الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د.محمد إبراهيم العشماوي يكتب: ثقافة المذيع!

صدى البلد

حين كنت أستمع إلى الإعلامي القدير الراحل الأستاذ أحمد فراج وهو يحاور الشيخ الشعراوي؛ فإنني كنت أتعجب من اتساع ثقافته الدينية، وقدرته اللغوية، وحسن إدارته للحوار، وكأنه شيخ في ثياب مذيع، فإذا انتقل إلى حوار فنان لبس ثوب الفن، فإذا انتقل إلى حوار رياضي لبس ثوب الرياضة، وهكذا تتنوع قدراته تبعا لقدرات ضيفه!

ولا يقل عنه منزلة الإعلامي القدير الأستاذ طارق حبيب، وهكذا كل أبناء هذا الجيل من العظماء، رجالهم ونساؤهم، يشبه بعضهم بعضا في التمكن والاقتدار وتنوع الثقافات!

أما كثير من مذيعي هذا الجيل؛ فثقافتهم ضحلة، ولغتهم أقرب إلى لغة العامة، وقدرتهم على إدارة الحوار يعوزها الكثير من المهارات!

ويكفي أن تعلم أن كثيرا منهم يستعير أسئلته من ضيفه، ولا يهتم بالتحضير العلمي لبرنامجه، وربما لا يعرف وظيفة ضيفه إلا وقت التسجيل، ولا يفرق بين الألقاب العلمية، فيصف مدرسا مساعدا بالأستاذ المساعد، وإماما وخطيبا حاصلا على الدكتوراه بالأستاذ الدكتور، وداعية مغمورا بأنه مفكر إسلامي، أو من كبار العلماء!

ولا يهم الكثير منهم أن يقدم للناس شيئا ذا بال، وإنما يهمه أن يملأ الفراغ، ويسقط التكليف، ولكأنما يعالج حملا ثقيلا يريد أن يلقيه عن ظهره!

ولقد حدث معي مرة وأنا على الهواء مباشرة أن المذيع أخطأ في اسمي مرات، ثم صححه، ثم أخطأ في وظيفتي، حتى صححتها له في ورقة وأنا أتحدث على الهواء مباشرة، ووقتها سكت للحظات وأنا أكتب له التصحيح!

ويبدو أن التدهور قد أصاب كل شيء، فأساتذة الجامعة اليوم غير أساتذة الجامعة بالأمس، ودعاة اليوم غير دعاة الأمس، وقراء اليوم غير قراء الأمس، ومبتهلو اليوم غير مبتهلي الأمس، نسخ مكررة من كل شيء، وقلما تجد مبدعا منفردا من بين أقرانه!

ولن تعدم في هذا الغثاء شيئا سمينا يملأ عقلك ووجدانك، وكم تعجبني ثقافة الإعلامي الأستاذ رضا عبد السلام، وهو يحاور أضيافه في برنامجه المتميز: (سيرة ومسيرة)، على إذاعة القرآن الكريم، فهو يعد له إعدادا جيدا، ويقرأ كثيرا عن شخصية ضيفه قراءة الفاهم الواعي، ويصوغ أسئلته بنفسه، ويوجهها إلى الضيف في براعة واقتدار!

حين تتحول الرسالة إلى وظيفة؛ ترى العجائب والغرائب!

وتذهب النسخ المكررة، ويبقى المبدعون، "فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض"!