الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

زين شحاتة يكتب: حادث نيوزيلندا يستدعي تجديد خطاب الغرب الإعلامى

زين شحاتة
زين شحاتة

نيوزيلندا المغمورة جغرافيا فى المحيط الهادئ ، تتصدر اليوم وسائل الإعلام بعد حادث إرهابى قضى على حياة العشرات من المصليين ، حين ثبت مختل فكريًا كاميرا على رأسه وبدأ بإطلاق النار على المصلين الأبرياء في المسجدين ،ويبث ذلك مباشرة على "فيسبوك" كأنه يلعب لعبة إلكترونية مثل "البابجي" وغيرها من الألعاب فى صورة دموية تخللتها بعض الرسائل التاريخية والعنصرية التى تؤكد أن هذا الإرهابى ثمرة خبيثة لثقافة إنتقامية وخطاب تضليلى موجه ضد الإسلام والمسلمين ، بما يهدد جهود سنوات من حوار الثقافات و الحضارات ، ويضع الغرب و مؤسساته فى مرمى المسئولية.

فبدلًا من مطاردة الشرق الإسلامى بدعوى حقوق الإنسان و الديمقراطية والأقليات وتقبل الآخر عليهم مراجعة المحتوى الدراسي و الإعلامى الذى قد يكون وضع فى عمق ثقافتهم فى حقبة معينة من تاريخهم لأغراض سياسية زالت بزوال السبب ، وأستند هنا فى طرحى هذا على خطاب العداء البريطانى للدولة الألمانية الذى إستهدف شيطنة الدولة الألمانية فترة الحرب وبعدها كما خطط لها ، ومثال ذلك فيلم "جلد الفهد " الذى تم إنتاجه عام 1918 م ، والذى يصور جنديين ألمانيين فى قرية فرنسية مدمرة بالكامل وهما يهاجمان أمرأة و طفلها ، ثم يظهر الشخصان نفسهما فى صورة بائعين يتجولان فى قرية بريطانية بعد إنتهاء الحرب يحاولان بيع سلعهما ، ويعجب تاجر بريطانى داخل متجره بوعاء معهما ،وتظهر زوجته فتكتشف عبارة "صنع فى ألمانيا" مكتوبة أسفل الوعاء ، فيتم طردهما على الفور ويكتب على الشاشة نصًا ( يجب ألا يكون هناك تبادل تجارى مع هؤلاء الناس بعد الحرب )، من هذا الفيلم نجد أن وقت الحروب إستخدم قياداتها لغة عدائية تجاه الخصم فالحرب كما هى تبادل منظم للعنف ، هى تبادل منظم للأفكار و التضليل .

وبالنظر إلى العلاقات الألمانية البريطانية و الفرنسية وغيرها من الدول نجد أن الشعوب قد تخطت كل هذه الخطابات العدائية و تلمست نقطة مشتركة إنطلقت منها إلى التعايش والبناء والتطور ، و بالعودة إلى حادث مسجدى نيوزيلندا سنجد أن المختل فكريًا كتب عدة عبارات تاريخية منها الإشارة إلى معركة فينا عام 1683م بين الدولة العثمانية والغرب ، و التى تعكس فترة تاريخية للدولة العثمانية سيطرت عليها الحملات الإستعمارية فى الشرق و الغرب ، وتم صبغتها بالدين الإسلامى كما قال الكاتب اللبنانى "جرجى زيدان " لضمان ولاء العامة ، فى حين أن الإسلام دين وقاية إنتشر بالحكمة والموعظة الحسنة ، ولم يعتمد يومًا على السلاح أو المغالاة فى الدين ، بل أن الرسول صلى الله عليه وسلم الذى أرسله الله رحمة للعالمين قال ( إياكم و الغلو فى الدين ، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو فى الدين ) .

عليه فعلى الغرب و مؤسساته ضرورة مراجعة هذه الفترات وإعادة صياغتها بعد حذف خطابات الكراهية من سطورها التى كُتبت لخدمة رعاة الحرب وقتها ، وهنا يبرز دور الدولة التركية التى توجه آلاتها الإعلامية للشرق لزعزعة إستقراره ، لتصحيح هذه المفاهيم وفتح حوار مع هذه الحضارات والبحث عن نقاط إنطلاق مشتركة ، وعلى هؤلاء الإستعانة بالتجربة المصرية فى التعايش السلمى فمصر قما يقول الدكتور ميلاد حنا فى كتابه " قبول الآخر" أن مصر نموذجًا منفردًا فى التسامح وتقبل الآخر المختلف معه دينيًا وفكريًا وسياسيًا .