الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

علاء عبد الحسيب يكتب: المتاجرون بالوطنية

صدى البلد

إن كنت مختلفًا مع رئيسك في العمل.. مع زميلك الذي يجلس بجوارك في مكان «لقمة عيشك».. مع تجاوزات مسئول أو برلماني أو جارك في المنزل أو حتى إن كنت خصمًا في دعوى قضائية مع زوجتك.. فاعلم أنك معرض لأن تلقى بتهمة خطيرة جدًا وهي الاتهام بـ«الأخونة».. تلك الجريمة البشعة التي جرمها القانون ويقطن عناصرها الآن السجون بتهم تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين ..

وبعيدًا عن الحديث طويلًا حول مخالفات هذه الجماعة التي ولت دون رجعة.. من أعطى هؤلاء الذين يتهمون الناس جزافًا «صك الوطنية» لأن يخونوا هذا ويؤخونوا ذاك؟.. ومن سمح لهؤلاء بالحديث باسم الدولة أو باسم الرئيس سواء عبر وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو حتى في الشارع؟.. وهل يعلم هؤلاء أن حب الأوطان ليس بـ«صورة» علي صفحات «الفيس بوك» أو «بوست» فيه مجاملة زائفة لمسئول؟..

هل يعلمون أن «حب الأوطان» يكمن في العمل والجهد والتوقف عن الثرثرة دون علم خاصة عند الحديث في أمور السياسة؟.. هل يعلمون أن الوطن الآن في مرحلة دقيقة تحتاج منا جميعًا إلى الصمت والتوقف عن التشويه والتجريح والتخوين؟.. هل يعلمون أن مصر بحاجة إلى كوادر قادرة على إعادة الثقة بين المواطن والمسئول والتي أصبحت علي المحك؟.. هل يعلمون أن العالم من حولنا اخترع قطارا طائرا وطائرة بدون طيار وسيارة تعمل بالطاقة الشمسية، ونحن ما زلنا منشغلين بالحديث عن «المايوه الشرعي»؟..

الوطنية – من وجهة نظري- لا تختلف كثيرًا عن علاقة الإنسان بربه.. فلا أحد يعلم حجمها ولا أحد يستطيع - أو له الحق - أن يقيم مدى حقيقتها، فهذه أمور شخصية وخاصة تختلف من شخص لآخر.. وقد كان بديهيًا أن نطالع هذا الكم من التهم والمشاحنات وحملات التشكيك بالتزامن مع الاستفتاء علي التعديلات الدستورية، هذا العرس الانتخابي الكبير الذي تشهده مصر منذ يوم السبت من هذا الأسبوع.. لأننا وببساطة لا نمتلك ثقافة الاختلاف الحقيقية والقائمة في الأساس على مبدأ البناء والعمل وحب الأوطان والثقة في المسئول، ولا ترسخ أبدا للتخريب أو التشويه ..

دعونا نعترف أننا بحاجة إلى «إعلام صادق» يثق فيه المواطن يرصد الايجابيات والسلبيات بحيادية، ولا يسمح للمتاجرين بالوطنية بالظهور عبر منابره لتضليل الناس.. نحتاج إلى التوقف عن الحديث باسم الرئيس أو باسم الدولة فهناك مؤسسات رسمية منوط بها هذا الدور.. نحتاج إلى شخصيات ذي ثقل وثقة تعمم ثقافة الإقناع بالقضايا والأمور التي تكون محل اختلاف وجدل.. وأخيرا نحتاج إلى أن نحاكم كل المتجاوزين الذين يلقون التهم جزافًا على الآخرين فهم خطر كبير على الأمن القومي للوطن لا يقل أبدًا عن خطر المخربين.. وهم أيضًا متاجرون بالوطنية ولا يعرفون لها طريقًا..