الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

دنيا طارق تكتب: ما بعد التغيير

صدى البلد

دومًا كنت أهرب في منتصف الطرق.. كنت أخشى أن أسير في طريق بمفردي لكني سرت نصف طرق فقط، رغم أنني لم أكن بمفردي...حتى تركني. 

كنت آخر ابنة في البيت وأكثرهم دلالًا..وكان يبدو ذلك على وزني، لم أكن أرى مشكلة في هذا ظنًا أن شكلي مقبول لكن بالطبع لم أكن هكذا، عرفني وأنا سمينة وفي البداية كان متقبلًا للأمر.. حتى شعرنا أن علينا أن نأخذ خطوة الزواج، فوجدته يخبرني بما أخفاه طوال تلك السنين:
•أنتِ تعلمين أنني أحبك لكني أيضًا أحب أهلى وأريد أن تسير الأمور بسلام.. فربما نحاول ولو مرة أن ننقص من وزنك...وهذا أفضل لكِ أيضًا.
غضبت وكنت أكرر أن من يحبني سيقبلني كما أنا، وبعد مناقشات كثيرة قرر أن يبتعد عني ليجبرني أن آخذ الخطوة، فهو متأكد أنني أحبه وسأفعل هذا ليعود لي.

لم يكن قراري نهائيا لكني حين وجدت وزني تخطي المائة وخمسين كيلو جراما، كنت أخجل أن أخرج من بيتي حتى إنقطع هذا تمامًا..أحصل على ثياب بمعجزة، لا أستطيع أن أتحرك بسهولة؛ فة ورغم كل هذا قررت أنني سأنقص من وزني لأجله هو فقط، ليعود....لكني لم أكن أملك أي شيء من الإرادة فتذكرت نصيحته بأن أجري عملية للتنحيف.

أمي ظلت رافضة وبعد إلحاح طويل وافقت، ودخلت العملية بدون أن أخبره..بقيت فيها لساعات تحت أثر التخدير لا أشعر ولا أعي أي شيء، وأمي بالخارج قلبها يخفق خوفًا علي، دعواتها لي لا تتوقف، و أبي يأخذ الممر الذي يؤدي لغرفة العمليات ذهابًا وإيابًا... حتى خرجت وأنا مازلت في اللا وعي وحين بدأت أن أفيق لم أكن أنطق سوى اسمه... أمي وأبي ينظران لي في عطف ولوم وخليط مشاعر غريب فأخبرته أمي وحين علم عاد إلي.

أصبح وزني ينقص بشكل أسرع وهو سعيد بهذا وصراحة أنا أيضًا كنت سعيدة رغم الألم، أشعر أن شحوبي مع الوقت يزيد لكني أشعر بخفة وحرية في حركتي، ثقتي بنفسي زادت وشعرت أنني حقًا جميلة.

وبعد شهور شعرت بآلام صعبة وحين ذهبت لأقوم بالفحص وهو معي اكتشفنا أنه هناك خطأ في عمليتي ويجب أن أقوم بأخرى.. لكن نتيجتها ربما تكون موتي..

لن أنسى حالة أهلى حين أخبرتهم، ظلوا بين الصدمة والخوف والتشتت، في كل الأحوال يؤدي الأمر لنتائج لن ترضيهما ..لكني خاطرت ودخلتها وحين خرجت منها بعدما كان كل الأطباء متأكدون أن هذا لن يحدث وسألت عنه لم أجده! اختفى تمامًا..لم يعد يجيبني ولا يهاتفني ولا أجيد رؤيته ففهمت قراره وحين بدأت التأقلم مع هذا وجدت أن العملية الثانية كان لها توابع خطيرة مازالت ترافقني ..صندوق الأدوية يزداد يومًا بعد يوم..وزني توقف عن النقصان.. ولم أنتهِ من دوامة العمليات ومع ذلك كله هو ليس موجودا .. لكنني لن أنكر أن حالتي أصبحت أفضل من قبل على الأقل في شكلي على الرغم من كل هذه المتاعب.

لا أتوقف عن التفكير في القرار الذي أخذته.. أنا فعلت كل هذا لأجله.. كل تلك الآلام لأتجنب ألم غيابه لكني شعرت به رغم ذلك.
طلب شخص يحترمه أبي كثيرًا ويتمنى أن يصبح من نصيبي منه أن يتزوجني، لكني أصبحت أرفض بدون أي أسباب..خوفَا من ألّا يتقبلني أحد بكل هذه الأمراض والمتاعب والمشقة..إذا كنت أنا لا أتقبلها، لكني كنت أذكر نفسي من وقت لآخر أنني فعلت هذا بنفسي من أجله لكن ما أفعله الآن فهو لأجلي أنا.

وأصبحت في المنتصف لا أستطيع أن أتقدم ..لم تنجح محاولاتي لإنقاص وزني بالشكل الذي كنت أتوقعه ولم أنجح في الحب لينتهي بالزواج، لكن كل ماتعلمته أنني علي أن أقوم بما يرضيني أنا، فلعل من يطلب مني تغييرًا لن يقبلني به أيضا، لا بسبب التغير بل لأن المشكلة في البداية لم تكن في التغيير ذاته، كانت به أو ربما بي. وألّا أحب أحدًا أكثر من نفسي. 

والآن أنا أتحمل نتيجة قراراتي كلها بوحدتي ...لست نادمة، لا أعلم إذا كانت صحتي ستتحسن أو أنني سأتمكن من الحب ثانية وأتخطي مرحلة الحب فقط .. لكني أتمنى أن أتخطي المنتصف هذا.