الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كلب ديجون


يقولون إن الإسكندر الأكبر كان همه الأعظم أن يقهر العالم ويصبح مالكا له مسيطرا على كل شبر فيه وهو فى طريقه لتحقيق هذا المبتغى التقى بالفيلسوف ديجون وكان يصطحب كلبه معه وكان من عادته أن يحدث كلبه ويصف له كل ما تقع عليه عينه بل ويأخذ رأيه وكان من عادة الكلب أن يهز ذيله عندما يوجه له ديجون الحديث وينبح فى وقفات معينة يفسرها الناس بالرفض.

الإسكندر استوقف ديجون وفى عظمة الفاتح المسيطر قال له اخبرنى يا ديجون ماه ى السعادة فى أن تصطحب كلبا وتمشى به وتحكى له والناس تراك وتسخر منك ويظنون بك الظنون أقلها أنك معتوه؟ فنظر ديجون إلى كلبه وقال له .. صديقى القوم يسخرون منا فماذا ترى فى ذلك؟ وهز الكلب ذيله فربت عليه ديجون وقال لا بأس فأنا أعلم أنك لا تعيرهم اهتماما . ولكن الأهم من ذلك يا صديقى أن حاكم القوم يتحدث مثلهم فهل تعطنى حكمك عليه؟ فنبح الكلب كثيرا، فانحنى ديجون وقال له لا بأس فى ذلك أيضا ولكن لا تفصح أكثر من ذلك بل دعه سرا بيننا .. وهم بأن يستكمل مسيرته بصحبة كلبه ولكن الإسكندر استوقفه وقال له ديجون أنا سأغزو العالم كله وأقهره وأصبح المهيمن على كل ما فيه وساعتها فقط سأحضرك لأرى ردة فعلك أنت وكلبك وضحك بهيستريا ليعطى لحاشيته الأمر بالضحك لإرباك ديجون الذى رفع رأسه، وقال إنك واهم فهذا العالم لم يخلق ليقهر وهذه الدنيا لم توجد ليتحكم بها وفيها شخص واحد ؛ فكل زائل ؛ ولم يذكر التاريخ خضوع العالم لفرد إطلاقا ..فقاطعه الإسكندر وقال سأفعلها وأقهره وأحكمه وأتربع على عرشه رغما عنك وعن كلبك.
 
فنظر ديجون إلى كلبه وقال له أتسمع يريد أن يقهر العالم كيف لمقهور أن يكون قاهرا وكيف لفاني أن يصبح متفانيا وكيف لعدم أن يصبح باقيا أبديا .. فهز الكلب ذيله باستمرار وبدون توقف وبحركة مصاحبة بأن ظل يدور حول ديجون وكأنه يؤكد صحة ما قال وذكر . واستكمل ديجون ووجه حديثه للإسكندر وقال له أنا أعيش بجوار هذا الحائط والحائط المقابل فيه مكان لك ومن الممكن أن تقتنى كلبا وتعيش معه وتهنأ مثلى بالحرية واستكمل حديثه للاسكندر وقال له ماتبحث عنه وتريده يسمى عبودية.
 
فغضب الإسكندر وقال لديجون هل تساوينى بك وتطلب منى أن أعيش بجوار حائط واصطحاب كلب وتسمى ذلك حرية ؟ فضحك ديجون وقال لا تعش بجوارى عش فى قصرك إن أردت ولكن تحرر وها هو البحر أمامك فلتقف على شطه وتداعب أمواجه وتتركها تلامس قدميك ولتتمشى على شطه ولكن لا بد أن تصطحب معك كلبا فهذا الكائن هو الوحيد الذى لن يتخلى عنك ولن يرفضك مهما جد عليك . هنا ضحك الإسكندر وقال لديجون لتعش بكلبك ولتتركنى أغزو العالم واقهره وحينها سآتي بك لترانى وتسبح بسلطانى وتطلب منى الرحمة لكى لا أسحقك سحقا، وبهدوء غير طبيعى على الفلاسفة نظر له ديجون وقال أعود وأؤكد أنك ستفشل وستموت ولن تحقق ماسعيت له لأن العالم خلق لنعيش فيه لا لنقهره والحياة وجدت من أجل هدف خلقنا من أجله لا لأن نتحكم فيمن فيها ..بنهاية كلام ديجون طبطب على كلبه ومضى إلى حاله مع سماع صدى الاسكندر وهو يتوعد ويؤكد بأنه سيغزو العالم ويقهره.. ويحدثنا التاريخ فيقول إن الإسكندر مات مقتولا وحينما كان يلفظ أنفاسه الأخيرة قال ليتنى سمعت ما قاله ديجون وصدًق عليه كلبه بهز ديله فها أنا أموت والعالم ظل كما هو وديجون حر وكلبه يشاركه حريته ويسعدا معا فى الحياة .. إلى الرئيس الأمريكى نكتب هذه الكلمات ولكل واهم بأن الدنيا ملكه وباقية له..
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط