الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

شريف سمير يكتب : زمن آل الشيخ

شريف سمير
شريف سمير

لا أتردد أبدا فى توجيه الشكر والعرفان إلى تركى آل الشيخ رئيس هيئة الترفيه فى السعودية.. ذلك الشرطى المحترف الذى قبل مهمة زرع الفوضى الرياضية فى الملاعب المصرية وأغرق الأندية فى صراعات وسباقات محتدمة طوال الوقت لشراء اللاعبين بأسعار فلكية تستفز رجل الشارع وتثير سخط البسطاء وفقراء الشعب!.

ولا نملك إلا التصفيق لبراعة الثعلب السعودى فى استغلال حالة "الانفلات المادى" الذى تعانى منه أنديتنا وغياب الموهبة الإدارية فى الحفاظ على نسق اللعبة الشعبية الأولى .. ولكى نتحرى الموضوعية فى قراءة وتحليل المشهد الكروى فى مصر، علينا الاعتراف أولا بأن منظومة الاحتراف الرياضى فى العالم قد تغيرت رأسا على عقب، وصارت لغة الأرقام وشيكات الملايين المنطق الحاكم لسوق اللاعبين وانتقالاتهم الصيفية والشتوية بين الأندية المتنافسة .. ولكنها تظل منظومة خاضعة لقواعد وضوابط واحترام العقود المكتوبة والشروط الجزائية بما لايخل بسمعة اللاعب أو صورته فى عيون جماهيره .. وتُلزم قوانين الاحتراف الشريفة كل نادٍ بالسيطرة على حركة البيع والشراء وعدم الدخول فى صفقات مشبوهة تلوث رسالة الرياضة وفلسفة المنافسة النزيهة .. ومايحدث فى مصر يتعارض مع أسس وأبجديات الاحتراف نظرا لأن المسألة تحولت إلى "عملية خطف وقرصنة" سريعة ومتلاحقة للحصول على "اللاعب الفُلانى" بأي ثمن وأي وسيلة بغض النظر عن حجم الاحتياج إليه، وما إذا كان الفريق سيستفيد منه أم لا.

وتهرول الأندية لرفع بورصة اللاعب المصرى وإنفاق الملايين على تكدس النجوم فوق دكة الاحتياطى لحين الاعتماد عليهم، بينما قطاعات الناشئين زاخرة بالمواهب والمهارات النادرة ولايلتفت إليها أحد إلا عند الضرورة لـ "كمالة العدد" أو سد النقص .. علما بأن الفرق العالمية تحصد البطولات والأرقام القياسية بأقدام الشباب والبراعم الصغيرة التى لم يفسدها بريق الشهرة وشهوة المال!.

هذا ما فعله آل الشيخ عندما احتل بأمواله نادى بيراميدز واستقطب أسماء ذات تاريخ وثقل ليتحدي بفريقه قطبى الكرة "الأهلي والزمالك" .. ووقع الكيانان الكبيران فى شراك الفخ السعودى فانخرطا فى سيل الصفقات والحرب الإعلامية وفتحا خزائنهما أمام سماسرة اللعبة، ولم يتنبه أساتذة الإدارة فى الناديين العريقين إلى أن التركيز على أبناء النادى وشمولهم بالرعاية ماديا ومعنويا هو مفتاح الانتصارات والإنجازات، والنجم المستورد يبقى إضافة وعنصرا مُطعِّمًا للأداء .. وفى ظل هذه الأجواء المشحونة بالغضب والسب والقذف و"قلة الأدب" لا تنتظر استقرارًا أو مُناخًا صحيًا سواء داخل الملعب أو فى المدرجات .. أو فى البيوت وبين رواد المقاهى .. وأيضا على منصات الإعلام المفترض فيها التوعية والتبصير بمخاطر هذا الانفلات، لا أن تصبح حلقة من حلقاته وتتورط فى ترسيخه!.

إن ما تخسره الرياضة المصرية لايُعوضه "سُعار" الملايين الذى يجتاح أندية الكبار ويلتهم صغار الموهوبين فى اللعبة على نحو مخيف وغير مشروع .. وقبل أن نلوم زمن "آل الشيخ" ونعيب فيه، علينا أن نحاسب أنفسنا ونصوب أخطاءنا ونرفض أن نكون "دمية" تحركها الأصابع الحريرية .. مهما كانت الإغراءات .. وبلغت المصالح!.