الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سيد مندور يكتب: شعار آل البيت

سيد مندور
سيد مندور

ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا.. هذا هو شعار آل بيت رسول الله . وذكر كثير من المفسرين أن هذه الآية نزلت في قصة سيدنا علي بن أبي طالب والسيدة فاطمة الزهراء والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وجاريتهما.

يقول تعالى: "يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7) وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9) إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (10) فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَٰلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (11) وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (12)

وأصل القصة يتكشف في رواية ليث عن مجاهد عن ابن عباس أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة مرضا حتى عادهما جدهما صلى الله عليه وسلم وبعض من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال أبو بكر - رضي الله عنه - : يا أبا الحسن ماذا لو نذرت عن ولديك شيئا، وكل نذر ليس له وفاء فليس بشيء .
فقال علي - رضي الله عنه - : إن برأ ولداي صمت لله ثلاثة أيام شكرا. وقالت جارية لهم نوبية: إن برأ سيداي صمت لله ثلاثة أيام شكرا . وقالت فاطمة مثل ذلك . وفي حديث الجعفي فقال الحسن والحسين: علينا مثل ذلك فألبس الغلامان العافية، وليس عند آل البيت قليل ولا كثير، فانطلق سيدنا علي إلى شمعون بن حاريا الخيبري، وكان يهوديا، فاستقرض منه ثلاثة أصوع من شعير ومقابل ذلك غزل الصوف، فجاء به سيدنا على فوضعه ناحية البيت فقامت السيدة فاطمة إلى صاع فطحنته وخبزته خمسة أقراص من الخبز. وصلى سيدنا علي مع النبي - صلى الله عليه وسلم المغرب ثم أتى المنزل فوضع الطعام بين يديه.

فلما مضى صيامهم الأول وضع بين أيديهم الخبز والملح الجريش، إذ أتاهم مسكين ، فوقف بالباب وقال : السلام عليكم أهل بيت النبوة أنا مسكين من مساكين أمة محمد صلى الله عليه وسلم وأنا والله جائع أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة. فسمعه علي - رضي الله عنه- ، فأنشأ يقول:
فاطم ذات الفضل واليقين يا بنت خير الناس أجمعين
أما ترين البائس المسكين قد قام بالباب له حنين
يشكو إلى الله ويستكين يشكو إلينا جائع حزين
كل امرئ بكسبه رهين وفاعل الخيرات يستبين
موعدنا جنة عليين حرمها الله على الضنين
وللبخيل موقف مهين تهوي به النار إلى سجين
شرابه الحميم والغسلين من يفعل الخير يقم سمين ويدخل الجنة أي حي

فأنشأت السيدة فاطمة - رضي الله عنها - تقول:
أمرك عندي يا ابن عم طاعة ما بي من لؤم ولا وضاعة
غديت في الخبز له صناعه أطعمه ولا أبالي الساعة
أرجو إذا أشبعت ذا المجاعة أن ألحق الأخيار والجماعة .. وأدخل الجنة لي شفاعه

فأطعموه الطعام ، ومكثوا يومهم وليلتهم لم يذوقوا شيئا إلا الماء القراح، فلما أن كان في اليوم الثاني قامت السيدة فاطمة إلى صاع من الشعير فطحنته واختبزته مثلما صنعت فى اليوم الأول وصلى الإمام علي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم أتى المنزل فوضع الطعام بين أيديهم فوقف بالباب يتيم فقال : السلام عليكم أهل بيت محمد يتيم من أولاد المهاجرين استشهد والدي يوم العقبة، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة.

فسمعه سيدنا علي فأنشأ يقول:
فاطم بنت السيد الكريم بنت نبي ليس بالزنيم
لقد أتى الله بذي اليتيم من يرحم اليوم يكن رحيم
ويدخل الجنة أي سليم قد حرم الخلد على اللئيم
ألا يجوز الصراط المستقيم يزل في النار إلى الجحيم .. شرابه الصديد والحميم

فأنشأت السيدة فاطمة - رضي الله عنها - تقول:
أطعمه اليوم ولا أبالي وأوثر الله على عيالي
أمسوا جياعا وهم أشبالي أصغرهم يقتل في القتال

فأطعموه الطعام ومكثوا يومين وليلتين لم يذوقوا شيئا إلا الماء القراح. فلما كانت في اليوم الثالث قامت إلى الصاع الباقي فطحنته واختبزته، وصلى سيدنا علي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ثم أتى المنزل، فوضع الطعام بين أيديهم، إذ أتاهم أسير فوقف بالباب فقال : السلام عليكم أهل بيت محمد أطعموني فإني أسير.

فسمعه علي رضي الله عنه، فأنشأ يقول:
فاطم يا بنت النبي أحمد بنت نبي سيد مسود
وسماه الله فهو محمد قد زانه الله بحسن أغيد
هذا أسير للنبي المهتد مثقل في غله مقيد
يشكو إلينا الجوع قد تمدد من يطعم اليوم يجده في غد
عند العلي الواحد الموحد ما يزرع الزارع سوف يحصد .. أعطيه لا تجعليه أقعد

فأنشأت السيدة فاطمة - رضي الله تعالى عنها - تقول:
لم يبق مما جاء غير صاع قد ذهبت كفي مع الذراع
ابناي والله هما جياع يا رب لا تتركهما ضياع
أبوهما للخير ذو اصطناع يصطنع المعروف بابتداع
عبل الذراعين شديد الباع وما على رأسي من قناع .. إلا قناعا نسجه انساع

فأعطوه الطعام ومكثوا ثلاثة أيام ولياليها لم يذوقوا شيئا إلا الماء القراح ، فلما أن كان في اليوم الرابع ، وقد قضى الله النذر أخذ سيدنا الحسن وسيدنا الحسين وأقبل نحو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع فلما أبصرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " يا أبا الحسن ما أشد ما يسوءني ما أرى بكم، انطلق بنا إلى ابنتي فاطمة " فانطلقوا إليها وهي في محرابها ، وقد لصق بطنها بظهرها ، وغارت عيناها من شدة الجوع ، فلما رآها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعرف المجاعة في وجهها بكى، وقال : " واغوثاه يا الله ، أهل بيت محمد يموتون جوعا ".

فهبط جبريل - عليه السلام - وقال: السلام عليك يا رسول الله ربك يقرئك السلام ويقول لك خذ هنيئا في أهل بيتك. قال : " وما آخذ يا جبريل" . فأقرأه الآيات : هل أتى على الإنسان حين من الدهر.. إلى قوله : ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا.

فهؤلاء هم أهل بيت النبوة وهذا شعارهم. الإيثار لله.