الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كواعب البراهمي تكتب: سبت النور

صدى البلد

من الأيام التي لا أنساها ومحفورة في ذاكرتي سبت النور . حيث أنه يرتبط هذا اليوم بذكريات سعيدة لي .
ربما لم أكن أعرف ما هو سبب الإحتفال به طبقا للعقيدة المسيحية . ولكنه يرتبط في ذهني بإحتفال خاص وطقوس خاصة .

كنا ننتظر سبت النور كل عام منذ أن كنا أطفالا , حيث كانت جدتي ترسل لنا البيض الملون من الصباح الباكر يوم السبت , ومعه بعض المنتجات من خيرات الريف . واستمرت علي ذلك حتي بعد أن كبرنا
و لم ينقطع أبدا إلي أن توقف تماما عندما أصبحت جدتي تقيم معنا في مدينة نجع حمادي بصفة دائمة في عام 2006 وإلي أن توفيت في 2009 . الله يرحمها

وذكرياتي عن سبت النور حاضرة ولا أعرف هل مازالت تلك الإحتفالات موجودة بالقري أم لا . ولكن ما يفعله ذلك اليوم يذكرني بجدتي وصفاتها وحنيتها .

للأسف لم أتعلم من سلوكها الكثير , وأعتقد أن كل جيلها كان مهذبا في التعامل , فلا أذكر أنها طلبت شيئا مني أو من أخوتي أو من أي شخص حتي أمي إلا وتسبق الطلب بكلمة ( من فضلك ) أو ( لو سمحت ) حتي لو كان هذا الطلب إحضار كوب ماء .

ولا يسبق إعطائها لشئ إلا بكلمة ( تفضلي ) حتي لو كان أن تعطيني كوب الشاي الفارغ .
وكانت عندما يحضر لها أحدنا كوب الماء تتبعه بدعوة تشرب من ماء زمزم .
حتي عندما كنت أخطئ معها في لفظ أو سلوك كانت تقول ( هو ده اللي أتعلمتيه في المدارس ) , أو كان العتب ( ده اأنتي حتي متعلمة ورحتي الجامعة ) .
أما لوكان الخطأ كبيرا كانت تقول ( أخص علي تعليمك اللي أتعلمتيه ) .

كانت تعتقد يقينا أن التعليم يهذب السلوك ويعدل ويقوم الشخص , ويغرس المبادئ . فكانت تستنكر أن يصدر تصرف به قصور من شخص متعلم .
كان زمانهم فيه القيم والمثل والأخلاق , حتي نحن كنا لا نستطيع أن نقول كلمة بها أية إساءة . وكنت أعتقد أن من يقول لشخص لفظ خارج مثل ( ابن كلب ) وكأنه نفس إعتقادي بأنه كفر بالله حاليا .

عندما أشاهد الأفلام القديمة أجد لغة الحوار بها إحترام , لم يكن تمثيلا كان من الواقع , كان الناس عندهم دين وخلق , لا يهينون أحدا ولا يقولون ما يجرح الغير .
بعكس الكثيرين حاليا الذين يتعمدون إحراج الغير وجرحهم . أتمني أن نجد وسيلة لنعود بها إلي الوراء وإلي الأزمنة الماضية في رقي التعامل وفي رقي الألفاظ .

صحيح الأجيال إختلفت كثيرا , وصحيح الدواخل علي لغتنا وعلي هويتنا كثيرا . ولكن لنحاول أن نحتفظ بشئ من الزمن الجميل أو أن نستعيد بعضا من علاقاتنا الطيبة وسلوكنا الجميل .
كانت مصر كلها تحتفل بسبت النور وبشم النسيم دون الفحص عن سبب الإحتفال لدي العقيدة الأخري , كنا شعب واحد يفرح كله ويحزن كله .

لم نكن نسمح لمن يريد أن يفرقنا أويقسمنا أن يفعل , وإن كان البعض نجح الآن في تقسيمنا إلي طوائف وأحزاب وجماعات , وللأسف لم نتغلب علي تمزق الشمل , سواء علي مستوي الأمة العربية , أو علي مستوي الوطن الواحد , وحتي علي مستوي العائلة الواحدة والمنزل الواحد . تمنيت كثيرا ولا زلت أتمني أن نوقظ الخير بداخلنا فنعيش السلام النفسي مع أنفسنا وأسال الله أن نستطيع .

عموما مع أعياد مصر و في كل الأحوال - كل عام وكل مصر بخير .