسرة فى حاجة إليها، وقد آثرنا أن نعطى كل واحدة حقها لأن الأمر جد خطير، حتى نكون أخذنا بجميع الأسباب، بيَّنا الأسباب وطرق الوقاية ثم العلاج، وهذا فى المقال القادم والله المستعان.