الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عمر البشير.. رحلة رئيس استمر 30 عاما وانتهى بالعزل والإقامة الجبرية

عمر البشير
عمر البشير

ثلاثون عاما قضاها الرئيس السوداني عمر البشير في مقاليد الحكم، لتنتهي اليوم بإطاحة شعب السودان له، في ثورة خرج فيها جموع الشعب السوادني بجميع طوائفه في تظاهرات استمرت لشهور، في مشهد شعبي أذهل العالم أجمع، ففى فترة حكمه تعرض للعديد من الانتقادات والاتهامات، داخل السودان وخارجه، إلا أنه تمكن من تربع عرش السلطة طوال هذه المدة، ليقرر شعبه اليوم عزله.


ثلاثة عقود قضاها عمر البشير في رئاسة البلاد، بدأت عام 1989، عندما كان عضوا للجبهة القومية الإسلامية، التي أطاحت بالحكومة حينها برئاسة الصادق المهدي، ليتولى عمر البشير منصب رئيس مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني في 30 يونيو 1989، ومع تسلم مقاليد البلاد لم يتركها، وفي العام نفسه تقلد البشير منصب رئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية السودانية معًا.



تخرج البشير من الكلية الحربية السودانية عام 1967، ثم نال ماجستير العلوم العسكرية بكلية القادة والأركان وماجستير العلوم العسكرية من ماليزيا، وزمالة أكاديمية السودان للعلوم الإدارية، كما شارك في حرب العبور 1973، وعمل فترة في الإمارات العربية المتحدة، كما عمل بالقيادة الغربية، ثم القوات المحمولة جوًا، إلى أن عين قائدًا للواء الثامن مشاة حتى 30 يونيو 1989. 

وبعد توليه الحكم، ظهرت بعض الاتجاهات والنداءات التي تطلب بالإطاحة به، ففي 1990 تعرض لمحاولة انقلاب من حركة رمضان، إلا أنه نجح في إفشالها، وألقى القبض على الضباط المتورطين وقام بإعدامهم، وعندما شعر بتهديد له من البرلمان قام بحله واعتقل جميع معارضيه.

وفي 1991، استضاف "البشير"، زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في الخرطوم، فأدرجت واشنطن السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب، وفي 2008 أصدر المدعي العام لدى المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو مذكرة توقيف بحقه في قضية دارفور، وذلك بعد اتهامه بارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور وطلب تقديمه للمحاكمة، وهي أول مرة يتهم فيها رئيس خلال ولايته، بالرغم من أن السودان غير موقع على ميثاق المحكمة، وصفت الحكومة السودانية الاتهام "استهدافًا لسيادة وكرامة وطنهم"، وأنها محاكمة "سياسية فقط وليست محكمة عدل" واتهمت المحكمة بازدواجية المعايير.

ويعد البشير أول رئيس دولة يتم ملاحقته دوليا لاتهامه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية عن حربه في دارفور، وحتى يومنا هذا ما زال الرئيس البشير يزور البلدان العربية والإفريقية في تحد واضح لقرار المحكمة الدولية، وفي عام 2013 رفضت الولايات المتحدة الأمريكية السماح بتأشيرة دخول عمر البشير لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، مما استهجنته الخارجية السودانية، وفي 2015 أصدرت المحكمة العليا في جنوب أفريقيا أمرا يمنع البشير من مغادرة جنوب إفريقيا مؤقتا لحين النظر في القضايا المتهم فيها من طرف المحكمة الجنائية الدولية، وذلك بعد حضوره لمؤتمر القمة الإفريقي الخامس والعشرين، إلا أنه عاد إلى السودان دون توقيفه.

أقيمت أول انتخابات رئاسية في السودان عام 2010، وفاز بها البشير بعدما انسحبت المعارضة من الانتخابات بعد وصفها أنها غير نزيهة، وشهد عصر البشير أطول حرب أهلية في تاريخ السودان، انتهت بفصل الدولة إلى شمال وجنوب عام 2011، مما أسفر عن خسائر اقتصادية كبيرة وأزمة أدت إلى ارتفاع الأسعار في أنحاء البلاد، ليكون فتيلة أشعلت نيرات المظاهرات فيما بعد.

في 2013، اندلعت احتجاجات شعبية واسعة في شوارع السودان، ضد حكم البشير بسبب ارتفاع أسعار المحروقات والمواد التموينية، وقتلت فيها قوات الأمن الحكومية ما لا يقل عن 200 متظاهر، فضلا عن اعتقال وتعذيب الكثير من العمال والطلاب، وأعلن البشير وقتها لشعبه عن عدم رغبته في الترشح لمنصب الرئاسة في انتخابات عام 2015.

لم يف البشير بوعوده فخرج على شعبه واعدا أنه لن يترشح في انتخابات 2015، ولكن في أكتوبر 2014 قرر حزب المؤتمر الوطني أن يعيد ترشيحه للانتخابات في 2015، كما صرح بعدم نيته الترشح في انتخابات 2020 إلا أنه أعلن نيته فى الترشح لانتخابات ذلك العام لاحقًا في 2017. 

وفي ديسمبر 2018، بدأت مظاهرات الشعب السوداني في الاشتعال مرة أخرى، تنديدا بالرئيس عمر البشير، وتعالت الأصوات التي تنادي بعزله عن الحكم، وقامت حكومته بحملات اعتقلات كبيرة للمعارضين السياسيين فيما سقط قتلى، وبدلا من أخماد المظاهرات، اشتعلت وتيرتها وخرج السودانيون في أرجاء البلاد، يطالبون بتنحيه عن الحكم.