الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عند أم الكنّي.. حكاية أشهر سيدة ديلر حشيش في مصر زمان

صدى البلد

بجسدها الممتلئ تنفس دخان الأرجيلة التي اشعلت جوراها، تخفي ملامح أنوثتها تحت عبائتها، تتكئ في جلستها لتبدو مثل الملكة التي تتربع العرش، ولكن ليس في قصرها او قلعتها، بل في مملكتها التي تمكنت منها، لوحة صغيرة تجاورها كتب عليها "الحشيش.. قهوة بمصر"، ومن مقرها اشتهرت أم الكني التي كيفت مزاج المصريين منذ عقود مضت.

عرفها زبائنها بلقب أم الكنّي، القليلون فقط عرفوا هويتها واسمها الحقيقي، جليلة أنور محروس، ولدت في القاهرة عام 1840، لم تمنع أو تجرم القوانين آنذاك تجارة الكيف والمزاج، فبحث المصريون عنه وظهر تجار الحشيش والأفيون لتلبية رغباتهم، وأصبح الحشيش متاحا لراغبيه، وكانت الست جليلة من أشهر تجار الحشيش آنذاك.

ومن قهوة أم الكنّي، اعتاد أصحاب المزاج على الحشيش وأصبح المكان قبلتهم للتعاطي، واشتهرت وذاع صيتها في الأرجاء، وأصبحت علامة عند أصحاب الكيف عند الرغبة في الترويح عن أنفسهم تسمع جملة " عند أم الكني".

ومع تولي الخديو إسماعيل حكم مصر، وتوالي الأحداث، أصدرت الحكومة حينها قانون تجريم تعاطي وتداول المخدرات، وكان القانون بمثابة الطعنه في صدور التجار وأصحاب المزاج، الذين صدموا منه وباتو يفكروا في شتى الطرق لتعاطي الحشيش بعيدا عن أعين الحكومة.

ثقة الزبائن بأم الكني، جعلتها تفكر في طريقة لتلبية مطالبهم دون الوقوع في فخ الحكومة، وبعيدا عن الأعين، ظلت قهوة جليلة مفتوحة لزبائنها، وأصبح لها مكانهم الخاص وعند سؤالها عن الحشيش ترد بجملتها "اللى عايز يشرب يشرب بس يتكن فى بدروم القهوة".

واشتهر الخبر بين الحشاشين "إنك ممكن تتكن عند السيدة جليله وتفعل ما يحلو لك حتى ذاعت شهرتها بإنها أم الكن فى مصر، وأصبح عندما يسأل احد الحشاشين عن طريقه تفاديه القانون كانت الإجابة عند أم الكنى، ومن هنا استخدم الناس اسم أم الكنى كنايه عن السطل وعدم الاهتمام بجدية الحديث والهرب عن أعين الحكومة في الحشيش.

وطوال سنوات نجحت الست جليلة في الاختباء عن أعين الحكومة، وخلدت ذكراها في التاريخ كأول سيدة "ديلر" وتاجرة حشيش وافيون في مصر.