الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نورهان البطريق تكتب: فلا تغرنكم لهفة البدايات‎

صدى البلد



البدايات لا تصنع انبهارا، ولكن المواقف وحدها التى تصنع الإعجاب والانبهار، وإلا من أين سيحضر الانبهار ونحن لم نختبر بعضنا البعض ،كيف سنتيقن منه ونحن واقفون عند نقطة البداية ولم نتحرك بعد، فلنسير أولا ،ولنتعرض لمتاعب الحياة . فلا تحاول أن تفتعل أحداث كي انبهر بك، ولكن اجعله يتسلل بداخلي حينما أراك تخترق عزلتى في الوقت الذي أحاول فيه أن اختبيء عن أعين الناس ، لاتترك لي مجالا للوحدة ،بل حاول ألا تدخر جهدًا في أن تشاركني إياها إلي أن أستعيد قوتي من جديد. فإن سعيت أن أخفي عن العالم الخارجي أمورًا لا أرغب ألا يعرفها أحد، تطلعت أنت إليها دون أن أطلب منك، أن تحدق بي وأنا في أسوأ حالاتي فلا تجعلني أشعر بحرج جراء ذلك ،أن تمدني بقوتك ،و أن تسعي جاهدًا في سد ثغرات خوفي، أن ترتب فوضتي، أن تساعدني في لملمة ما تبعثر مني في وقت شتاتي، أن تذلل الصعاب حتى تقلل من عثراتي وتستقيم خطواتي، حينها سأنبهر بوجودك، ولن يقتصر حينها انبهاري علي البدايات فحسب ،إنما سيزداد اكثر كلما مرت السنون . فطالما أن هناك رصيد من المواقف التي جعلتني أشعر بالاطمئنان ،فهذا كفيل أن يجعل الانبهار يطل من عينيّ طوال الوقت ، فالأفعال وحدها القادرة علي حماية الانبهار من الانطفاء ، و لا دخل للبدايات في الحفاظ عليه من عدمه.

الانبهار لا يولد في اللقاءات الأولى ،ولا ينشأ من مكالمات هاتفية أو محادثات إلكترونية، إنما ينبت من تراكمات و مشوار طويل قطعه الآخر من أجل الوصول إليك .هو حالة من الارتياح يحاول أن يحاوط بها قلبك، حتى تسمح له فيما بعد أن تفتح له بابه ليكون أحد سكانه. ...بل أهم سكانه علي الإطلاق.

هو الاستثناء الذي لا يسري عليه قوانين العامة ،هو الباقي، بينما الجميع في زوال مهما أقيموا. هو النبضة التي لاتحدث في العمر إلا مرة واحدة، بينما تظل النبضات الأخري في عملها المعتاد .هو الانجذاب الذي يزلزل الكيان ،و الخطفة التي تربك خلجات القلب، و تعصف بحناياه .هو الصدمة التى لايمكن أن نعد لها مسبقًا ،إنما نتلاقها علي حين غفلة، فلا يمكنا أن نفهم ما يحصل لنا من عدم اتزان ، فما إن نبدأ في استيعاب كل مايدور حولنا ،ندرك حينها معنى الانبهار الذي يدوم في الوقت الذي أصبح كل شي قابل للفناء والسراب.