الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د.غادة حمادة تكتب: الديمقراطية اليونانية

صدى البلد

هل تساءلت يوما ما معنى الديمقراطية... من أول أناس طبقوها.... ستجد ان أول من اخترعها كان اليونانيون القدماء... وتعني سلطة الشعب في إدارة الدولة خارجيا وداخليا... ولكن لم تكن الديمقراطية بمفهومها الذي نعرفه... لأنها كانت فقط ديمقراطية النخبة... فقد كان المجتمع اليوناني مقسما لثلاث طبقات... طبقة العبيد التي لا تملك أي حق في ممارسة الحقوق السياسية... والطبقة الثانية يمكنك تسميتها مجازا بالنصف مواطنين وهو ابتكار خاص بالديمقراطية اليونانية حيث انهم احرار ولكنهم لم يرتقوا لمرتبة المواطن الكامل ولا يحق لهم ان يمارسوا حقوقهم السياسية... والطبقة الثالثة هي طبقة الاحرار وهؤلاء فقط لهم الحق في ممارسة الحقوق السياسية كاملة... وهذا ما كانت عليه الديمقراطية اليونانية القديمة.

في عصرنا الحديث اعتبرت الامم المتحدة ان الديمقراطية هي من حقوق الانسان.. التي تضمن للمواطن الحق في الانتخابات الحرة... وإنشاء الاحزاب والانتماء لها... والتعبير عن الرأي بين المواطنين بغض النظر عن عرقهم او مستواهم الاقتصادي والاجتماعي او جنسهم... وسيجيء السؤال الذي يطرح نفسه حين تخلصنا من حكم الملوك والديكتاتوريين هل اتخذنا مفهوم الديمقراطية كما في ميثاق الأمم المتحدة وطبقتها الدول العريقة ديمقراطيا... أم بمفهوم الديمقراطية اليونانية.

ولو ألقينا نظرة فاحصة على واقعنا وبدون أدنى تدقيق... سنكتشف أننا اتخذنا الديمقراطية بمفهوم اليونان القديمة... ديمقراطية النخبة الطبقية... والمجتمع قسم نفسه لطبقات... وكل طبقة تتعالى على الأخرى برأيها ووعيها وقناعاتها وتراه الاسلم والاصح، أما الاخرون فيتهمونهم بالجهل والغباء... ولن تجد احدا مطلقا قد آمن حقيقة بديمقراطية الحق في التعبير عن الرأي وأن هناك اختيار نعم والآخر لا بدون اي تهميش او استعلاء.

وحين خرج المخرج الشهير علينا صاحب السي ديهات المسربة بتويتة ختمها بكلمة " المجد لمن قالوا لا للتعديلات الدستورية"... تجد نفسك تتساءل... لماذا لهم المجد... وأي مجد يقصد... وهل المجد لا يأتي الا بأن تقول لا... وماذا عن من قالوا نعم... هل اصابهم العار والضلال... وتتساءل ثانية هل من تغنوا بالديمقراطية هم يقصدونها ويؤمنون بها أم يقصدون فقط ديمقراطية الرفض والمناوءة... حتي يخرج المخرج الشهير والبرادعي وأمثالهما ليوزعوا أوسمة المجد علي الرافضين ويهللون للنواب الذين صوتوا ضد التعديلات بمفهوم سطحي عن الديمقراطية التي تنحصر فقط في كلمة لا.

أقولها صراحة ان الله قد ابتلانا بطبقة النخبة الذين اختاروا بعضهم لتشابههم في الافكار او المصالح او المستوي الاجتماعي ويمارسون علي بقية الشعب ديكتاتورية الديمقراطية اليونانية.... هم فقط من الاحرار الذين لهم الحق في التعبير الحر عن الرأي أما الباقون فلا يملكون الاختيار السليم ويندرجون اما تحت بند النصف مواطنين ولا يحق لهم الا اتباع النخبة ليقولوا آمين لخياراتهم... او البسطاء غير العاملين بالسياسة... طبقة العبيد التي لا وزن لها إلا فقط لتأييدهم.

ياللعار... ألا ترتقون قليلا... ألن تتحرروا من هذا المفهوم القديم... مفهوم المجد لمن قال لا والعار لمن قال نعم... متي ستتخلصون من مفهوم ديكتاتورية النخبة... والتي مارسها الاخوان سابقا بالطبقية الدينية ويجب ان نوافقهم لأنهم "بتوع ربنا"... والان تمارسون على بقية الشعب طبقية المثقفين والصفوة... أفيقوا قليلا... فحين نزل اكثر من 30 مليون مصري للميادين في طول مصر وعرضها ليزيحوا "الناس بتوع ربنا" وينهوا ديكتاتورية الطبقية الدينية... لم يعزلوهم لتقفزوا علي اكتافهم وتمارسوا عليهم ديكتاتورية النخبة... وديمقراطية الصفوة التي تفهم حصريا وتفرض ديمقراطيتها علي بقية الشعب.

في يقيني ان الرئيس السيسي يعلم ذلك جيدا... بل قالها انه يجلس في هذا المنصب بسلطة الشعب واختيار الأغلبية... وسينزل منه بسلطة الشعب واختيار الاغلبية... هو يعلم ان هذا الشعب حين تمرد ليختار الانسب في إدارة دولته لن يتواني ثانية في تكرارها وإزاحة من يتلاعب بمقدراته واستقراره... هذا الشعب خرج من القمقم ولن يسمح ثانية لأحد... اليوم او غدا او بعد غد... بأن يأخذ وطنه في منحنيات خطرة تهز أمنه او طموحه في التغيير لمجرد بريق ومجد كلمة لا... هذا الشعب لن يقبل احدا لا يطبق عليه ديمقراطية الاغلبية..

فبالتالي نصيحة صادقة لأصحاب نظرية ديمقراطية النخبة والمثقفين... فلتحترموا حق الآخر والأغلبية في التعبير عن رأيهم...احترموا حق من يقولون نعم حتى يحترموا حريتكم ورأيكم بأن تقولوا لا.