يحيي عبد القادر يكتب: رحيل إنســـان

ولد فقيدنا الراحل عام 1953 وتدرج فى المراحل الدراسية حتى حصل على بكالوريوس الهندسة الميكانيكية من جامعة الأزهر الشريف. لكن " إذا كانت النفوس كبارا تعبت فى مرادها الأجسام " فسرعان ما عقد العزم على استكمال مسيرته العلمية حيث التحق بأفضل معاهد علوم التقنية فى العالم ألا وهو معهد M.I.T بولاية ماساتشوسيتس بالولايات المتحدة الأمريكية. حصل على درجة الدكتوراه فى العلوم الهندسية عام 1981 مما أهله للالتحاق بواحدة من أكبر المؤسسات الأمريكية المتخصصة فى منتجات الحماية المنزلية Johnson Wax حيث تدرج فى أقسامها حتى شغل مناصب هامة فى العواصم الدولية بكل من قبرص ولندن وأمريكا لمدة ستة أعوام ثم انتقل للعمل مديرا تنفيذيا فى كل من كينيا والمغرب.

قرر الاستقرار فى مصر عام 1986 حيث افتتح مؤسسة ( Unipro ) التى تخصصت فى إنتاج المبيدات والمنظفات المنزلية عالية الجودة. وإلى جانب مسيرته العملية والعلمية كان من عشاق رياضة السباحة حيث أحرز عدة بطولات فى نادى هليوبوليس وقام بتشجيع الأبناء على ممارسة السباحة والأنشطة الرياضية المختلفة والتفوق فيها.

مارس العمل الاجتماعى من خلال عضويته بنادى الروتارى حتى أصبح رئيسا لنادى (روتارى العروبة) فى ضاحية مصر الجديدة. كانت التنمية ونشر المعرفة والتقنية هى هاجسه الأكبر مما حفزه للمساهمة فى تشييد مدرسة ابتدائية للأطفال فى مدينة أسوان لرعاية أطفال مصر وتنمية قدراتهم الفنية والمعرفية.

وعلى المستوى الإقليمى استعانت به دولة الكويت فى إرساء قواعد ومناهج التعليم الفنى وتطوير التدريب المهنى وهى مهمة أداها بنجاح ملحوظ. كما شارك د. حسين الجمال فى إدارة صندوق التنمية الاجتماعية الذى انبثق عن برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى تعهده الراحل د. عاطف صدقى فى ثمانينات القرن الماضى وذلك بالتعاون مع وزارة الصناعة وبدعم من العديد من الهيئات المانحة والمنظمات الدولية والإقليمية. 

من المعروف أن صندوق التنمية الاجتماعية أرسى قواعد التنمية لتعزيز المشروعات المتوسطة والصغيرة ودعم قدرات رواد الأعمال من الشباب والسيدات فى مصر والشرق الأوسط. وقد حقق الصندوق فى هذا المضمار نجاحا مبهرا حفز العديد من الدول النامية على محاكاة التجربة المصرية فى التنمية الاقتصادية وتعزيز القدرات المجتمعية لأبناء الوطن.

اكتسب د. درويش عضوية مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية مما دفع الاتحاد الأوروبى والحكومة المصرية فى عام 2005 لدعوته لإدارة المشروعات الممولة فى إطار شراكة الاتحاد الأوروبى والحكومة المصرية وذلك من خلال برامج دعم وإصلاح التعليم الفنى والتدريب المهنى والتى عرفت ببرامج TVET1, TVET2. وتشرف وزارة التجارة والصناعة على تنفيذ حزمة من برامج تطوير التعليم الفنى ودعم التدريب المهنى فى قطاعات حيوية لتعزيز الاقتصاد المصرى والتنمية الاجتماعية مثل البناء والتشييد، والصناعة والزراعة المتطورة والطاقة المتجددة والملابس الجاهزة وصناعة الخدمات السياحية وكذلك الحاسبات وتقنية الاتصالات. هذا إلى جانب قطاعات تقنية حديثة يتم تطويرها وفقا لإستراتيجية التنمية الاقتصادية ورؤية مصر الشاملة حتى عام 2030.

أدار د. درويش فريق الخبراء الدوليين والباحثين الوطنيين بجدارة عالية وامتياز ملحوظ نظرا للقدرات الفنية التى يتمتع بها إلى جانب علاقاته الإنسانية المرنة وخبرته الإدارية التى دفعت الحكومة المصرية لتأسيس وزارة للتعليم الفنى التى تطورت فيما بعد لتمثل قطاعا حيويا فى وزارة التربية والتعليم لمتابعة تنفيذ برامج .

التقيت مع يوسف أصغر أبناء د. درويش الذى يؤدى الخدمة العسكرية حاليا بالقوات المسلحة المصرية بعد أن حصل على بكالوريوس الإدارة من مدرسة لندن للعلوم الاقتصادية والذى حكى لى كيف أن والده حفزه على تعلم العزف على العود الذى أتقنه من خلال المشاركة فى برامج التدريب على عزف العود التى نظمتها دار الأوبرا المصرية فى (بيت العود) وتحت اشراف الموسيقار العراقى الشهير (نصير شمة). 

يقوم عمر وهو الابن الأوسط بإدارة شئون مؤسسة Unipro كما التقيت بالابن الأكبر باسم الذى صاحب الفقيد الراحل خلال رحلة العلاج الأخيرة وهو يتولى حاليا رعاية شئون الأسرة والتواصل مع اصدقاء د. درويش ومعارفه فى مصر والعالم العربى ورفاقه من الخبراء الدوليين. رحم الله د. أحمد يونس درويش وأسكنه فسيح جناته ونفعنا بعلمه وتراثه فى علوم الإدارة والتنمية المجتمعية فأنت خير الراحمين. آمين.