الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رحلة وجع.. ذهبت للعزاء مع حفيدتها فأنهى قطار الموت حياتها.. صور

صدى البلد

في صباح يوم الأربعاء الماضي، احتضنت راوية أحمد الطفلة في عمر العشر سنوات، يد جدتها الحاجة سامية محمد عليوه، لتتوجهان بخطوات تطويها الحزن بعد حضورهما عزاء أحد أقاربهما بالقاهرة، إلى محطة مصر للحاق بالقطار للعودة إلى الزقازيق بعد أدائهما واجب العزاء.

لم تتخيل الطفلة وجدتها سامية أن ستار الحزن والعزاء سيخيم عليهما بضباب من الدخان والحرائق، بعد وصولهما إلى محطة مصر في توقيت انفجار الجرار الذي راح ضحيته العشرات من الركاب أول أمس في حادث هز دويه أركان الوطن.

وبينما تواجه الجدة وحفيدتها جحيم النيران المشتعلة بالمحطة، سمعت قريبتها "أمل" الأنباء والأخبار عن وقوع حادث انفجار الجرار بالتزامن مع موعد مجيء زوجة خالها سامية وحفيدتها راوية عبر قطار بمحطة مصر، ليدب الرعب والخوف في نفسها فور سماع ومشاهدة الأحداث المرعبة التي توالت بالمحطة، وذلك بحسب رواياتها لـ"صدى البلد".

بدأ قلق العائلة بعد الاتصال بالحاجة سامية للاطمئنان عليها هى و حفيدتها، فوجدوا هاتفها مغلقًا ولا يمنح أي إشارة تنذر بالخير على حال السيدة وحفيدتها، ليسود بعدها القلق والخوف في قلب عائلتها ويقودهم التفكير المشتت إلى النزول والسفر إلى المحطة للاطمئنان على الجدة والحفيدة وسط أخبار عن إصابات ووفيات الركاب بالرصيف السادس من محطة مصر.

بعد ساعات من البحث فور وصول أفراد الأسرة إلى محطة مصر، وجدوا طفلتهم رواية مصابة بمعهد ناصر وفي غيبوبة تامة ليتم نقلها إلى أحد المستشفيات العسكرية لصعوبة حالتها جراء تعرضها لحادث الانفجار، بينما ظلت الحاجة سامية مفقودة دون أثر لتستمر العائلة المكلومة في البحث عنها بين مصابين الحادث لساعات دون جدوى.

شت عقل عائلة المفقودة ملتفحين بالحزن والقهر على ما جرى لطفلتهم وجدتها المفقودة لينتهى الأمر بمكالمة هاتفية انتظرتها العائلة طويلًا في غصة وامتعاض خوفًا من فقدان الحاجة سامية للأبد، بصوت مرتعش يكسوه الخوف رد أحد أولادها على مهاتفهم ليبلغهم بأن يذهب أحد أفراد العائلة إلى المشرحة للتأكد من جثة أمهم سامية ليبدأ بعدها النحيب والبكاء بعد تلقي الأسرة المكالمة التي هزت أركان وجدانهم وقلوبهم.

هرع شقيق الحاجة سامية وابنتها إلى المشرحة للبحث عن السيدة الأربعينية بين سبع جثث طمست ملامحهم من شدة الحرائق التي اندلعت بالحادث، ولم يجدوا لهم أهلا لتسلمهم إليهم، للتأكد من ذويهم أخذ العاملون بالمشرحة عينة من الابنة والشقيق السيدة المفقودة، ليجدوا العينة مطابقة لإحدى الجثث المتفحمة، لتسقط الابنة في صمت مغشي عليها في سيل من الدموع بعد أن راحت أمها الحنون في الحادث.

بعد أن دخلت الحاجة سامية من ضمن ضحايا الحادث، أحضرت عائلتها الكفن المعطر بالمسك تمهيدًا لدفنها، ولكن كل ما يمنعهم لتوديعها في مثواها الأخير هو تصريح الدفن الذي لم تحصل عليه الأسرة حتى الآن من قبل النيابة، متعجلين في رجاء باستخراجه لإكرام الحاجة سامية ودفنها.