الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د.جوزيف رامز أمين يكتب: كيفية مواجهة كوارث القطارات المفجعة

صدى البلد

اعتصرنا الألم والحسرة على كل من طالته نيران جرار القطار الطائش بمحطة مصر ؛صباح أمس؛ الأربعاء٢٧ فبراير.. والذى لم يقتصر فقط على أرواح الأبرياء والجرحى والمصابين والخسائر المادية الضخمة وإنما جعلنا أيضا أضحوكة العالم المتقدم وحتى النامى..بجانب اننا اكتوينا بخسارة أبناء الوطن الغالى بدون أى ذنب اقترفوه.

ولأن تكرار حوادث القطارات بهذا الشكل المفزع..وفى ظل كل الحكومات والأنظمة المتعاقبة يشير بلا أدنى شك الى أن المشكلة يكون سببها أحد العاملين فى قاع الهرم الوظيفى للمصلحة سواء كان سائقا أو مساعدا أو تباعا أو عامل سنافور أو غيره من المهن التى قد نكون أهملنا فى اعداد كوادرها وتدريبهم وتأهيلهم مهنيا ونفسيا وأيضا اعطائهم الأجور المناسبة لكى يتفرغوا لأداء عملهم بقدرة وكفاءة...وعفوا اذا قلت إن العاملين فى قطاع السكك الحديدية وحتى منذ أيام الاحتلال كان يشار اليهم بالبنان لهيبتهم وجديتهم وأمانتهم ومظهرهم المشرف وانضباطهم التام..فماذا حدث..ولماذا هذا التسيب الزائد عن الحد الآن؟ .

وبداية أنوه الى أن مصر تدير مرافق وهيئات أخرى لا تقل عن مرفق السكك الحديدية فى أهميتها وفعاليتها بل تزيد أهمية وشهرة "محلية ودولية" وذلك بكفاءة واقتدار،مثل:هيئة الطيران المدنى،وقناة السويس، والنقل البحرى والجوى وأيضا البرى وغيرها.. بدون هذا الصداع من المشكلات والحوادث كل حين..وبكفاءات مصرية وطنية خالصة..

إذن فالمشكلة متوطنة فى قطاع بعينه وهو السكك الحديدية، يبدو أنها مشكلة متوطنة والفساد وسوء الادارة يبدو أنه قد وصل فيه الى العمق..وطال الوظائف المهنية الحساسة به.

وما العمل؟

وحقيقة.. كلى ثقة فى قدرة الرئيس السيسى وطموحه الكبير ونجاحاته فى الداخل والخارج ورغبته الجادة فى بناء مصر المعاصرة لتكون فى مصاف الدول المتقدمة,وانحيازه الواضح الى المصريين..لكن فى مواجهة هذه الاخطاء الكارثية الضخمة والتى لايمكن أن يتحملها جهاز مترهل وشايخ ..تماما كما قال وزير النقل المستقيل بالأمس,بات من الضرورى والعاجل البحث عن أساليب غير تقليدية لمواجهة المشكلة.

.. والحل فى رأيى أن يتم الاستعانة بأحد الكوادر القيادية الأجنبية الناجحة فى مجال ادارة مرفق السكة الحديد أو القطارات السريعة بشكل عام..ولتكن احدى دول جنوب شرق آسيا مثل: اليابان أو سنغافورة أو دول أوروبا الشرقية مثل:رومانيا أو بولندا وغيرها من الدول الصديقة والتى تفوقت فى هذا المجال بكفاءة وقدرة فائقة..ومن الممكن أن يعاون من نستعين به فى البداية طاقم مساعد من بلده يعمل فى المحطات الرئيسية والمناطق المزدحمة..ليتمكنوا من ادارة المرفق بنجاح ,وبالطبع يكون معهم الكوادر المصرية الشابة لكى تتعلم من خبرتهم وكفاءتهم فى اعمال الادارة وتدريب العاملين وإعادة تأهيلهم مهنيا ونفسيا..

ليس عيبا أن نتعلم من الآخرين الذين سبقونا ونجحوا وتفوقوا ولكن العيب أن نستمر فى اعادة أخطائنا بهذا الشكل المفزع,مع الأخذ فى الاعتبار استبعاد بند المجاملة الذى لا يوجد لدى الدول المتقدمة..وتطبيق معيار الخطأ والصواب بكل دقة وشفافية. ويشار فى هذا الشأن الى تجربة المدارس اليابانية التى بدأنا الأخذ فى تطبيقها والاستفادة منها مع الأخذ فى الاعتبار قدرتهم الفائقة فى تطوير القطارات وصيانتها والمحافظة على أرواح الركاب والمسافرين فى سيمفونية وتجربة انسانية رائدة تستحق أن نتعلمها ونحذو حذوها.

كيفية مواجهة المشكلة الحالية:

ويجب القول إن الحادثة الأخيرة تركت أثرا سلبيا سيئا فى نفوس المصريين جميعا سواء من أضيروا بشكل مباشر أو من جموع المواطنين..لذا فإن تداعيات الحادث يجب معالجتها بكل حكمة وفرض أقصى عقوبة قضائية ممكنة وعاجلة على المهملين والمتسببين كافة ومن تراخوا فى اتاحة الفرصة لحدوث تلك الكارثة...حتى يشفوا ضمير هذا الوطن الموجوع من الحادثة.

.. ومن الواضح أننا لا نريد فقط اصلاح المزلقانات أو قضبان السكك الحديدية ذاتها..أو حتى واجهة المحطات وتنظيمها ونظافتها وخلافه..اننا نريد ثقافة جديدة لركاب القطارات المصرية وروادها وهم كثيرون ويستخدمونها يوميا بالملايين..نريد احترام مواعيد انطلاق القطارات ووصولها...نريد ثقافة المحافظة على نظافة القطار وهدوئه..نريد الالتزام بالمعايير الدولية فى الأمان والاطفاء داخل القطارات وفى جميع المحطات..الأمر الذى غاب أمس برمته...نريد الاصلاح والتطوير فى هذا المرفق الحيوى والهام..والذى يرتاده الملايين كل يوم.

رؤية المستقبل:

نتمنى أن تكون هذه الحادث البشعة هى آخر كوارث مرفق السكك الحديدية وأن يتفضل السيد مدير الهيئة ومدير محطة مصر التى حدثت بها هذه الفاجعة بتقديم استقالتهما طواعية احتراما لأسر وأرواح الضحايا والمصابين ,بل احتراما لأنفسهم كما فعل السيد الوزير المستقيل أمس,رغم أنه ليس المسئول المباشر عن الحادث. لكن يجب أن يحس المسئولون بالجرم المرتكب فى حق الوطن كما ذكر السيد رئيس الوزراء أمس وذلك تنفيذا لتعليمات الرئيس السيسى أن كل مقصر أو مهمل سينال جزاءه.. وأنه لا تهاون فى إهدار أرواح الشعب وأعز أبنائه.