الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

صفقة القرن محكومة بالفشل.. حنان عشراوي تكتب لـ نيوزويك: فريق ترامب للسلام يصنع مهزلة.. كوشنر استعماري عنصري برؤية جوفاء.. والشعب الفلسطيني لا يتسول الإحسان

دونالد ترامب وبنيامين
دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو وجاريد كوشنر

  • الإدارة الأمريكية متحالفة مع أكثر الساسة الإسرائيليين تطرفًا ويمينية
  • كوشنر وترامب جاهلان بالقانون وكارهان للحقائق
  • ورشة البحرين مبنية على منطق معيب وتهدف لدمج إسرائيل في المنطقة
  • مبعوث ترامب للسلام يجهر علنًا بولائه لإسرائيل

منذ البداية، كان من قبيل المهزلة أن تتولى مجموعة من الرجال ذوي الصلات الشخصية بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإسرائيل مهمة صياغة خطة سلام للشرق الأوسط، دون أن تكون لديهم أدنى فكرة عن السياسة الدولية أو القانون الدولي أو حقوق الإنسان.. بهذه المقدمة، افتتحت حنان عشراوي، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية مقالًا نشرته بمجلة "نيوزويك" الأمريكية.

وأضافت أن هذه التركيبة القاتلة من الأصولية الدينية والتحيز القومي والاستثمار في الاحتلال الإسرائيلي والرؤى المنحازة لليمين الإسرائيلي المتشدد، ليست أهلًا للثقة المطلوبة لتحمل مسئولية بجسامة صنع السلام، فضلًا عن قيادة عملية سياسية جديرة بالثقة تتطلب التحلي بصفات النزاهة والاحترام.

وضربت عشراوي مثالًا بجاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومستشاره، واصفة إياه بالسياسي المبتدئ الذي يقود فريق ترامب للسلام في الشرق الأوسط، بينما هو واجهة هذه المجموعة غير الكفؤة ولا المسئولة.

وأوضحت عشراوي أن كوشنر عضو بمؤسسة دعمت ومولت الجيش الإسرائيلي، وتمول المنظمة الخيرية التابعة لعائلته بناء المستوطنات غير الشرعية في بيت إيل قرب رام الله بالضفة الغربية. أما السفير الأمريكي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان، فكان رئيس منظمة "أصدقاء أمريكيون لبيت إيل".

وما يضاعف من جرعة العبثية في المشهد أن محامي ترامب السابق جيسون جرينبلات، بولائه المعلن لإسرائيل، هو مبعوثه للسلام في الشرق الأوسط.

ويجسد هذا الفريق قطيعة واضحة مع سياسة أمريكية قديمة وثابتة، حافظت عليها حتى أكثر الإدارات الأمريكية السابقة تحيزًا ضد الفلسطينيين. وقد وجد كوشنر ممن قدرة على التبجح ما سمح له بالقول إن الفلسطينيين يتمتعون بحق تقرير المصير، لكنه ليس متأكدًا مما إذا كانوا قادرين على حكم أنفسهم، وهو تصريح ينم عن نزعة استعمارية كريهة.

وأضافت عشراوي أن فريق ترامب للسلام يبدو وكأنه عالق في الحقبة الاستعمارية، عندما كان يتم تبرير إخضاع شعوب أخرى بادعاءات عنصرية من قبيل أنها غير قادرة على حكم نفسها، وأنها يجب أن تكون ممتنة لعطايا أسيادها، وعليها أن تثبت استحقاقها للتمتع بالحرية وحقوق الإنسان.

وتابعت عشراوي أن حقوق الإنسان عالمية ومطلقة وغير مشروطة أو قابلة للمساومة ويجب التمتع بها في مواجهة الجميع بمقتضى القانون الدولي، أي أن جميع الدول دون استثناء مطالبة بالاعتراف بها.

وفي حالة فلسطين، فقد اعترف المجتمع الدولي مرارًا وبشكل لا لبس فيه بهذه الحقوق للشعب الفلسطيني منذ عقود، لكن كوشنر يبدو مثل حميّه ترامب، جاهل بالقانون وكاره للحقائق.

وانطلاقًا من فرضية أن الولايات المتحدة لديها الحق أو المكانة التي تسمح لها بفرض شروط مقابل تمتع الفلسطينيين بحق تقرير المصير، يكشر كوشنر عن وجه الإدارة الأمريكية التي تحابي إسرائيل وتكافئها، بينما تقصي الفلسطينيين وتتنمر لهم.

وقالت عشراوي إن الاعتراف الأمريكي الأحادي وغير القانوني بشرعية ضم إسرائيل للقدس لم يكن سوى حلقة أولى في سلسلة من القرارات السياسية والمالية العدائية وغير المسئولة، استهدفت إخضاع الفلسطينيين وإجبارهم على الاستسلام.

وأعقب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل إغلاق مكتب التمثيل الفلسطيني في واشنطن والقنصلية العامة الأمريكية في القدس، التي خدمت العلاقات الأمريمية الفلسطينية منذ 1844، ووقف تمويل منظمات المجتمع المدني الفلسطيني والمشافي والبنية التحتية ووكالة الأونروا التي تخدم أكثر من 5 ملايين لاجئ فلسطيني، وكل ذلك بناءًا على نصائح "فريق السلام".

وأوضحت عشراوي أن ورشة البحرين، المزمع إطلاقها أواخر الشهر الحالي لطرح مقترحات اقتصادية لتحسين حياة الفلسطينيين، مبنية على منطق معيب، وتهدف إلى دمج إسرائيل في المنطقة، بينما تتجاهل السياق السياسي والقانوني للاحتلال الذي يحرم الفلسطينيين من إمكانياتهم الاقتصادية وحقوقهم السياسية.

لقد تحالفت الإدارة الأمريكية مع أكثر الساسة الإسرائيليين تطرفًا وعنصرية ويمينية، وأمسى الخطاب السياسي الإسرائيلي ساحة منافسة بين اليمين الديني المتطرف واليمين العلماني المتطرف حول من الأقدر على إلحاق مزيد من الألم بالشعب الفلسطيني وضم المزيد من الأراضي الفلسطينية.

وبالرغم من أن التاريخ أثبت فشل هذه النوازع العنصرية الاستعمارية، وجب القول إن رؤية كوشنر الجوفاء قصيرة النظر تهدد بإفشال أي جهود صادقة لصنع السلام في المستقبل.

وختمت عشراوي بالقول إن كوشنر يرتكب خطأ جسيمًا بفهمه المغلوط للموقف، فالشعب الفلسطيني لا يتسول الإحسان أو يتوسل لتحسين شروط العبودية، وإنما يتطلع للاعتراف بحقه الطبيعي وغير القابل للمصادرة في تقرير مصيره وحريته وسيادته وكرامته، وكلها أمور لا تتوقف على موافقة كوشنر أو سماح الإدارة الأمريكية.