الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د.فتحي حسين يكتب: أزمة تراجع الدراسات الإعلامية (1-2)

صدى البلد

لا تزال المسافة بين كثير من بحوثنا في مجال الدراسات الإعلامية, وبحوث من سبقونا كبيرة بلا شك, وبالتأكيد لا يزال أمامنا شوط علينا أن نقطعه حتي نصل ببحوثنا إلى المستوي المنشود والمأمول فالعديد من الأبحاث سواء كانت أطروحات جامعية أو أبحاث مقدمة إلى المنتديات والمؤتمرات العلمية, ينقصه العمق ويفتقر إلى المنهجية ويشوبه القصور في العرض والتناول لما يعالج من مشكلات أو قضايا.

 

وهذا التخلف البحث مرده ليس إلى الباحثين فقط وإنما يعود إلى ما يحيط بالعملية البحثية نفسها من معوقات وإلي الظروف والنظم التي يعمل في ظلها ومن خلالها القيام بالبحث الجامعي وخاصة ما يتطلبه من حسن التوجيه والرعاية الأمر الذي يجعل المئات من رسائل الماجستير والدكتوراه التي يتم مناقشتها شهريا وربما أسبوعيا وأحيانا يوميا! بلا فائدة حقيقية بأي حال من الأحوال ويكون مصيرها أرفف المكتبات تغوص في بحر من الأتربة !

وربما كان النقص الفادح في الأدوات الأساسية اللازمة لأي باحث إعلامي هي أبرز مشكلات الدراسات الإعلامية وما يترتب علي هذا النقص من سلبيات من أبرزها اضطرار الباحث إلى بذل جهد مضاعف للوصول إلى بغيته وعدم تحقيق الغاية المطلوبة من البحث كاملة, مع ضعف الاستقراء المنهجي وتهافته , والركون إلى التعميم والارتجال في إصدار الأحكام , مع العتماد علي التكهن بدلا من الاستنتاج العلمي المنطق !

ومن أسباب تراجع البحث العلمي الإعلامي أيضا إغفال بعض الجوانب الحيوية من البحث ربما لرغبة الباحث في إنجاز بحثه بسرعة وتأكده من عدم جدواه مستقبلا ومن أجل ذلك يتجه إلى اختيار موضوعات هامشية أو ذات دلالة عامة لبحثها حتي يثبت صحة الفروض التي وضعها مسبقا في بحثه! ناهيك عن عدم التوصل إلى "حصر" كل ما يمكن أن يفيد البحث من مراجع، الأمر الذي يؤدي إلى العجز عن استيفاء كل متطلبات البحث واستكمال ما يحتاج إليه من أسانيد , فمن المعروف أن هذه المراجع هي كتب لا تقرأ قراءة متواصلة وإنما تستخدم من قبل البلاحث كلما احتاج للحصول علي جزء محدود من المعروفة مثل القوامس بأنواعها ودوائر المعارف والأدلة والأطالس وغيرها ورسائل الدكتوراه والماجستير والدوريات العلمية السابقة والحديثة وهناك مراجع شاملة ومراجع تختص بحقل من حقول المعرفة كالفلسفة وعلم النفس والموسيقي والتاريخ والإعلام وما أشد حاجتنا إلى هذه المراجع وغيرها في المكتبة العربية الإعلامية ! وتمثل هذه أبرز المشكلات التي تعاني منها أبحاثنا ودراستنا العلمية الإعلامية برغم مرور ما يقارب الثمانين سنة علي بداية الاهتمام بالدراسات الإعلامية .

ومن المعروف أن البحوث تسعي دوما إلى التعبير عن القيم السائدة وخدمة ودعم النظام الذي تعمل في ظله وفي كثير من الدول تستخدم هذه البحوث كأداة للضبط الاجتماعي ومنذ عقود طويلة دأبت دوائر منظمة اليونسكو الدولية علي ترديد مقولة إن السياسات الإعلامية والقرارات الإعلامية الهامة تعتمد بصورة أساسية علي المعلومات التي يمكن توفيرها من خلال البحوث !

كما استمرت الشكوي من نقص المعلومات حتي عندما شرع اليونسكو في إنشاء لجنة تدعي لجنة ماكبرايد والتي اكتشفت أنهم لا يعانون من نقص المعلومات فقط وإنما المعلومات المتوافرة لديهم تتصف بعد الشمول وعدم التوازن بسبب أنها تتضمن مناطق من العالم أكثر من غيرها وتركز علي جوانب معينة من العملية الاتصالية أكثر من سواها بالإضافة إلى طرح تحليلات وتفسيرات ذات توجه أيديلوجي محدد مما أدي إلى تواقفهم لدي تعميمات ثقافية إعلامية لم تصلح لتفسير وتحليل مختلف الظواهر الإعلامية السائدة حاليا ومستقبلا.. وغيرها من الأمور التي تحتاج إلى رؤية نقدية فعالية لإعلامنا المصري ودراساتنا وأبحاثنا التي شابها المجاملات أكثر من كونها ذات فعالية تخدمة أغراض البحث العلمي الذي يشهد يوما بعد يوم تدني وانحدار غير مسبوق وفقا للمقولة الشهيرة بأنني "أسمع ضجيج ولا أري طحين"! وهو ما يشير إلى ضرورة التكاتف من أجل إصلاح منظومة الأبحاث العلمية والدراسات الإعلامية بحيث تكون أكثر فعالية بدلا من المؤتمرات التي يصاحبها الضجيج والأصوات الزاعقة والعالية والدعوات لشخصيات عامة وفنية دون عائد حقيقي لصالح البحث العلمي الإعلامي في بلادنا الحبيبة مصر !