الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

يوسف إدوارد يكتب: الاستقواء بالخارج ووسطاء الاستضعاف

صدى البلد

خلال مشاركتي مع مجموعة من الشباب العربي لنكون جزءًا من برنامج الزائر الدولي للولايات المتحدة الأمريكية، وهو برنامج تقوم به الحكومة الأمريكية كل عام في عدة مجالات مختلفة لتبادل الخبرات مع القيادات الشابة من مختلف أنحاء العالم، بهدف التعرف على طبيعة الحريات الدينية وإدارة التنوع داخل المجتمعات الأمريكية من خلال زيارات أغلب المؤسسات المعنية بالحرية الدينية وإدارة التنوع، وأثناء زيارتي لوزارة الخارجية ومفوضية الحريات الدينية بواشنطن تم الحوار مع مسؤولين ملفات الشرق الأوسط وتحديدا مصر وأدركت أنهم متابعون بشكل جيد جدا أغلب القضايا والأحداث في مصر وهذا ما جعلني أتأكد من أن كل محاولات التدخل في الشأن المصري من الخارج مبنية على مصالح الدول وأهدافها وليس للدفاع عن قضايا الداخل مهما ظهر عكس ذلك. حاملة شعار حماية القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان في الداخل وفي العالم. فنفس هذه الدول التي تستثمر في حقوق الإنسان؛ تعمل على الاستثمار فيما يسمى بـ "الاستقرار"!.


كما يحدث أحيانا من بعض الشخصيات العامة والكتاب والمفكرين من الداخل ان يستغلون قضايا معينة تتعلق بحقوق الإنسان أو الطائفية، ويبدأ في الدفاع عنها فيكتسب شهرة وتأييدا كبيرا من مواطنين الخارج بتعبئة الرأي العام في اتجاه دعم مثل هذه القضايا من خلال الكتابات الصحفية أو التصريحات الإعلامية الرنانة، ومن خلال هذه الشهرة الكبيرة يكون قد أصبح ممثل عن الآخر في قضاياه الطائفية! وهذا بالتالي يضعف القيمة والمعنى للقضايا الحقوقية والطائفية أي يحولها إلى سلعة لأنه يؤكد لفكرة أن التوترات الطائفية التي تشهدها المجتمعات ناتجة عن احتضانها تنوّعًا دينيًا وعرقيًا واسعًا، وليس نتيجة حركة وفكر المتطرّفين في المجتمع؛ وطبيعة هذا المناخ المجتمعي يأصل لثقافة التمثيل الطائفي التي هيمنت على الحياة السياسية بدلًا من دعم التمثيل الطبيعي للمواطنين، مما يؤدي إلى ضعف قيمة بناء هويّة وطنية مشتركة، في مقابل الاستثمار في التجييش الطائفي السياسي وبالتالي الى العنف المجتمعي غالبا.


أتصور انه حتى الآن لم تحقق معظم القوى والجماعات أو التنظيمات التي تستعين بالخارج وتستقوي به على الإرادة الداخلية لمجتمعاتها السياسية أي إنجازات ملموسة وواقعية، وفي الحقيقة لم تعكس بالفعل فهمها أو حتى رؤيتها للمصالح الحقيقية لمجتمعاتها بقدر ما تجعل تلك الملفات مفتوحة على الدوام لا لشيء سوي أن تظل أداة للتنمر بعض الأحيان أو لتحقيق خريطة مصالح فردية غالبا وجماعية أحيانا دون فاعلية حقيقية للضغط على الحكومات من أجل قضايا إنسانية. لتظل لغة الاستقواء بالخارج حبيسة إطار محدد لا تخرج عنه. وكأن المقصود أن تكون لغة غير فعالة تستخدم ألفاظ إدانة واستنكار ومناشدات فاترة؛ مما يضعف تأثيرها. كما أن لهذه اللغة استعمال آخر يفصل بين من يعاني المشكلة وبين من يعملون لأجله. يقوم بيها الوسيط بمواجهة المشكلة ويعبر عنها بأسلوبه ولغته؛ فتفقد دورها السوي وتفقد وظيفتها لتصبح معيارية.


وببساطة شديدة ان من صميم مسؤولية النخبة و قادة الفكر داخل المجتمع المصري الاجتهاد لنشر وتأصيل قيمة و مبدأ المواطنة داخل المجتمع المصري لتحقيق العدالة الاجتماعية وأيضا التعبير عن الانتماء إلى الوطن، والارتباط الوثيق به وبتراثه وقيمه وتاريخه وثقافته ومقدساته، حتى تصبح من الأولويات؛ ويشمل الاهتمام أيضا منظومة قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان ودولة المؤسسات، لتصبح بعد ذلك من صلب أيديولوجية العديد من الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني عملا وانشغالا فكريا وحتى أكاديميا للعديد من الباحثين والخبراء في العلوم السياسية والقانونية والاجتماعية.