الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

م. أحمد اليمني يكتب: معجزة المعراج لا تقاس بنسبية آينشتاين‎

صدى البلد

في ذكرى تكريم الله عز وجل لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بمعجزة الإسراء والمعراج؛ نهدى هذه المقالة إلى حبيبنا ونبينا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عسى أن نُرضى بها ربنا، ونُدخل السرور على قلب نبينا صلى الله عليه وسلم.


إن رحلة المعراج هى معجزة خص بها ربنا سبحانه وتعالى نبيه ورسوله سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، وهى معجزة لا تخضع لقوانين الفيزياء التى نتعلمها، ولا تخضع لتجارب العلماء، ولا يمكن محاكاتها -لا نظريًا ولا عمليًا- كما أن إسقاط قوانين النظرية النسبية لآينشتاين عليها ومحاوله تفسيرها بالمعادلات الرياضية أعتبره إساءه أدب فى حق سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إن إزالة اللبس الذى حدث أو قد يحدث مع البعض حين يتصور -عن غير عمد- أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تحول إلى ضوء فيزيائى لما بلغت سرعته صلوات الله وسلامه عليه سرعة الضوء!!

هذا غير حقيقى ولا يجوز القول به؛ فليس فى الكون ضوء أو نور واحد بحقيقة واحدة، وبقوانين واحدة، وبسرعة واحدة، كما توهم بعض المعجبين بأينشتاين ونظريته. وإنما هى عوالم متباينة ذات أنوار متباينة وأضواء متباينة.

فكما أننا لا نلعب الشطرنج بقواعد وقوانين كرة القدم، فكذلك لا يمكننا تطبيق قواعد البحث فى العلوم التجريبية التى تعتمد على الحواس "كالكيمياء والفيزياء" على العلوم الإنسانية "كالفلسفة والمنطق والأخلاق". كذلك لا يمكن دراسة المفاهيم الدينية بمقاييس المفاهيم العلمية، فلا ينبغى محاولة فهم مقولة "أن الله موجود فى كل مكان – كُلِّى الوجود- بمفاهيم المكان فى فيزياء نيوتن أو فيزياء أينشتاين".

إفرض أنك مجازًا قد اكتسبت سرعة الضوء، فما هو توصيفك الآن بعد اكتسابك لسرعة الضوء؟

الإجابة: ضوء .. حسنًا، وبما أنك أصبحت ضوءًا فبطبيعة الحال سوف تسرى عليك قوانين الضوء، فلو أنك أردت أن تذهب إلى أى مكان فى الكون فسوف تذهب إليه مثلما يفعل الضوء، أى أنك ستسير بنفس سرعته وهى 300 ألف كيلو متر / الثانية، فمثلا إذا أردت أن تُقِلَع إلى الشمس مثلًا وبجانبك ضوء بطاريتك فسوف تصلان معا إلى الشمس بعد مضى "ثمانية دقائق ونصف الدقيقة"، وهى زمن الرحلة ويساوى المسافة من الأرض إلى الشمس مقسومًا على سرعتكما – أنت والكشاف – ولو أردت أن تذهب إلى أقرب نجم لنا وهو المسمى "بقنطور الأقرب" فإنك سوف تأخذ وقتًا فى رحتلك يساوى "أربعة سنين فاصل إثنان" إذا كانت سرعتك هى سرعة الضوء!!

أما بخصوص التصور الواهم بأن الضوء يقف عنده الزمن!! فهذا لا يعدو كونه تصور نسبى، ذلك أن الضوء يقف عنده الزمن وذلك بالنسبة إلى المراقب الذى يراه من على الأرض - إن إستطاع أن يحقق تلك المراقبة المستحيلة- وهذا التوقف لا يكون توقفًا حقيقىًا للزمن – هذا فى النسبية الخاصة- فبمنتهى البساطة النسبية تعنى "شئ بالنسبة إلى شئ آخر"، فالمشاهد يرى بالنسبه له أن المتحرك أمامه يتأخر زمنه أو قد يتوقف الزمن عليه، اما فى حقيقة الأمر فالمتحرك فى حقيقته لم يطرئ عليه هذا التأخير، وربما يراه مشاهد آخر من كوكب آخر يتسارع عليه الزمن ولا يتأخر، فالأمر كله نسبى.. نسبى.. نسبى. أما فى النسبية العامة والتى تشرح التأخير الزمنى بدقة وبشمولية، فإن الذى يؤخر الزمن هو العجلة أى التسارع أى الإنطلاق من الصفر بالزيادة حتى الوصول إلى سرعة الضوء، فعجلة التسارع تعمل عمل الجاذبية -وهذا ليس مجالها-


ولو كانت حادثة المعراج تنطبق عليها قوانين عالمنا الفيزيائية والمعايير التي أسست لها نسبية أينشتاين أو غيرها لجاز أن تتكرر مع أحد آخر غير سيد الخلق ، ومن ثَمَّ لا يكون هناك أية خصوصية اختص الله تعالى بها حبيبه ومصطفاه، ولذلك ليس علينا إلا أن نؤمن ونصدق ونُسَلم بها ولا نسأل عن كيفيتها أو تفاصيل حدوثها، فالكيفية لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، وهي غيب محض، كما أننا أيضًا لا نحاول أن نفسرها بمعطيات عالم الشهادة فهي خارج حدود عالم الشهادة ، ومن ثَمَّ فالمعراج بالكلية خارج حدود العقل، والعقل لا يعمل إلا في حدود عالم الشهادة فقط، أما عالم الغيب فمكانه هو اليقين في القلب.

يقول الحكيم الترمذى في كتاب " بيان الفرق بين الصدر والقلب والفؤاد واللب": ".. أما رأيت إنكار الضالين كرامات الأولياء ومعراج النبي r إذ نظروا إليها من أهوائهم وسموها عقولًا، وزعموا عقولهم لا تقبل الأشياء، ولا يصح مثل هذا من طريق المعقول فكل مالا تقبل عقولهم فذلك باطل.


فيا أخى كيف تدرك بآلة مخلوقة محدثة مركبة ربوبية خالق قدير رب عالم يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد؟ ومتى يُدرك شيء يزيد وينقص ويتقاصر ويتفاضل ربوبية رب لا يزيد ولا ينقص ولا يتغير حاله؟

بل العقل حجة الله تعالى على العبد وهو آلة مركبة لإقامة العبودية لا لإدراك الربوبية."

هذه المقالة من كتاب "الإنسان بين النور والضوء في الإسلام" للكاتب.