الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أحمد محمد توفيق يكتب: مُبادرة رئاسية جديدة لرعاية صحة المرأة

أحمد محمد توفيق
أحمد محمد توفيق

جاءت دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي، لدراسة إطلاق مسح طبي شامل على سيدات مصر للكشف المبكر عن الأمراض التي تصيبها وخاصة "سرطان الثدي"، كمحاولة جادة للاستفادة من الزخم الذي حققته مبادرة الكشف عن فيروس سي والأمراض غير السارية "100 مليون صحة" التي وصلت حاليًا محطتها الثالثة والأخيرة، في ظل إقبال كبير من جانب المواطنين على المُشاركة، حيثُ بلغ إجمالى من تم مسحهم منذ انطلاق المبادرة حتى الآن نحو 47 ملايين مواطن، من أصل 60 مليون مواطن مستهدف، وبلغ متوسط الاصابة بفيروس سي بمحافظات المرحلتين الأولى والثانية نحو 4%.

دعوة الرئيس التي لاقت ترحيبًا كبيرًا بين الأوساط النسائية والطبية، تبعها تأكيد وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد، أن سرطان الثدي يعدُ ثاني أسباب الوفاة بالنسبة للسيدات في مصر، حيثُ وعدت بتقديم مشروع المسح الطبي الشامل للكشف المبكر عن سرطان الثدي وعلاجه، في أقرب وقت.

وتحرك القيادة السياسية لمجابهة خطر "سرطان الثدي" يؤكد أن لدى الإدارة المصرية مؤشرًا واضحًا عن انتشار المرض وخطورته، على النحو الذي أكدته النسب التي ذكرتها وزيرة الصحة، ولعل أول خطوة في إعداد هذا المسح الشامل، تتمثلُ في إجراء مسح استرشادي يشمل اختيار عينة عشوائية مُمثلة لسيدات مصر، من مختلف المناطق التي تشمل الحضرية والريفية والبدوية، لمعرفة أين تقع مصر على خارطة انتشار مرض سرطان الثدي، والتوصل لرقم يمكن الاستناد إليه عند تنفيذ المبادرة.

والحقيقة أن محاولة الوصول إلى إحصاءات معتمدة محليًا يمكن الوثوق بها حول نسبة انتشار سرطان الثدي في مصر، أفضت إلى نتائج غير حديثة نسبيًا، يتعلق معظمها بتسجيل حالات دخلت المستشفيات لتلقي العلاج، وأخرى قضت نحبها نتيجة المرض، الأمر الذي دفعنا إلى البحث في دائرة أكبر، للتوصل إلى مؤشرات يمكن الإستناد إليها، وفي مقدمتها تقارير الوكالة الدولية لبحوث السرطان، التابعة لمنظمة الصحة العالمية، والتي أشارت في آخر تحديث لها، إلى أن سرطان الثدي قفز عام 2018 ليُصبح الأول إصابة للبشر بين مختلف أنواع الأورام، من مختلف النوع والأعمار، بنسبة تصل إلى 11.6% بالتساوي مع سرطان الرئة، حيث سجل العام 2018 إصابة نحو 18 مليون إنسان بهذا المرض اللعين، واحتل "سرطان الثدي" الترتيب الرابع في التسبب في الوفاة، بعد الرئة، والقولون، والمعدة، بنسبة نحو 6.6%، وحصد المرض اللعين نحو 9.5 مليون إنسان خلال عام 2018.

وبالتركيز على القارة الأفريقية، وتحديدًا إقليم شمال أفريقيا الذي تقع به مصر، فقد أوضحت تقارير الوكالة الدولية لبحوث السرطان، أن عام 2018 شهد اصابة 54 ألف حالة جديدة بسرطان الثدي، كُلهم من السيدات، توفي منهن بنهاية العام نحو 20 ألف حالة، حيثُ يؤكد التقرير أن سرطان الثدي مازال يُمثلُ خطرًا داهمًا حيثُ يعدُ أكثر أنواع السرطان التي تُصيب السيدات، والأكثر تسببًا في الوفاة بالنسبة لهن، بنسبة تصل إلى نحو 47%، من إجمالي الحالات المُسجلة، وبالنظر إلى الحالة المصرية تحديدًا، فقد أوضح التقرير على مؤشره باسم "السرطان اليوم Cancer Today" أن مصر شهدت مؤخرًا تسجيل نحو 129 ألف حالة إصابة بالسرطان عمومًا خلال عام 2018، مقارنة بـالرقم السائد خلال السنوات الخمس الماضية وهو 257 ألف و 288 حالة اصابة بالسرطان كل عام، وقد بلغ عدد الوفيات محليًا نتيجة تلك الأورام اللعينة خلال العام الماضي نحو 85 ألف حالة.

وبالتركيز على سرطان الثدي، فقد أوضح مؤشر "السرطان اليوم Cancer Today"، أن حالات الإصابة بالأورام في مصر، تضمنت نحو 23 ألف حالة إصابة بسرطان الثدي، ليأتي كثاني أنواع السرطان انتشارًا في مصر بعد سرطان الكبد، بينما جاء في المرتبة الأولى كأكثر أنواع السرطان إصابة للسيدات في مصر، بنسبة 35%، وبلغ معدل الإصابة بسرطان الثدي رقمًا يصل إلى نحو 49 حالة لكل 100 ألف إمرأة، واصطبغت مصر باللون الأحمر على خارطة الوفيات نتيجة سرطان الثدي عالميًا، وهو ما ينذر بالخطر، حيث بلغ عدد الوفيات بمصر أكثر من 20 حالة لكل 100 ألف إمرأة.

إن خطوات الإعداد لهذه المبادرة الرئاسية لرعاية صحة المرأة المصرية، تستوجب المُشاركة المجتمعية من جانب كافة الجهات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني التي استشعرت الخطر باكرًا، وحملت على عاتقها منذ سنوات مسؤولية الاضطلاع بهذا الملف في مصر، مثل المركز المصري لأورام الثدي، و المؤسسة المصرية لمكافحة سرطان الثدي، وبمستشفى "بهية" الخيري المخصص بالكامل لسرطان الثدي، كما يستوجب التحضير للمبادرة أيضًا إطلاق حملة إعلامية لنشر الوعي بين السيدات بأهمية أهداف هذه المبادرة، وضرورة المشاركة فيها، لاسيما في المناطق غير الحضرية، التي ماتزال تحكمها أفكارٌ تقليدية قد تعيقُ مشاركة بعضهن لأسباب اجتماعية، إضافة إلى أسباب أخرى اقتصادية تتعلق بارتفاع تكلفة علاج الأورام بما يدفع سيدات للتكاسل عن الإقدام على الكشف واستكمال المتابعة لتلقي العلاج، وتظل الحقيقة أن جهود الدولة وحدها لاتستطيع أن تضمن نجاح أي "مُبادرة" مهما كانت أهدافها نبيلة، فالمشاركة الفاعلة ركيزة أساسية لنجاح أي مُبادرة.