من الأيام التي لا أنساها ومحفورة في ذاكرتي سبت النور . حيث أنه يرتبط هذا اليوم بذكريات سعيدة لي .
ربما لم أكن أعرف ما هو سبب الإحتفال به طبقا للعقيدة المسيحية . ولكنه يرتبط في ذهني بإحتفال خاص وطقوس خاصة .
و لم ينقطع أبدا إلي أن توقف تماما عندما أصبحت جدتي تقيم معنا في مدينة نجع حمادي بصفة دائمة في عام 2006 وإلي أن توفيت في 2009 . الله يرحمها
وذكرياتي عن سبت النور حاضرة ولا أعرف هل مازالت تلك الإحتفالات موجودة بالقري أم لا . ولكن ما يفعله ذلك اليوم يذكرني بجدتي وصفاتها وحنيتها .
للأسف لم أتعلم من سلوكها الكثير , وأعتقد أن كل جيلها كان مهذبا في التعامل , فلا أذكر أنها طلبت شيئا مني أو من أخوتي أو من أي شخص حتي أمي إلا وتسبق الطلب بكلمة ( من فضلك ) أو ( لو سمحت ) حتي لو كان هذا الطلب إحضار كوب ماء .
وكانت عندما يحضر لها أحدنا كوب الماء تتبعه بدعوة تشرب من ماء زمزم .
حتي عندما كنت أخطئ معها في لفظ أو سلوك كانت تقول ( هو ده اللي أتعلمتيه في المدارس ) , أو كان العتب ( ده اأنتي حتي متعلمة ورحتي الجامعة ) .
أما لوكان الخطأ كبيرا كانت تقول ( أخص علي تعليمك اللي أتعلمتيه ) .
كان زمانهم فيه القيم والمثل والأخلاق , حتي نحن كنا لا نستطيع أن نقول كلمة بها أية إساءة . وكنت أعتقد أن من يقول لشخص لفظ خارج مثل ( ابن كلب ) وكأنه نفس إعتقادي بأنه كفر بالله حاليا .
بعكس الكثيرين حاليا الذين يتعمدون إحراج الغير وجرحهم . أتمني أن نجد وسيلة لنعود بها إلي الوراء وإلي الأزمنة الماضية في رقي التعامل وفي رقي الألفاظ .
كانت مصر كلها تحتفل بسبت النور وبشم النسيم دون الفحص عن سبب الإحتفال لدي العقيدة الأخري , كنا شعب واحد يفرح كله ويحزن كله .
لم نكن نسمح لمن يريد أن يفرقنا أويقسمنا أن يفعل , وإن كان البعض نجح الآن في تقسيمنا إلي طوائف وأحزاب وجماعات , وللأسف لم نتغلب علي تمزق الشمل , سواء علي مستوي الأمة العربية , أو علي مستوي الوطن الواحد , وحتي علي مستوي العائلة الواحدة والمنزل الواحد . تمنيت كثيرا ولا زلت أتمني أن نوقظ الخير بداخلنا فنعيش السلام النفسي مع أنفسنا وأسال الله أن نستطيع .