الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. يحيي عبد القادر يكتب: جريمـــة مزدوجـــــــة : روميــــو وجوليــــيت !!!

د.يحيي عبد القادر
د.يحيي عبد القادر


طالعتنا صحيفة الأخبار فى صباح الأثنين 29 إبريل 2019 الموافق لإحتفالات أعياد الربيع بخبر حزين. فلقد لقى شاب مصرعه فى الأسكندرية حين تناول جرعه مخدره من الهيروين أدت إلى مصرعه. تبين أن والدته لم توافق على زواجه من إبنة الجيران التى هام بها حبا. وتولى التحقيق فى الحادث العميد مدحت الصادق مأمور قسم الرمل أول. لابد أن تشعر باليأس والحزن الشديد على رحيل شاب فى مقتبل العمر بسبب رفض والدته زواجه من فتاة يحبها ويتمنى الإقتران بها. وتتساءل كم هى قصص العشاق التى عرفناها ولم تنتهى نهاية مأساوية مثل نهاية الشاب السكندرى رحمه الله. سمعنا بقيس وليلى وجميل بثينه وكثير عزة وكلها قصص عشق لم تكتمل بالقران الميمون والزفاف السعيد لكنها خلفت لنا أدبا رائعا وأشعارا خالدة لازلنا نطرب لسماعها ونهوى ترديدها.

الأعجب أن الخبر ينتهى بذكر وفاة شابة تبلغ من العمر 25 عاما وقد تناولت أقراص الغلة السامة وأخبرت صديقتها أنها تناولت السم بسبب رفض أسرتها زواجها من إبن الجيران. إذن فهى جرائم قتل مزدوجه. فلقد تولى التحقيق أيضا العميد مدحت الصادق مأمور قسم الرمل أول ! يا لصاعقة السماء فتى فى ريعان الشباب ترفض أمه زواجه من حبيبته فينتحر ومن المؤكد أن الفتاة التى تناولت السم هى المعشوقة التى رفضت العيش بعد وفاة حبيبها فقررت أن العالم الآخر أفضل بكثير من دنيانا مخيبة الآمال قصيرة الأجل.
تعيد تلك المأساة للذاكرة مصرع أنتونيو القائد الرومانى وكليوباترا بعد الهزيمة التى أدركتهم بعد موقعة أكتيوم البحرية الشهيرة التى دارت رحاها عام 31 قبل الميلاد. لاحظ أن الفتاة فضلت الموت بالسم تماما مثل كليوباتره التى سعت لأن تلدغها الحية فتموت بيدها لا بيد أوكتافيوس القائد المنتصر.
الآن على من نلقى اللوم؟ الأم الثكلى التى رفضت زواج ولدها من فتاة يهواها أم أهل الفتاة التى قررت ألا تهنأ بالعيش بعد مصرع حبيبها الذى ضحى بحياته بعد أن أدرك أنه لن يقترن بفتاته؟ إنها مأساة ثلاثية الأبعاد والظلال ... الأهل والعاشق والحبيبة.

والآن ما دور المجتمع من الأرواح التى تزهق والشباب الذى يرحل لأول عقبه تعترض أسلوب حياته.

هل الشباب المعاصر ضعيف الإرادة خائر العزيمة الموت أفضل له من الحياة؟ لقد أصبح رحيل الشباب فى مقتبل العمر خبرا نتلقاه كل صباح – مثل الخبز الطازج - لا يثير شكوكا ففى صباح الأحد 28 من إبريل 2019 حملت لنا صحيفة المصرى اليوم خبر رحيل ثلاث فتيات فى محافظة البحيرة!
تبين أن فتاة تبلغ من العمر )17( عاما قد تناولت أقراص حفظ الغلال السامة ذلك بسبب خلافات أسرية وعدم إهتمام أفراد الأسرة بها. تأثرت إبنة الخالة برحيلها (15) فتناولت هى الأخرى الأقراص السامة تضامنا مع قريبتها. ولما كانت المصائب لا تأتى فرادى فلقد قررت الأخت الصغرى أن تتناول نفس الأقراص حزنا على رحيل شقيقتها وبنت الخالة !

المأساة الكبرى أن الفتاة الراحلة قد دونت فى وسائل التواصل الإجتماعى رسالة تقول " اسألوا الله أن يجعل قبرى روضة من رياض الجنة وأن يبدلنى دارا خير من دارى" !!!! ندعو الله شيخ الجامع الأزهر الذى يزور) أبو ظبى( دعما لتسامح الأديان ويرحل من حين لآخر ليلتقى بأسقف) كانتربرى( فى المملكة المتحدة أن يجد وقتا لزيارة قرى أبو حمص والدلنجات حيث تعتقد الفتيات المصريات أن الإنتحار يقود إلى رياض الجنة وإلى عالم أفضل من عالمنا الشقى. من المؤكد أن مفتى الديار المصرية سوف يفحص تلك المحنة التى تهب علينا كالفتنة من أركان الكون الأربعة ولن يبخل علينا بفتوى تشفى غليل الشباب الذى أصبح يثق فى المخدرات، والفتيات التى أدمنت حبوب حفظ الغلال أما وزير الأوقاف فأعانه الله على تدريب الدعاة وتهذيب العصاة.
بطبيعة الحال لن نزعج وسائل الإعلام ولا مراكز البحث الجنائى أو خبراء التنمية الإجتماعية. فمن المؤكد أنها حالات فردية لا تزعج وزارة التضامن الإجتماعى أو وزير الشباب الذى يعشق زيارة مواقع مصر السياحية مابين شرم الشيخ وأسوان أو وزيرة الصحة النشطة التى تسهر على حملات الرعاية الطبية فى ربوع مصر وقراها. من المؤكد أن فى الجامعات المصرية مراكز للبحوث ندعوها أن تأكد لنا – بما لا يدع مجالا للشك – هل الشباب الذى يفضل الموت على الحياة سوف ينعم فى رياض الجنة !