الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

م. خالد أبوسريع يكتب: قرارات الرئيس.. وأبعاد التحول الاقتصادي

صدى البلد

تظل لغة الأرقام الترجمة العملية لواقع الحال الذي يعبر عن مقتضيات الحالة الاقتصادية في أي دولة، فهي لغة القياس والمقارنة الدقيقة بين حجم ما تم إنجازه وتصريحات المسئولين، وفي حالتنا المصرية كانت حجم التحديات تسبق كل اللغات، لكنها العزيمة والإصرار التي كانت كلمة السر في ذلك التحول الكبير الذي شهدته مصر في غضون السنوات الخمس الأخيرة، على كافة الأصعدة الداخلية والخارجية.

خارجيًا، كان لمصر سياستها المتوازنة دبلوماسيًا، ما جعلها تلقى اهتمامًا دوليًا كبيرًا، وترحيبًا واسعًا في كافة المنتديات الدولية، ما أسهم في تغيير الرؤى التي حاول بعض الفاسدين ترويجها، ولم يكن لاستضافة مصر المؤتمر العربي الأوروبي في مدينة شرم الشيخ إلا تأكيدًا من تلك الدول على الثقة في مصر قيادة وشعبًا، ناهيك عن استئناف عدد من الشركات الدولية عملها محليًا.

إقليميًا لاسيما الدول العربية التي تعاني ويلات الصراع الداخلي، فإن السياسة المصرية والتي لاتقبل مجالًا للنقاش، تظل ثابتة، وهي الحفاظ على مفهوم الدولة الوطنية والجيوش الوطنية النظامية، دون التدخل في شئونها الداخلية، أما إفريقيًا فإن العودة إلى أحضان القارة السمراء والريادة المصرية فإنها أضحت واقعًا عمليًا ملفتًا للكثير من المراقبين، بعيدًا عن لغة الصوت العالي والحناجر الفارغة.

ومن ثم فإن حالة التوازن تلك، لم تكن لتتحقق إلا إذا كان هنالك حالة من الاستقرار السياسي والاقتصادي والمجتمعي الداخلي للدولة المصرية، ولم يكن لأي مراقب، أن يتصور ما تم تحقيقه خلال السنوات الخمس الأخيرة، بالدرجة التي تحقق مفهوم التنمية الشاملة، وجاء الكتاب التوثيقي الذي أصدره مجلس الوزراء والذي حمل اسم (مصر: مسيرة الإنجازات)، متضمنًا أرقامًا وحقائقً لحجم الإنجازات التي تحققت في غضون تلك الفترة الوجيزة، ليحمل بشائر كثيرة مقبل الأيام.

وبحسب ما تم توثيقه، فإن حجم الاستثمارات المنفذة منذ 2014 وحتي يونيو 2020 بلغت نحو 4 تريليونات جنيه، هذا بجانب تعظيم إجمالى الإيرادات خلال السنوات المالية 2013/2014ــ 2017/2018 بنسبة بلغت 80% لتصل إلى 821.1 مليار جنيه بموازنة 18 / 2019، فيما تستهدف الحكومة الوصول بهذه النسبة إلى 1067 مليار جنيه بموازنة 2019/2020، وانخفاض العجز الكلى لأقل من 10% من الناتج الإجمالى، كما تم تحقيق فائض فى 2017/2018 للمرة الأولى منذ 15 عامًا، فيما انخفضت نسبة الدين للناتج المحلى ليصل إلى 78.8% وذلك للمرة الأولى منذ يونيو 2009، وارتفع صافى الاحتياطى النقدى بالبنك المركزى إلى 44.513 مليار دولار، مقارنة بـ14.936مليار دولار فى يونيو 2013.

وبلغة الأرقام أيضًا، فإن الدولة نجحت في تحريك عجلة الاستثمار، وأضحت التدفقات المالية القادمة من الخارج، ورغبة الكثيرين من الشركاء في دول العالم المختلفة في العمل بمصر دليل قاطع على تهيئة المناخ الاستثماري في الدولة المصرية، ونجحت الحكومة في عهد الرئيس السيسي من تحقيق طفرة هائلة في حجم الاستثمارات في عدد من القطاعات، ففي قطاع البترول بلغت حجم الاستثمارات نحو 819 مليار جنيه، وفي الكهرباء 614 مليار جنيه، والإسكان نحو 813 مليار جنيه.

وخلال تلك الفترة، لم يكن سهلًا توفير نحو مليون و775 ألف وحدة سكنية للمواطنين، والاتجاه لتنفيذ 700 ألف وحدة سكنية متوسط واجتماعى ونقل للعشوائيات بحلول 2020، والبدء كذلك فى إنشاء 20 مدينة جديدة تمثل مدن الجيل الرابع.

وربما ينتابك قليل من الدهشة، إثر التوجيهات الأخيرة للرئيس عبدالفتاح السيسي، لاسيما فيما يتعلق بسحب الاستشكال على الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا فبراير المنصرم، بشأن العلاوات الخاصة لأصحاب المعاشات، وضرورة العمل على إصلاح منظومة الأجور والمعاشات، ومنح الحكومة مهلة شهر لتقديم تصور متكامل لإصلاح هذه المنظومة على أن يبدأ التنفيذ يوليو المقبل، بالرغم من بعض التحديات التي تواجه الدولة المصرية.

قليل من التأني، يدفعك إلى الوصول إلى دوافع تلك القرارات، التي فسرها بعض المتسلطين على أنها اتجاه لتحقيق أهداف سياسية-رغم مشروعيتها-، لكنها بالكاد تأتي في صميم تأكيدات الرئيس في كل أحاديثه المتتابعة، على ضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية ورعاية الفئات الأكثر احتيًاجًا، كما أنها تشير إلى الانفراجة التي تحدث عنها الرئيس، مؤخرًا، وأنه حان الوقت لجني ثمار برنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي كان بمثابة طريق وطني إلزامي، لتحقيق مآلات الدولة المصرية والخروج من عنق الزجاجة، التي وضعنا داخلها في أعقاب الأحداث المتتابعة منذ 2011، والتي أثرت سلبًا على أداء الدولة المصرية اقتصاديًا واجتماعيًا.

ولعل القرارات الأخيرة للرئيس، تعكس شيئين في غاية الأهمية، الأول: هو التأكيد على تحقيق الاستقرار الاقتصادي، وهو ما بدا من توثيق الحكومة لحجم ما تحقق من مشروعات، باللإضافة إلى اتجاه كثير من المؤسسات الائتمانية الدولية، لاسيما مؤسسة "فيتش" للتصنيف الائتماني التي رفعت التصنيف الائتماني لمصر إلى B+، مع "نظرة مستقبلية مستقرة" مقابل التصنيف السابق B، وهو ما يعزز زيادة الثقة فى قدرات الاقتصاد المصرى، وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية.

أما التأكيد الثاني الذي يبعث به الرئيس من وراء تلك القرارات، توسيع قاعدة مظلة الحماية الاجتماعية، ليست فقط للفئات الأكثر احتياجًا والأسر الفقيرة، بل فئات الموظفين والمعاشات، وتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين ككل.

صحيح، الدولة رصدت نحو 85.5 مليار جنيه كاستثمارات في مظلة الحماية الاجتماعية، واستفادت نحو 3.6 مليون أسرة فقيرة من مجال الدعم النقدى غير المشروط، كما تم توفير سكن كريم لـ150 ألف أسرة، وزيادة مخصصات البطاقات التموينية لحماية محدودى الدخل وبلغ إجمالى قيمة الدعم السنوى بنحو 87 مليار، إلا أن الرسالة باتت واضحة الأفق، في أن ما هو مقبل يحمل الكثير من المفاجأت السارة للمواطنين، لاسيما بعد تحمل تبعات برنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي يحمل في باطنه اهتمامًا ليس فقط بالأجيال الحالية وإنما المقبلة.

يبقى القول: انتصار الرئيس للمواطنين في محاولة تحقيق حياة كريمة لهم، إنما هو انتصار للدولة المصرية، والاهتمام ببناء الإنسان ورعايته صحيًا واقتصاديًا، من خلال المبادرات الرئاسية، التي انتصرت أولًا لحق الإنسانية، خاصة "حياة كريمة"، و "100 مليون صحة"، تأكيدًا على ثوابت بلادنا في عهد الرئيس السيسي في ضرورة أن تقف مصر شامخة بجيشها وشعبها، وأن تعود لريادتها العربية والإفريقية والدولية.. حفظ الله مصر.