الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حسام عيسى يكتب: الولايات المتحدة والهيمنة المصرية الإقليمية

صدى البلد

تأتي زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى أمريكا عقب متغيرات إقليمية جديدة تثبت للقاصي والداني المكانة الجديدة التي بها مصر على أرض الواقع، فمصر الآن بوضعها الإقليمي ذات مجال حيوي عميق وقوي لم يأت لمصر من قبل، تأتي الزيارة في إطار إثبات زعامة الرئيس على رئاسة الدولة المصرية وتمكنه من الوقوف ضد خطط التقسيم المصري، كذلك وجود تأييد شعبي وعربي له يصل إلى حد الكمال والتكامل الاقتصادي والعسكري في المنطقة. 

نجح النظام السياسي المصري في تكوين قوة إقليمية عربية بزعامة مصرية، وبتعاون سعودي إماراتي مما أوجد قوة إقليمية تمثل خط الدفاع الخلفي للاقتصاد المصري منذ 30 يونيه 2013، وقد حدث التكامل الاقتصادي العسكري من خلال التواجد في منطقة القرن الإفريقي، فأصبحت مصر حاليًا على قمة البحر المتوسط ونهاية البحر الأحمر عند باب المندب، ذاك المعبر الحيوي الذي يتحكم في ثلث تجارة العالم، وأكثر من 60% من التجارة الأوروبية، وكذلك يتحكم في التجارة البترولية الخليجية، وبذلك فرضت مصر نفسها بقوة من خلال إحكام السيطرة على قناة السويس من ناحية وباب المندب من ناحية أخرى بالتعاون مع السعودية والإمارات في منطقة القرن الإفريقي مما يعطي مجالًا حيويًا استراتيجيًا وعسكريًا لمصر.

كما تحكم مصر سيطرتها الفعالة على شرق ليبيا، وتدعم القوات العسكرية المتفاعلة في المنطقة، وتحصد جميع الأراضي الليبية بدعم لوجيستي إقليمي مخابراتي بالتعاون مع ليبيا؛ من أجل السيطرة الكاملة على ليبيا، وأضحت مصر تمتلك حدودها الغربية كاملةً مع ليبيا، كذا تواجدها مع أشقاؤها في السعودية والإمارات مما يعطي مؤشرًا بوجود قوى إقليمية لا يستهان بها بعد أن وطأت أقدامها على المنطقة، ويزيد عن ذلك ارتباط مصر اقتصاديًا بأوروبا خاصةً فرنسا وألمانيا، وتشير زيارة ماكرون الأخيرة إلى مصر لدعم التواجد المصري في ليبيا، واعتبار مصر كمنفذ أوروبي لإفريقيا، وكذلك للمساعدة في الاضطرابات التي تحدث مع فرنسا خلال تواجدها في مالي والنيجر مما يعزز من نفوذ مصر في إقليم غرب إفريقيا. ربطت مصر نفسها اقتصاديًا بأوروبا من خلال حقل ظهر مع قبرص واليونان من جهة، ومع فرنسا وألمانيا عسكريًا من خلال الرافال والميسترال والغواصات الألمانية من جهة أخرى، وبذلك أضحت مصر بحق معبر أوروبا لإفريقيا.

باتت مصر ترتبط ارتباطًا كاملًا شرقًا مع السعودية والإمارات، وغربًا مع ليبيا من خلال التواجد الحقيقي مع الإدارة الليبية المتمثلة في اللواء حفتر، وجنوبًا مع السودان مع اتباع سياسة عدم التدخل في الشؤون الداخلية السودانية وعدم دعم أي فصيل سوداني والتأكيد على الوقوف بجانب الشعب السوداني مما يدل على دهاء الخارجية المصرية، وحرصها على حماية أمنها القومي الجنوبي، بذلك أصبح لمصر عمق استراتيجي جنوبي يصل لإثيوبيا وإريتريا، وغربي يصل للنيجر ومالي حيث النفوذ الفرنسي وغينيا حيث التاريخ القديم مع الزعيم الراحل جمال عبدالناصر. يذهب الرئيس المصري إلى أمريكا من مطار غينيا - ليس من مطار القاهرة-، ويرجع منها إلى ساحل العاج، وهذا يؤكد أن دار إفريقيا هي دار مصر.

ووفقًا لما سبق، تعلن مصر عن مجال حيوي عميق لها داخل القارة السمراء التي تتزاحم عليها كل من الصين وأمريكا، وتلعب مصر دورًا حيويًا من خلال تعاملها مع طريق الحرير الذي تتفاعل به الصين كقوة متمركزة في إفريقيا، وتتضح أهمية مصر للصين بحضورها مؤتمر البريكس 2017 في الصين.

فمصر ليست حجر الزاوية أو العمود الفقري للدول العربية فحسب، بل تعلن مصر عن هيمنتها الإقليمية الحقيقية من خلال تواجدها في منطقة القرن الإفريقي وقلب إفريقيا وأوروبا – بخاصة فرنسا وألمانيا -، واستطاعت مصر إيجاد مجال إقليمي حيوي تتفاعل به مع القوى العظمى، يتمثل ذلك من خلال تعامل الرئيس المصري مع الرئيس الأمريكي بندية إقليمية حقيقية، وأصبحت مصر تتعامل مع أمريكا بقوة إقليمية لا يستهان بها على اعتبار أنها شريك قادم في التفاعلات القادمة، وبذلك أصبح لمصر مكانة إقليمية لا يستطع أحد أن يزاحمها مع وجود خطة أمريكية لتقسيم الشرق الأوسط، ومازالت مصر داعمة للقضية الفلسطينية.

تدعم مصر السعودية للحصول على القوة النووية لتضاهي القوة النووية الإيرانية بل تفوقها، وهذا يتضح من خلال زيارة وزير خارجية أمريكا لمصر منذ بضعة أشهر لرسم سياسة تطويق إيران من خلال القوة المتمركزة في المنطقة ألا وهي: مصر والسعودية والإمارات؛ من أجل السيطرة على اليمن وتقويض القوة الإيرانية ومنع تغلغلها في الأراضي العربية.