الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بدأ العد التنازلي.. ناقوس الثانوية العامة يدق أبواب المصريين

صدى البلد

يوم بدا كسابقه، استيقظت ريم من نومها واتجهت إلى مكتبها لاستذكار دروسها، تتصفح الكتاب بكل ثقة، كيف لا وقد أنهت الكتاب من الجلدة للجلدة، لا يمر الكثير حتى تمسك هاتفها المحمول وتبدأ في جولتها المعتادة بمواقع التواصل الاجتماعي، لا يقطع انسجامها سوى رسالة من إحدى صديقاتها كتب فيها: "النهاردة 8 مايو.. فاضل شهر بس"، كانت تلك الكلمات كفيلة لتجف الدم في عروق الفتاة، التي بدأت نبضات قلبها تتسارع في الثانية الواحدة، وأخذ العرق يتصبب منها توترا، لتبدأ في البكاء.


لحظة قلبت كل الموازين على الفتاة ريم، فتبدلت ثقتها بإحساس الفشل وعدم حفظها لأي من أجزاء المنهج، انقضى الكثير ولم يبق سوى بضعة أيام، شهر ويدق ناقوس الامتحانات على الأبواب، تلك الامتحانات التي يعتبرها الطلاب "بعبع" في حياتهم، عام دراسي كالكابوس يتمنون انقضاءه، واليوم استيقظ الطلاب من غفلتهم فجأة، ليكون رمضان الضيف الثقيل عليهم هذا العام.

تتزامن الامتحانات هذا العام مع خامس أيام عيد الفطر المبارك، ليقضي الطلاب عيدهم في الدروس وأمام الكتب، أما رمضان فبات الامتحان الأصعب للطلاب، ما بين شعور الإنهاك ومشقة الصيام، ومغريات شاشة التليفزيون التي ذخرت بمسلسلات وأعمال فنية ينتظرها الكثيرون بشوق من العام للعام، ليبقى الطلاب حبيسين مكاتبهم أمام الكتب في الوقت بدل الضائع.

وبعيدا عن توتر الطلاب، يعيش الأهالي اليوم أجواءً من الخوف تكاد تكون أكبر من مخاوف الأبناء، تعب شهور كاملة وسهر، إضافة لأموال طائلة تدفع يوميا في خزانة المدرسين الخصوصيين، وضعت الأسر المصرية ميزانيتها هذا العام في سبيل طالب الثانوية العامة لتوفير مناخ وأجواء ملائمة له حتى يستطيع مذاكرة دروسة بانتظام.

والدة ريم تعيش كل يوم في فزع، تحفظ مواعيد دروس ابنتها عن ظهر قلب، تستيقظ مبكرا قبلها لإيقاظها وتحرص على إطعامها جميع الوجيات الغذائية التي تضمن لها تركيزا فأثناء المذاكرة، حال ريم و والدتها لم يكن فريدا، بل هو حال طلبة الثانوية العامة وأهاليهم في مصر، الذين استعدوا طوال العام للامتحانات المصيرية التي تقرر مستقبلهم، وترسم طريق حياتهم المقبلة.

وفي أحد بيوت منطقة إمبابة، تأثرت الأسرة بالثانوية العامة، فعاشوا رمضان مقفرا جافا بعدما أخذت الثانوية العامة من طاقتهم ومالهم ما أخذت فلم يبق الكثير لهم، اعتادت الأب كل عام على شراء فانوس كبير للأسرة، وكرتونة رمضان التي تضم جميع أنواع المكسرات والتمور والفسدق المحبب لأطفاله، ولكن اليوم، لم يعد بإمكانه ولا في قدرته شراءها، فكل جنيه يدخل جيبه يخرج مرة أخرى لابنه الذي يطمح لأي يصبح طبيبا ويحقق أمنية الأب التي لم تكتمل.