الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

محمود الجلاد يكتب .. ماذا قدم أسامة الأزهري

محمود الجلاد
محمود الجلاد

ليس وزيرًا في حكومة يمتلك آلاف الائمة تتعامل مع الناس في مختلف بقاع مصر، وليس مسئولًا داخل مشيخة الأزهر ليوجه الوعاظ نحو قضايا فكرية كثيرة تستوجب التعامل معها بكل حسم، لكن ما يفعله الدكتور أسامة الأزهري من أداء خلال الفترة الماضية بمبادرات وإصدارات وخطب مختلفة، مستغلًا علمه في وضع حلول لقضايا هامة، أمر جعل سهام الإخوان مصوبة تجاهه، فلا تجد هجوما للإخوان تجاه مؤسسة من المؤسسات الدينية، بل يثير قلقهم شخص الدكتور أسامة الأزهري... أمر جعلنا نفكر ما السبب في ذلك.

البداية كانت في عام 2014 ، خرج الأزهري بأول مشروع علمي أزهرى مؤصل، يستعرض على مائدة البحث العلمى والتحرير المعرفى الدقيق خلاصة المقولات والنظريات والأفكار التى بنى عليها فكر التيارات السياسية المنتسبة للإسلام فى الثمانين عاما الماضية وهو كتاب”الحق المبين” والذي فند فيه مفاهيم التيارات المتطرفة من الإخوان إلى داعش .

وعقد سلسلة من اللقاءات مع طلاب الجامعات عام 2015 كان أهمها اللقاء مفتوح بجامعة القاهرة، وأرسل 10 آلاف نسخة من كتاب "الحق المبين فى الرد على من تلاعب بالدين" لتوزيعها على الطلاب، ثم سمع كل أسئلتهم الحائرة في حوار كان لعالم شاب يفهم مايدور في عقول الشباب، وغزا الكتاب العالم شرقًا وغربًا حتى وصلت عدد طباعته إلى 13 لغة أجنبية مختلفة.

أطلق مشروع برنامج “رؤى” إذ يعتبر الأول من نوعه في الرد على المتطرفين فيما يثار من شبهات على قناة ” دي ام سي” ثم قدم في موسم آخر نماذج نجحت وأخرى خفقت عبر التاريخ في مجالات مختلفة، ليترك لنا دروس في كيفية الاستفادة من هذه التجارب.

لكن الأغرب أنه سجل حلقة فوق هضبة الهرم عرض خلالها مقارنة واسعة بين العالم الجليل الموفق عبداللطيف البغدادي أعظم من وصف الهرم كفيلسوف عاشق للعمران ومنبهر بعبقرية القدماء، وبين أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش الإرهابي الذي دمر الآثار في العراق وسوريا وروع الناس وقتلهم.. فكان أول عمامة تصعد الهرم لتوجه رسالة عشق بالعمران والحضارة.

تبنى الأزهري عددا من الشخصيات الناجحة في المجتمع المصري من خلال برنامجه “سر النجاح” والذي قدمه على راديو هيتس واستضاف الشخصيات الفقيرة والناجحة إذ قدم لهم الدعم مقابل الوصول لأهدافهم، واستضاف عدد من الشباب المبتكرين والمخترعين وسلط الضوء عليهم من خلال لقاءات نظمها مع وزير التعليم العالي د.خالد عبدالغفار... بل تواصل مع رجال الورش والصناع والحرفيين، معلنا تقديم لهم الدعم في كل ما يحتاجونه كنماذج ناجحة في مجتمعنا المصري... إضافة إلى أكثر من موسم طل فيه علينا عبر الراديو 9090 ليقدم رسائل في دقائق.

العالم الشاب الذي اتسم بالقبول بين الجميع لم يتقاض أجرًا من أي وسيلة إعلامية ظهر على شاشتها أو جرائد كتب على صفحاتها.. قٌدمت له حسابات وأرصدة مفتوحة ليكتب مايريد، - وأدرك ذلك جيدا بحكم عملي في البرامج – وكيف اغتنى العشرات من هؤلاء بفضل ذلك، لكنه دائما يرفض، ويكرر رفضه.

وفي منتصف 2018 أصدر كتاب الشخصية المصرية، تناول فى الكتاب بالبحث والدراسة أهم ملامح الشخصية المصرية وتجديد معالمها ورصد مكوناتها الأصلية فى التعامل مع الأزمات وكيفية اجتيازها، وكيفية تنظيم علاقة الإنسان بربه فى العبادة، و تنظيم علاقته بمجتمعه فى الأخلاق، و تنظيم علاقته بنفسه فى التزكية، تنظيم علاقته بالكون فى العمران.

ولما بحثت عن مؤلفاته الكاملة، وجدت أن له أكثر من 20 مؤلفا، فالأمر يحتاج إلى عشرات المقالات، لكني أتحدث فقط عمّا طرأ في ذهني خلال الفترة من 2014 حتى الآن .

لم يكتف بذلك، بل الإصدار الأهم والضخم للدكتور أسامة الأزهري كان مطلع عام 2019 ، "موسوعة جمهرة اعلام الأزهر الشريف"، الموسوعة الأكبر في العصر الحديث، والتي تعد المفتاح الحقيقي لصناعة شخصية العالم الأزهري؛ وتضم الموسوعة وثائق وبيانات نادرة عن علماء الأزهر لم يسبق جمعها من قبل، وتبين بالتفصيل الطريقة الأزهرية العريقة لتدريس العلوم وصناعة العقول وتلقي الضوء على الأثر والنفوذ والتواصل الذى صنعه الأزهر فى قلب القارة الأفريقية، كما تكشف كذب تيارات التطرّف من الإخوان إلى داعش وتتعرض الموسوعة بالتفصيل لأسباب تراجع جودة التعليم الأزهري في العقود الأخيرة، وتتعمق في دراسة ذلك، إضافة إلى تقديم خريطة تقويم التعليم الأزهري.

خطبة وإصداراته ومبادرته، أغضبت الإخوان، شيخًا يتحدث عن الإرهاب وتفنيده لننطلق للبناء والعمران والحضارة يؤدي خطب الجمعة بفلسفة ومنهج عملي وعلمي وأفكار مختلفة ليست بطريقة مستهلكة تقليدية، كما يفعل معظم رموز المؤسسات الدينية، ويتحدث بعلم ومنهج وبوضوح عن قضايا شائكة لم يجرؤ أحد الحديث فيها ، فخصص خطبة كاملة يؤكد على أهمية العلم وتخصيص وقف للعلم مؤكدا أنه أساس بناء مصر وحلول جميع مشكلاتها، وغيرها من خطب في كيفية مقاومة الأزمات.. نعم هو شخصية ملهمة صانعة للنجاح مفعمة بالطاقة نستمد منها كلامه وعبارته فنطبقها في حياتنا العملية فقال عبارة أرددها في كل عقبة تقف في حياتي فأتذكرها حتى أكمل طريقي" إن الشخص الناجح يجد لكل مشكلة ألف حل، والشخص المكتئب كلما اقترحنا عليه حل يجد له ألف مشكلة.. عبارات من ذهب نسمعها فنقتحم كل المصاعب ونكمل طريقنا.

نجح ... لكن الحملة عليه اشتدت وكثفت الجماعات الإرهابية هجومها تحديدا منذ 60 يومًا بمواقعها وكتائبها الالكترونية وصفحاتها المشبوهة على مواقع التواصل الاجتماعي بل ركزت في كل خطبة من خطب الفتاح العليم على توجيه الكيل والسباب والصياح بحناجر فارغة لا تجد محورا أو فكرة محددة تسلتزم الرد لكنها حناجر فارغة، دمائهم تغلي، فالوحيد على الساحة الدينية الذي أصبح شوكة في حلقهم ..يخرجون يهللون بغرض إحداث شيء.. ولا فائدة.

وصل الأزهري بخطابه رسائل للشعب المصري وللعالم كله فتحدث عن قيمة ومكانة مصر، و"كيف يفكر العقل المسلم" ، و"أساس نجاح الأم، و" العلم أعظم مفاتيح ريادة مصر، و أعمدة بناء الشخصية المصرية ليؤكد مرارا وتكرارا أننا نريد أن ننتهي من التطرف والتكفير للنطلق لصناعة الحضارة الى الابداع والاختراع وبناء العمران وبناء الاقتصاد.

صيحات متكررة تخرج على صفحاتهم أن شيخ الأزهر لا تريده الدولة ، الرئيس السيسي يريد أسامة الأزهري شيخا للأزهر، يحاولون زرع فتنة، فخرج بمبادرة جمع الشمل، وتوحيد الرؤى، وتضافر الجهود لخدمة الدين والوطن، وتوحيد جهود المؤسسات الدينية على تقديم كل نافع ومنير لمصر وللدنيا كلها، وأعلن أكثر من مرة عن احترامه وتقديره لفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر كان آخرها فوق منبر الفتاح العليم.

"وامرساه" عنوان مقال نشره الدكتور أسامة الأزهري في جريدة الوطن عقب حوادث القطارات التي وقعت في عهد " مرسي"، أخذ الإخوان المقال وألصقوا به كل عبارات البذاءات وقت حادث حريق قطار محطة مصر...وتساءلوا: هل يمكن له أن يكتب اليوم نفس المقال بعنوان" واسيساه"..اقتطعوا كعادتهم الجزء الأول منه وتركوا الباقي.

لكن الأزهري فاجئنا بخطبته في مسجد المشير طنطاوي في حضور الرئيس عبدالفتاح السيسي يوجه رسالة مناشدا الرئيس بمحاسبة كل فاسد ومقصر وكل من تسبب في اراقة دم مصري..

نؤكد أن هذا العالم الجليل تسبب في إصابة الجماعات التي تتخذ الدين مطية للوصول لأهدافها بداء الجنون، ويعلنها بكل وضوح أن الأزهر سيعود بكل قوة لمكانته.

أحاديثه الإعلامية رصينة ومرتبة لا تستهويه الأحداث ، هادئ النفس في التعامل مع مجريات الأمور..نعم .. الآمال معقودة عليه .

وللحديث بقية..