الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تعرف على أهم ريمونتادا في التاريخ.. 8 آلاف مسلم هزموا 80 ألف فارسي في موقعة البويب

صدى البلد

انتشرت في الآونة الأخيرة كلمة "ريمونتادا" الإسبانية، ومعناها العودة أقوى مما كنت، وهو مصطلح ظهر مؤخرا في الملاعب العالمية، خاصة بعد هزيمة برشلونة لفريق باريس سان جيرمان ٦/١ بعد أن كان متأخرا في الذهاب ٤ /صفر في ملعب حديقة الأمراء بباريس، وهذا المعنى لاقى قبولا في الأوساط الشبابية.

ويزخر التاريخ بأحداث كثيرة ينطبق عليها معنى ريمونتادا، وهو ما كشفه لنا الدكتور إبراهيم العسال، أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة قرطبة وعضو الفريق العلمي للتراث الثقافي بالاتحاد الأندلسي في إسبانيا، حيث قال لـ "صدى البلد"، إن أهم ريمونتادا في التاريخ حدثت في موقعة البويب، وكان بطلها المثنى بن حارثة، وذلك في رمضان ١٣ هجرية، عندما قلب الهزيمة المذلة في موقعة الجسر إلى انتصار مهيب في البويب بالعراق، وكان لقاء الذهاب في موقعة الجسر يوم ٢٣ شعبان سنة ١٣ هجري على الملعب الذي اختاره الفرس.

وقال إن عبيد الله الثقفي، قائد المسلمين، آنذاك وعبر الجسر على ضفاف الفرات، رغم رفض كبار القادة والذي طلب منه عمر استشارتهم ولم يلتزم، كما أنه خالف أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لما قال: "لا يعبر المسلمون جسرا أو نهرا إلا بعد ظفر".

وأضاف أن النتيجة كانت قاسية، حيث قُتل ٤ آلاف جندي من جيش المسلمين، وهو العدد الذي لم يحدث في تاريخهم منذ أول المعارك في يوم بدر المشهود، والذي ساعد على زيادة الخسائر هدم الجسر وهذا كان خطأ آخر من القيادة، لأنه وضع المسلمين في كماشة الفرس.

واستطاع القائد الفذ المثنى بن حارثة أن يتسلم الراية ويقوم بإعادة بناء الجسر ويقود البقية - وكانوا حوالي ٣ آلاف مقاتل-  للانسحاب حفاظا على الأرواح الباقية من جيش المسلمين، ولملم المثنى أوراقه وتواصل مع القيادة العامة في المدينة، وحشد له أمير المؤمنين الناس وقام لأول مرة بسياسة وصفها المؤرخون بـ"التحشيد القبلي"، بإرسال مقاتلي القبيلة بأكملها، وكانت البداية مع قبيلة "بجيلة" -وكانت متفرقة بين القبائل- وذلك بناءً على طلب كبيرهم الصحابي الجليل "جرير بن عبد الله البجلي".

وأوضح العسال أن تلك القبيلة صارت عماد الجيوش الإسلامية بالعراق، وبذلك استطاع الخليفة عمر بن الخطاب أن يسد الفراغ الناشئ بعد الهزيمة الطارئة بمعركة الجسر، كما واجه المثنى بن حارثة مشكلة النفسية السيئة التي يمر بها المسلمون الذين انسحبوا معه يوم الجسر، لأنهم يخافون أن يكونوا ممن يفرون يوم الزحف رغم نفي عمر والمثني لهم ذلك مرارا.

وأكد أنه في المقابل علم الفرس المنتشين بعد الانتصار الساحق باستعدادات المثنى، فجهزوا جيشا جرارا من مائة ألف فارسي، ليقضوا على المسلمين بالعراق نهائيا وكانوا بقيادة مهران بن باذان، وتجهز الجيش بقيادة مهران وبتخطيط رستم، كما أرسل الفيلة التي كانت سبب انتصارهم، بينما المثني كان أقصى قوة وصلها ٨ آلاف مقاتل واستعد الطرفان للقاء العودة.

وقال العسال إن لقاء العودة كان في ١٢ رمضان سنة ١٣ هجرية، أي بعد حوالي 18 يوما فقط من لقاء الذهاب، واستفاد المثنى من الأخطاء السابقة واختار هو الملعب، وكان "البويب" غرب نهر الفرات ولم يعبر الجسر، وأجبر الفرس على العبور وأعد خطة عسكرية محكمة، لأنه كان قد تعلم فنون الحرب من العبقري الفذ خالد بن الوليد.

وأضاف أن المثنى ورجاله وعددهم ٨ آلاف فقط استطاعوا القضاء على ٨٠ ألفا من القوات الفارسية حسب تقدير المؤرخين، أي أن كل جندي في جيش المثنى قتل عشرة من القوات الفارسية، ولهذا يعرف هذا اليوم بـ"الأعشار"، وحتى تكون الهزيمة ساحقة هدم المثنى الجسر ليقطع على الفرس العودة والهروب.