الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رصيف نمرة 6.. حكايات من محطة الوصول إلى المثوى الأخير

رصيف نمرة 6 - محطة
رصيف نمرة 6 - محطة رمسيس

الوصول إلى المحطة لم يكن نهاية الرحلة، كانت النهاية أبعد مما تخيل البعض، وأصعب من مجرد الموت في حادث قطار.

لم يكن منطقيا السؤال عن السبب أو كيفية وقوع الحادث وقتما سمع أحمد ارتطاما قويا هز الأرض من تحت قدميه وصدع الأرصفة ورنت له أعمدة الحديد بصوت صعق أذنيه "إنها لحظة لن تنسى أو تسقط من الذاكرة، عندما نظرت بعيني أرمق ما قد يكون قد وقع لأرى أمواجا طائشة من البشر تتحرك في اتجاهات متعاكسة لا ينفك كبيرهم عن الصراخ مثل صغيرهم".

"أحمد - 23 سنة" كان يقف على رصيف 1 لكن 5 أرصفة لم تكن حدا فاصلا لينبعث الفزع في نفسه، وتدب الضجة في أرجاء الأرض التي لم تحتمل قدماه الثبات عليها فجلس إلى الأرض مستندا إلى حائط قرب صيدلية في داخل المحطة تطوعت لا إراديا بقطن وشاش لبعض المصابين أصحاب الجروح الخفيفة.

يقول أحمد "لم أحتمل البقاء أكثر من ذلك وسط صراخات أخبرتني أن الفاجعة خلفت ضحايا ومصابين كُثر، فانسحبت إلى الخارج بينما يمر من جانبي من قادته شجاعة نفسه إلى الداخل ليساعد هؤلاء الذين يحتاجون المساعدة .. لقد كانوا أقوياء عند تلك الشدة .. كم وددت لو كنت أملك تقديم المساعدة بشكل آخر، حتى أشيع فيمن وقف بالخارج أن مستشفى الهلال تحتاج إلى متبرعين بالدم فهرولت إلى هناك".

من زاوية أخرى، كان يحمل "محمد صابر - 21 سنة - طالب" حقيبته متوجها إلى داخل المحطة على بعد خطوات من البوابة الإلكترونية، لم يلبث محمد أن يختلع حقيبته من على كتفيه حتى اقتلع الفزع أوصاله عندما ارتجت نفسه على وقع صوت لم يعرف له مصدرا أو وجهة، تغيرت اتجاهات الطالب من الأمام إلى الخلف في صفوف من الفارين إلى اللا شيء بلا سبب سوى الخوف من مجهول ما.

وقف محمد في جمع غفير من المشاهدين تنصب أعينهم محدقة للسماء في دهشة بائسة، دخان يملأ جنبات السماء يخرج سحابات سحابات من فوهة واحدة، بينما التساؤلات لا تنقطع في صيغة مشتبهة "هو إيه اللي حصل ؟" في حين تتعدد الإجابات في شتات وعشوائية "حادث قطار .. انفجار .. حريق .. صدام" كلها إجابات لم تشبع فضول بعضهم فحاول الدخول إلى المحطة لكن الأمن منعهم من ذلك مفسحا المجال للمسعفين وأفراد الأمن فقط.

الصورة تنتقل إلى مكان آخر أمام مستشفى الهلال بالقرب من محطة السكك الحديدية برمسيس، بينما المشاعر تتوحد في ذات اللحظة والمخيلات تتمادى في رفض تصديق ما يحدث .. كانت هذه الصورة بالتحديد ما حدثته بها نفس "نبيل 33 سنة - صيدلي "

انتقل نبيل مسرعا من أمام المحطة إلى المستشفى بصحبة المصابين متطوعا بما يملك من خبرات في الإسعافات، لكن دوره كان قد انتهى عند تسليم المصابين الى المستشفى وبدأت أدوار أخرى قادها الأطباء ورسم تفاصيلها شهامة هؤلاء المئات الذين بادرو للتبرع بدمائهم لإنقاذ المصابين.