الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إبراهيم رضوان يكتب: رصيف نمرة 6 .. !

صدى البلد


هكذا تفوق "رصيف نمرة 6" على "رصيف نمرة 5" ، فالأول كشف حجم الإهمال والفساد ، حيث إحترقت أجساد 22 ضحية في إنفجار القطار ، وتبعثرت أشلائهم وأحلامهم على الرصيف ، وأكلت النار أجسادهم بلا رحمة ولا سابق أنذار ..

لقد شاهدنا فيلم " رصيف نمرة 5 " عشرات المرات ، وصفقنا جميعا لرائعة يوسف شاهين وهند رستم ، وبكينا من أجل هؤلاء الفقراء الذين يلهثون وراء قوت يومهم ، ولكن مع ذلك كانت لديهم لحظات يختلسون فيها السعادة والحب والأمل ..

أما " رصيف نمرة 6 " ، فكان حقيقيا ، مرعبا ، جسد الأهمال والفساد في منظومة السكك الحديدية وفي كل مؤسسات الدولة المترهلة ، التي لا تبالي بإنسانية الإنسان المصري ، إنفجر القطار بسبب الإهمال ، وأكلت النيران الأجساد الطاهرة ، المثقلة بهموم الحياة ، وبالغد الجميل الذي لا يأتي أبدا ..

صرخة تلك الفتاة العشريينة التي اكلتها النيران أثناء وقوفها على المحطة ، " أقتلوني ، كيف اعيش مشوهة " ، صرخة موجعة ، مؤلمة ، صرخة ضد الفساد والإهمال ، في ذلك المرفق الذي طالما أكل وشرب من دماء المصريين وكأنه وحش لا يشبع ..

صحيح أن وزير النقل قدم إستقالته ، والسائق الذي ترك القطار ونزل يتشاجر مع زميله سائق القطار الآخر أعترف بالمسئولية ، وصحيح أنهم نقلوا المصابين الي المستشفيات ، ودفنوا الأشلاء وقدموا العزاء ، وشربوا الف فنجان قهوة سادة على الأرواح ، ولكن هل هذا يكفي ، وهل أصبحت هكذا حياة المصريين ، بلا قيمة وبلا ثمن .. !
الي متى يظل هذا الإهمال ، والي متى ستقام سرادقات العزاء ، والي متى يقدم الأبرياء أرواحهم فداء بلا ثمن ، ومتى يتوقف قتل الناس برا وبحرا وجوا وقهرا ، متى يتنفس الناس الصعداء ، ويتغنون عن قناعة وإيمان بأن "مصر هي أمي ونيلها هو دمي" ، متى يفرح الناس ، ويضعون رؤسهم على وسائد الأمل ، ويفطرون بخبز الحب ..!
لقد جاءنا هذا المخلص ، الذي يلاحق الزمن نحو التحديث ، ونقل الناس الي حياة آدمية ، بعد أن أهملهم حكام لا يرون مصر إلا "من فوق" ، ينظرون الي الوطن نظرة السائح الذي يقضي أياما هنا وهناك ، ثم يعود الي بلده محملا بذكريات مشوهة سريعا ما ينساها، لتحل غيرها ..
لقد أسأنا جميعا الي هذا الوطن ، لقد أساء حكامنا الي هذا الشعب الطيب ، عندما تركوه فريسة للمرض والجهل ، وعندما ثار وفاض به الكيل إتهموه بالعمالة والكفر وكل المساوئ ، وعندما أجاد وحقق إنتصارا على العدو ، نسبوا النصر لشخص واحد ، واطلقوا عليه قائد الضربة الجوية ، وداسوا على الباقي ، إنتهكوا دم الشهداء ، وتاجروا بآلام الثكالي والأيتام ..

ماذا أقول ..
منكم لله .. ورحم الله الشهداء في كل مكان ، برا وبحرا وجوا .. وقهرا ..

ولنا عودة ..