الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أحمد زكي يكتب: تجديد الخطاب الديني بين الفكر والتنفيذ والبعد الاجتماعي

أحمد زكي
أحمد زكي

قبل إطلاق العنان لخيالاتنا وسؤال المتخصصين وأهل الفتوى والرؤى والعلم في هذا الاتجاه ؛ لابد لنا من وقفة سريعة مع النفس نراجع ماضينا لنستنشق منه حاضرنا ونرسم به مستقبلنا .

العرب المسلمون قد عاشوا ولا يزالون مع تراثهم وأفكارهم ما يزيد على أربعة عشر قرنا من الزمان .

وتعرضوا إلى كثير وكثير من الثقافات والحضارات ؛ منها الاستعمارية الوافدة من الخارج ومنها الداخلية لمحاولة تفكيك أواصر ودعائم الدين الحنيف، فكانت المفاجأة أن المحتلين أنفسهم الداخلين أو الخارجين هم من اعتنقوا الإسلام وانحازوا إلى ثقافته وفكره مؤمنين مقتنعين بما ورد فيه من تأويل لكثير من قضاياه وأموره.

على عكس القاعدة التي تقول "إن المغلوب مولع بتقاليد غالبه من الغرب " ويمكن أن يكون قد حدث هذا في جزء من دول بالاسم عربية إسلامية؛ لكنها تتحدث لغات أجنبية مثلها مثل دول شمال أفريقيا بخلاف مصر التي دينها الإسلام ولغتها العربية .

الثقافة والفكر الإسلامي له من المرونة والحداثة ما يكفيه لمواجهة كل عصر وأوان لا محدث ولا مذموم لأى فرد أو مكان !

إنما هو قادر وقابل على مخاطبة كل عصور الدهر وأممه وقبائله ؛ العربية منها وغير العربية.

من خلال الاطلاع في موروثات الأيام والأزمنة؛ نجد أنفسنا ندور في بحر من محدثات الأمور ؛ التي نوجهها ونحتك بها يوميا ؛ منها (العولمة _تجديد الخطاب الديني _ الناسخ والمنسوخ _الجات _ الشبكة العنكبوتية _مواقع التواصل الاجتماعي ) ، فالإسلام هنا استطاع أن يتعامل مع كل هذه الأمور الحديثة ؛ والجديدة على ثقافته.

ففكره تنويري تقدمي وليس رجعيا بناء على ما أثره الغرب وأملاه تلك الشعوب بهدف تفكيكها وضرب بناها وشبابها .

كما أن الهدف من كل ما هو مستورد ومستحدث من الغرب التشويه والبلبلة ليس إلا.

الأمة العربية والإسلامية لديها الكثير لتعطيه لأمم الأرض أجمع كما يمكنها أن تشبع الحضارة العالمية المعاصرة بكثير من مصادر التصحيح والرشد القائم على المحبة والعدل والسلام .

فلو علم الناس ما في الإسلام وسماحته الحقة لانهالوا يطلبونه ولا يشبعوا منه أبدا كما تتكالب الأمم الآن على الإسلام والمسلمين .

في بدء الأمر لدراسة موضوع تجديد الخطاب الديني وأثره على سلوك الفرد والمجتمع كان لابد لنا من مواجهة أهل الأمر والتخصص .

الخطاب الديني يجب أن يتسم من يلقيه من المختصين بالسمات التي تؤهله لجذب الناس ؛ لا نفورهم منه .

يجب أن يكون الواعظ له القدرة على الاستخراج من السنة ؛ والفقه ؛ والأحاديث ؛ والقرآن أجوبة جزئية ؛ تفصيلية على الإشكالات لكل مرحلة زمنيه يستعين بها في الواقع الحالي ؛ يفهم منها المراد للحدث نفسه وأبعاده؛ ويخرج به للنور الذي ينير للناس؛ ويشتمون فيه رحمة الله للعالمين ؛حتى يستطيع المتردد أو الغافل ؛ أن يقبل على الله بقلب مستريح .

الخطاب الديني لا جديد فيه أبدا وإنما تجديد الخطاب الديني يقصد به تجديد فكر الداعية نفسه إنما الثوابت الدينية لا يستطيع أي فرد كان من كان أن يتحدث عنها لان الخطاب الديني هو كلام المولى عز وجل لعباده عن طريق الأنبياء والرسل والعلماء ورثة الأنبياء.

إنما الأمر يعود الى فكر الضرورات فكر الداعية نفسه وفقه الأولويات فالداعية الذي تتلمذ على يد الرسول الكريم محمد لابد وأن يعلم أن الفتوى وحديثه له زمان ومكان معين .

فعلى سبيل المثال لو افترضنا أن هناك شخصا موكلا له خطابه الجمعة في مسجد ستكون بأسلوب ومنهج مختلف عن إلقائه لخطبة في ندوة أو مكان عام أو مجتمع عمالي .

فلابد أن ينظر الداعية لمن يدعوه كما قالوا " الساجد قبل المساجد " لذا وجب على الداعية والمتحدث الديني أن يكون له أسلوب وعمل تحت قول الله سبحانه وتعالى " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة".

فالله جعل من يجدد لهذه الأمة خطابها كل مائة عام كما جاء في الأثر القديم ، فلابد أن يكون هذا التجديد في الحديث الديني بسيطا سهلا يجمع ولا يفرق .

وعلى الجهات المختصة ومنها علماء الأمة ومثقفيها إعطاء الفرصة للداعية من خلال البحث العلمي الصحيح وندوات ودورات إرشادية؛ توعوية هادفة تواكب متغيرات الأمور التي تحدث والبعد عن كل ما هو جاحد وناقم في الأقوال المنسوبة للمتحدث نفسه .

كما وجب على الداعي أن يكون متطورا مع نفسه ومع أدوات هذا العصر من وسائل إعلام وحاسوب وتكنولوجيا متقدمة ومتسلح بسلاح العصر وأمور كان بالقديم والعهود التي مضت غير متاح أو لم تكن قد وجدت أصلا لان هذا كله أمور تجديد الفكر الديني .

فهذه أمور تخدم الدعوة وتسير الدعوة الإسلامية الصحيحة المتطورة المتجددة .

وتجديد الثورة العلمية الدينية الان متاح ومتوافر للداعية عن ذي قبل حيث كان يعاب على الداعية  عدم احتكاكه وتواجده مع الناس في مختلف مناحي الحياة الاجتماعية أما الآن الاتصال والتواصل أصبح من سمات العصر فلابد أن يكون الداعية ملما على ارض الواقع بفكر وعقول الناس كيف أصبحت وإلى ما تفكر وترغب حيث إن طلب العلم ؛ كما قال سيدنا رسول الله فريضة على كل مسلم ومسلمة .

فلابد للداعية من الاختلاط الشرعي حسب المهمة الموكلة له وعدم الانغلاق على نفسه أو مكانه حتى لا يتهم بالتشدد والتعصب وإنما الإسهاب وزرع روح المحبة من خلال إيمانه وعقيدته السمحة الجليلة ولا ينظر أبدا لصغائر الأمور والبعد عن من يسب الصحابة ويتهجم عليهم ناسيا أو متناسيا عن عمد قول رسولنا الكريم "أصحابي كالنجوم......." إلى آخر الحديث فديننا ومنهجنا منهج تربوي متطور  . إذن الخطأ في ملقى العلوم الدينية وليس في أصل العقيدة والدين.

دور العبادة لها دور هام وخاص في تجديد الفكر الديني لأنها هي الملتقى الأول لممارسة الإيمان والعبادة والتقرب إلى الله عز وجل ؛ كما هي نقطه الانطلاق الأولى والحتمية لهذا الأمر وإن الوعاظ ورجال الدين لهم دور كبير لا يقل عن دور المسئول السياسي أو الباحث العلمي لأنها سلسلة متكاملة متلاحمة الحلقات فلا يعقل أن يكون كل له وجهته الخاصة ولا ينظر إلى الوجهة الأخرى التي هي بالضرورة تتبعه وتكمله .

فلابد من زرع قيم الوطنية وحب الوطن في قلوب الناس جميعا فهذا هو دور السياسي والداعية الديني والمعلم كما هو دور هام وحيوي للأسرة المصرية عامه والأسرة الصعيدية خاصة كما يجب أن يكون حرصنا وحبنا للبلد هو الشغل الشاغل لنا في كل فترات حياتنا بالوطن إلى أن يقضى الله أمرا كان مفعولا .