الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د.محمد أبو سمرة يكتب: كلمات في حب مصر

صدى البلد

كل ما في مصر الحبيبة يجذبك بعمقٍ وحنينٍ وشوق شديد نحو مجد الأمة وتاريخها المجيد، وكل حارة وشارع وزقاق وزاوية ومسجدٍ وتكيةٍ ومقام، له حكايته وموقعه ومكانته في التاريخ المعاصر والحديث والقديم، وللمسجد الجامع الأزهر الشريف مكانته المرموقة في التاريخ الإسلامي والعربي والمصري، وهو المسجدالجامع الذي مرَّ على إنشائه أكثر من ألف عام، فما أن يُكرِمَك الله بالدخول إليه والصلاة في أحد أركانه أو جنباته، إلاَّ وتشعر بالطمأنينة الشديدة، وتنهمر على ذاكرتك وعقلك ووعيك الأحداث والتفاصيل التاريخية المتتالية متذ أكثر من ألف عام، وتتراءى أمام عينيك ملامح القاهرة الفاطمية العتيقة بكل ماتحمله من ذكريات تاريخية عطرة، تصحبك نحو مجد الأمة وتاريخها المجيد، حيث إمتداد الإمبراطورية الإسلامية من أقصى بلاد الهند والصين في أقصى الشرق والجنوب الأسيوي وبلاد القوقاز وبُخارى وسمرقند وغيرها من البلاد الأسيوية في شمال وجنوب وشرق القارة الأسيوية، حتى أقصى الغرب العربي الأفريقي، وأواسط أفريقيا، مرورًا بعشرات الجزر في المحيط الهندي وبحر العرب والبحر المتوسط ، حتى مشارف أوروبا وأعماق أفريقيا.

ودومًا وفي كافة مراحل وتاريخ نهضة الأمة ووحدتها وتماسكها، كان في القلب منها مصر الحبيبة ، وهنا من الجامع الأزهر الشريف انطلقت متذ أكثر من ألف عام مواكب النور من العلماء الأزاهرة الأجلاَّء نحو جميع دول العالم لنشر تعاليم الإسلام السمحة، والدعوة إلى الدين الإلهي المحمدي الأصيل بالحُسنى والخير والعمل الصالح والقدوة والأسوة الحسنة، ومن الأزهر الشريف إنطلق حفظة القرآن الكريم لتلاوة القرآن في شتى أنحاء الأرض، وتحفيظه للمسلمين وتعليمهم طرق قراءة وتلاوة القرآن الكريم ، حتى انتشر علماء الأزهر الشريف، بزيهم الأزهري الجميل في شتى بقاع الأرض ، وانتشر معهم وبهم ومن خلالهم الإسلام العظيم في أرجاء المعمورة.

ولقد كان وسيبقى الأزهر الشريف الشاهد الدائم المتجدد على عظمة الدين الإسلامي، ومكانة ووسطية وعدالة الأمة الإسلامية، وعلى وحدتها وتماسكها، وهو أيضًا صمام الأمان للحفاظ على الفهم السليم والصحيح الوسطي والمعتدل للإسلام الحنيف.

حفظ الله الأزهر الشريف وشيخه الجليل، الشيخ والعالم الجليل الأستاذ الدكتور أحمد الطيب ، وجعله الله نبراسًا متجددًا للعلم الشرعي والإسلام المحمدي الأصيل، وحفظ الله مصر الحبيبة وحماها، لتبقى على الدوام، كما أراد الله لها أن تكون (ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ ) (سورة يوسف ـــ الآية 99)، ومثلما وصفها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( كنانة الله في أرضه ). 

والحمدلله رب العالمين أن أكرم الله تعالى هذا البلد الكريم الأمين، وأكرم المسلمين جميعًا بأن جعل مصر الكنانة موطن الأزهر الشريف، ومنبت العلماء الأزاهرة الأجلاَّء، ومهوى قلوب وأفئدة كل طلاب العلم وجميع الباحثين عن المصدر النقي الصافي للإسلام والدين الحنيف الوسطي المعتدل، حتى تبقى الأمة الإسلامية الأمة الوسط ، كما أراد الله لها أن تكون (وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) . سورة البقرة الآية 143.

اللهم احفظ مصر وشعبها الطيب وقيادتها، وأزهرها الشريف، ومساجدها وجوامعها، وتاريخها وحضارتها، وعلمائها ورجالها ومكانتها ودورها، واجعلها دومًا سراج ومنبع العلم والعلماء والمعرفة والنهضة.