الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تكاسل عن غسل الأطباق فغير مصير العالم وتسبب في هزيمة هتلر وموسوليني

صدى البلد

رب صدفة خير من ألف ميعاد، خطأ غير مقصود وحركة عبثية مهملة أدت إلى تغيير مسار الطب في العالم، وحسم نتيجة حرب إلى قوات الحلفاء وهزيمة دول المحور بعد زيادة معدلات الوفاة بين صفوفها.

في عشرينيات القرن الماضي، التحق الطبيب الاسكتلندي ألكسندر فلمينج، بالجيش البريطاني وقت الحرب العالمية الأولى، لمعالجة الجرحى والمصابين من الجنود، ومداواتهم حتى يتعافوا من إصابات الحرب، ولاحظ أن مطهرات الجروح التي تستخدم في علاج إصابات الجنود خلال الحرب العالمية الأولى، لا تعالج الجرحى بالشكل المطلوب بل كانت تؤذي الجلد والخلايا.

وفي صباح أحد الأيام تناول فليمنج وجبته الغذائية المعتادة، وترك المكان ذاهبا لقضاء عطلته، ترك فلمينج الأطباق متسخة حينها، لتكون تلك الصحون الحدث الجلل الذي غير مسار الطب، فعند عودة فليمنج من عطلته، لاحظ تكون العفن على الأطباق، وأن البكتيريا المحيطة بهذا العفن قد ماتت، وكتفكير العلماء لم يترك الصحن يمر من أمامه مرور الكرام، استنتج أن بعض العوامل المضادة للبكتيريا تسللت ونجحت في وقفها، وبعد الفحص والتمحيص، ميز العامل المضاد للبكتيريا على أنه شكل نادر من البنسليوم نوتاتوم الذي انجرف من مختبر الفطريات القريب.

اكتشف فليمنج أن البكتيريا تذوب حول الفطريات فى المزرعة التى أعدها فى المعمل، واستنتج من ذلك أن البكتيريا تفرز مادة حول الفطريات، وأن هذه المادة قاتلة للبكتيريا العنقودية، وليست سامة للإنسان أو الحيوان، وأطلق عليها اسم البنسلين بمعنى العقار المستخلص من العفونة.

ومع بداية الثلاثينيات، قرر باحثان بريطانيان إعادة تجربة فليمنج، وتم اختيار حيوانات لاختبار البنسلين عليها، وثبت فعاليتها لقتل البكتيريا، ومع اشتعال الحرب العالمية الثانية، تم استخدام العقار لعلاج المرضى وتسابقت الشركات الأمريكية والبريطانية لإنتاجه وإتاحته لعلاج الجنود، وعملت الحكومتان على توفيره وتم شفاء الكثير من الجنود بسببه، وساهم في إنقاذ ملايين الأرواح أثناء الحرب العالمية الثانية وبعدها.

استخدمت قوات الحلفاء هذا العقار في النصف الثاني من الحرب العالمية الثانية للوقاية من الغرغرينا وتسمم الدم، بينما فشلت المؤسسات الصحية في دول المحور في إنتاج كميات كافية من هذا العقار، وهو ما أدى إلى زيادة معدلات الوفاة بصورة ملحوظة في صفوف جنودها، وأسهم في هزيمتها.

وبتلك الصدفة في الأطباق المتسخة، يعود الفضل لفليمنج لاكتشاف العالم أول مضاد حيوي، محدثا طفرة في عالم الطب البشري ومجال العلوم، لينال على جائزة نوبل في الطب عام 1945.