الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الشيخ عبدالرحمن عبدالصادق يكتب: الصيام سبيل العلم والتعلم

صدى البلد

يُمثل الصيام مدرسة تربوية متعددة الجوانب: علمية، وأخلاقية، وسلوكية، وإيمانية، واجتماعية ...، وقد كان من أهم الجوانب التي أولاها الصيام عناية ورعاية قيمة العلم والتعلم، تلكم القيمة التي حرص على غرسها في نفوس الصائمين، وتنميتها في قلوب المؤمنين.

وعندما نتأمل – أخي القارئ - مدرسة الصيام، نجد أنها سبيل حقيقي للعلم واليقين؛ وذلك لأن الصيام بما يمثله من تهذيب للنفوس، وصفاء للأرواح، يتيح للنفس الإنسانية فرصة التأمل والتفكر والنظر في بديع خلق السماوات والأرض وما بث الله فيهما من الآيات الباهرة الظاهرة، ومن ثم يملأ تلكم التفكر القلب باليقين في قدرة الباري - عز وجل - وعلمه وحكمته.

وجدير بالذكر أن سيد المرسلين - صَل الله عليه وسلم – قد أكد هذا المعنى في قوله: "لولا أن الشياطين يحمون على قلوب بني آدم لنظروا في ملكوت السماوات". (أخرجه الإمام أحمد في مسنده).

ولا شك أن الصيام يمثل حربًا ضارية على الشياطين والأهواء والشهوات التي تحول بين أنوار الآيات الكونية والقرآنية وبين قلوب بني آدم، بما يمكن الصائم من التأمل للوصول إلى أعلى مراتب العلم واليقين. 

كما أن الصيام سبيل العلم بمعاني يصعب على النفس استيعابها لولا دخول مدرسة الصيام، فنستطيع – مثلًا - أن ندرك لمحة يسيرة جدًا من معاني الصمدية التي هي من صفات الله -سبحانه وتعالى – "اللَّهُ الصَّمَدُ" أي تنزه سبحانه عن مشابهة المخلوقات، فهو سبحانه "يُطعِم ولا يُطعَم" كما يمكن أن نقف على عظمة الملأ الأعلى من الملائكة المقربين، حيث لا يأكلون ولا يشربون.

كما أننا نستطيع أن نصل إلى إدراك جانب من عظمته -صلى الله عليه وسلم - وأنه في بشريته ليس كسائر البشر، وإنما هو -صَلَّى الله عليه وسلم - سماء ما طاولتها سماء، حيث واصل في صيامه، فواصل جماعة من صحابته الكرام فشق ذلك عليهم، فأرشدهم بقوله : " إني لست مثلُكم، إني أظل يطعمني ربي ويسقين "(أخرجه البخاري في صحيحه)، ذلك أن الأرواح لها من الأغذية الإيمانية ، ما يصل معه الى الاستغناء عن أقوات البدن.

نعم الصيام طريق الدرس والتعلم، حيث ينظِّم الصوم أوقاتَ المسلم، فيمسك في وقت محدد ويفطر كذلك، بما يؤدي بدوره إلي انتظام وظائف الجسم أيضا، فيقبل الطالب على مذاكرته صاف الذهن، سليم العقل من الشواغل، فبذلك يستوعب مواده، وكثيرًا ما استعان العلماء والمفكرون على استلهام الأفكار المبتكرة واللطائف المُستَكِنَّة برياضة الصوم، ومما أُثر عنهم في ذم البطنة، والتنفير من التخمة: ( إذا امتلات المعدة نامت الفكرة )، ومن ثَم فلا سبيل لتعليق التكاسل الذي يقع فيه البعض من الطلاب على شماعة الصيام، بل الصيام سبيل العلم والتعلم واليقين والتفكر، وسبيل إلى كافَّة المعالي.