الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قرقاش يعلن خطة الإمارات لحل الأزمة الليبية.. واستراتيجية الشرق الأوسط الجديدة

وزير الدولة الإماراتي
وزير الدولة الإماراتي للشئون الخارجية أنور قرقاش

كتب وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، الدكتور أنور قرقاش، اليوم الأحد، مقالا بصحيفة "Le Journal du Dimanche" الفرنسية الأسبوعية، تحدث خلاله عن الحل الإماراتي للأزمة الليبية.

وقال قرقاش في مقاله إنه: إذ تعلمنا أي شئ عن الشرق الأوسط الحديث، فسيكون أن المنطقة نادرا ما تسير في الاتجاه الصحيح عندما يتعلق الأمر بالتحولات السياسية والثورات، وفي أغلب الأحيان، يتفوق العنف على التحولات السلمية للسلطة. تنهار الدول الهشة وتتحول إلى دول فاشلة، وتكتسب الجهات الأكثر عنفا مثل داعش والقاعدة أرضا مثل إيران، التي تلعب دورًا تخريبيًا في المنطقة. في هذا المشهد القاتم، قمنا في دولة الإمارات العربية المتحدة برسم مسار آخر.

وأضاف: حقق نظام حكمنا الاستقرار والازدهار لمواطنينا، على بعد بضعة أميال من الثيوقراطية (الفاشية الدينية) الإيرانية التي عفا عليها الزمن. نحن نستعد لإطلاق مسبار إلى المريخ العام المقبل. وإدراكًا منا أن نمونا الاقتصادي المستمر يحتاج إلى أسس مستقرة، في شكل سكان راضين وحكم القانون، فقد صممنا نموذج الحكومة الأكثر تقدمًا ونجاحًا في المنطقة. ومع ذلك، فإن الاستقرار الداخلي لا يكفي، كما شهدنا مع الحادث الأخير في مياهنا الإقليمية قبالة ميناء الفجيرة. لقد طالبنا بوقف التصعيد، تصرفنا بمسؤولية للحفاظ على السلام والأمن خارج حدودنا، وهو تحد صعب.

وتابع: لن يضمن أي بلد خارجي الأمن الإقليمي ، كما فعلت بريطانيا من قبل ، وكما فعلت الولايات المتحدة حتى وقت قريب. لابد أن ننهض، وها نحن لدينا أعلى نسبة مساعدات على مستوى العالم من دخلنا القومي، وذلك لتحقيق الاستقرار في الاقتصادات، في مصر والصومال وغيرها، والاستثمار في جميع أنحاء أفريقيا وآسيا؛ وتسهيل الوسائل الدبلوماسية بين إثيوبيا وإريتريا والهند وباكستان.

وواصل: قدمت الإمارات تضحيات لدعم الحكومة الشرعية في اليمن ضد المتشددين الحوثيين من جهة والقاعدة وداعش من ناحية أخرى. وقد تبرعنا بسخاء للسودان، الذي أطلق العنان لحكومة الإخوان المسلمين التي تجمع بين الإيديولوجية المتطرفة والحكم العسكري.

وأكد أن ليبيا تتصدر جدول أعمالنا في الوقت الحالي، حيث إن أوروبا والإمارات العربية المتحدة ودول إقليمية متشابهة التفكير لديها مصلحة مشتركة. لا أوروبا ولا شمال إفريقيا، حتى مصر، أكبر دولة عربية مأهولة بالسكان، قادرة على تحمل تكلفة دولة فاشلة على عتبات أبوابها. أدت الفوضى في ليبيا بالفعل إلى عودة ظهور تنظيم القاعدة وداعش في العاصمة طرابلس. إذا استمرت هذه الفوضى، فقد تكون معدية بطرق يصعب التنبؤ بها.

في حالة عدم وجود حكومة مركزية فعالة، وحيث لا يمكن الوثوق دائمًا بالجماعات المسلحة المحلية، يجب أن تستمر الحرب ضد الإرهاب؛ يجب العثور على أفضل الشركاء لتحقيق لذلك، واختباره من خلال التجربة. ومع ذلك، يجب أن يكون كل هذا خاضعًا للهدف الأكثر أهمية للجميع، وهو تحقيق تسوية سياسية دائمة وسلمية.

لذلك نحن من أشد المؤيدين لعمل غسان سلامة، مبعوث الأمم المتحدة في ليبيا، والبحث عن حل سياسي لأزمة البلاد المستمرة منذ ثماني سنوات. في فبراير، توسطنا في اتفاق بين الأطراف الليبية المتحاربة، واستضاف كل من الزعيم السياسي في طرابلس فايز السراج وقائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر في أبو ظبي. ومما يؤسف له أن الميليشيات المتطرفة في طرابلس خرجت على هذا الاتفاق في وقت لاحق في محاولة للسيطرة على مستقبل ليبيا، فيما اتحدت وجماعات إسلامية وجهادية لدعم السراج. لقد أثار هذا ، كما أعلن جان إيف لو دريان (وزير الخارجية الفرنسي) مؤخرًا، السؤال عن "الموقف الغامض لبعض جماعات الإسلام السياسي مع الجهاديين".

إن حل الأزمة الحالية واضح بما فيه الكفاية: الوقف الفوري للتصعيد، والعودة إلى العملية التي تقودها الأمم المتحدة، والتي تؤدي إلى انتخابات سلمية وذات مصداقية. من يفوز في هذه الانتخابات يجب أن يكون قادرًا على توحيد البلاد، ومكافحة الجماعات الإرهابية بحزم، وإعادة تنمية الاقتصاد المدمر. في الشرق الأوسط، لا توجد قرارات سهلة. غالبًا ما نواجه "الأسوأ" من الخيارات الصعبة، وهي خيارات ليست دائمًا كما يرغب المعلقون الغربيون تمامًا.

لكن الواقع الجديد هو أن الدول العربية تتحمل مسؤولية أكبر تجاه أمنها وأمن المنطقة. ستعمل دولة الإمارات العربية المتحدة دائمًا بنوايا حسنة ومع شركاء متشابهين في التفكير مثل فرنسا لحماية مصالح المنطقة وسكانها. والمصلحة الرئيسية هي الاستقرار والتحولات المنظمة. كل شيء آخر مثل النمو الاقتصادي والتسامح الديني وتحسين الحكم لا يمكن أن يحدث بدونهما.