الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نورهان البطريق تكتب: أمهات السوشيال ميديا‎

صدى البلد

دلفت الأمهات إلي العالم الإفتراضي بشكل ملحوظ خلال السنوات القليلة الماضية ،فقد استطاعت ربات البيوت اختراق عالم شبكات التواصل الاجتماعي سواء كان فيس بوك، واتس آب، انستجرام. فقد اقتحمن هذا العالم فجأة ودون سابق إنذار ،الأمر الذي دفعهن إلي التعامل معه بشكل عفوي يتناسب مع عقول هذا الجيل ،مما نتج عن ذلك إساءة استخدام قد تصل إلي حد السذاجة دون قصد منهن.

استطاع فيسبوك أن يبهر الشباب ويجذبهم إليه،فأصبح الشاب يقضي أغلب ساعات يومه علي الإنترنت دون أن يرمش له جفن.فما بالك بجيل كان لا ينتمى إلي هذا العالم لا من قريب ولا من بعيد، ثم احطناه بكل هذه البرامج الإلكترونية التى تبدو في أول الامر صعبة ومتشابكة ثم سرعان ما ينحل ألغازها ويسهل استخدامها ومن ثمّ الإدمان والتعود الذي يستحيل بعدها التخلص منها أو الاقلاع عنها.

استطاع الانترنت أن يجتاح جميع الفئات العمرية بلا استثناء ،فبدلًا من أن تصمد الأمهات أمام هذا الشبح الذي يطارد أبناءها، انجرفت هي الأخري في دوامة الحياة الإلكترونية دون وعي منها. فلن تكتفي الأم المصرية بالانضمام إلي شبكات التواصل الاجتماعي فحسب، بل خلقت لنفسها عالم من اللاشيء يمكن من خلاله أن تشارك وتصبح عضوًا نشطًا ، وسريع التنقل بين البرامج الإلكترونية المختلفة مثل؛ نشر يومها بكل تفاصيله بداية من المطبخ وأثاث المنزل وصولًا إلي زوجها و أولادها.

ومن هنا تحول دورها من أن تقلص عدد ساعات الجلوس على الإنترنت و إغلاق الأجهزة حال الاستخدام المفرط إلي شخص ضمن مجموعة أشخاص أصبحوا يجلسون مع بعضهم البعض بأجسادهم دون أن يرفع أحد عينه عن جهازه ،فهي جلسة تتجمع فيها العائلة تجنبًا لتأنيب الضمير فقط لا غير.

لا نطالب امتناع الأمهات عن السوشيال ميديا نهائيًا ،ولكن كل ما نريده هو استخدامه بشكل عادل بحيث لايجور علي حق بيتها وعائلتها، واستخدامه في كل ما هو قد يفيد سواء لها أو لمن حولها، وأن تفصل بين حياتها الشخصية وبين صداقاتها علي الفيس بوك ،ولا تجعل حياتها العائلية مجال لنقاش العامة ،لأنها في النهاية تتعامل مع مجموعة بشر من خلال لوحة المفاتيح والتى تخلو تماما من المشاعر والتى قد تخبيء لها في مكنونها نوايا خبيثة لا تقدر علي رؤيتها، ومن ثمّ تتحمل عواقبها المتجسدة في خراب البيوت و نشر الفتن بين أفراد الأسرة الواحدة بعد فوات الأوان.

بات الإنترنت من أساسيات الحياة التى يجب أن يوفرها رب الأسرة لأبنائه ،فالبيوت المصرية أصبحت لا تخلو من الرواتر والباقات الشهرية، فقد يكون الاشتراك الشهري يمثل عبء علي دخل الأسرة، إلا أنه لايمكن إلغاء هذا البند من ميزانية الأسرة ،لأن المسألة أصبحت حياة أو موت بالنسبة لأفراده، فلن نسمع عن مدمن أخذ قرار التعافي بسهولة ووافق علي تحمل أعراض الانسحاب بشجاعة، كذلك أصبح حالنا مع الإنترنت يرثي له، فضلًا عن حال العائلات المصرية الذي يستدعي الشفقة عليها والتعاطف معها.

الانترنت وسيلة لتكوين صداقات حول العالم، اكتساب معلومة، بحث عن وظيفة،تعلم لغة،تدعيم نشاط خيري، توسيع نطاق العمل في المجالات المختلفة. ولكننا استخدامنا الوجه الآخر له المتمثل في نشر الأكاذيب وترويج الإشاعات ،القيام بعمليات النصب من خلال انتحال أسماء ووظائف بعض الشخصيات ،عمل صفحات مفبركة لاصطياد فريسة وابتزازها، وسيلة للسخرية في بعض الأحيان و للشتائم في أحيان أخري . تمكنت سلبيات الفيس البوك أن تنتصر علي الايجابيات بكل شراسة ، وللأسف كان للمستخدمون فضل كبير في ذلك سواء كانت بإرادتهم أو دون ذلك.